السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قطوف

قطوف
30 سبتمبر 2008 02:12
أجاويد العرب.. اجتمع في وقت واحد ثلاثة اعتبرهم الناس أجود العرب في عصرهم وهم عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، وقيس بن سعد بن عبادة الخزرجي، وعرابة الأوسي· روى الوطواط في (غرر الخصائص) وصاحب (ثمرات الأوراق) أن قوما اجتمعوا فذكروا الجود والأجاويد فذكروا أولئك الثلاثة، ثم اختلفوا حولهم أيهم أكثر جوداً فقال قائلهم: فلنبعث ثلاثة منا كل واحد يذهب إلى واحد منهم لنحكم على جودهم· فتوجه أحدهم إلى عبدالله بن جعفر فوجده يهم بالسفر وقد وضع إحدى قدميه في الركاب فقال له: أيها الأمير أنا ابن سبيل نفد مالي وزادي فنزل عبدالله وقال إليك هذا الفرس بما عليه، ولكن احرص على السيف فإنه من سيوف الإمام علي بن أبي طالب· فركب الرجل الفرس ووجد عليه ثياباً فاخرة وفيها صرة بها أربعة آلاف دينار· فذهب بهذه الأشياء على صحبه وذهب الثاني إلى قيس بن سعد فطرق بيته فخرجت له جارية أخبرته أن الأمير نائم· وقالت له قل حاجتك فإن كانت هينة قضيناها وإن لم تكن كذلك أيقظنا الأمير· فقال لها إنه ابن سبيل نفد زاده وماله، فقالت إن حاجتك أهون من أن نوقظ لها الأمير! ودخلت ثم أتت له بصرة فيها سبعمائة دينار وأقسمت له أن بيت قيس ما فيه غيرها من المال ثم قالت واذهب إلى معاطن إبلنا فخذ راحلة وما يصحبها وخذ معك عبدا، فأخذ ذلك وذهب به لقومه ولما استيقظ قيس وأخبرته الخادمة بذلك فرح وأعتقها مكافأة لها على كرمها· وذهب الثالث إلى عرابة فوجده يقصد المسجد متوكئا على عبدين له وقد أسن وكف بصره فقال له إنه ابن سبيل نفد زاده وماله، فقال عرابة: أواه أواه! ما تركت الحقوق لعرابة مالا، ولكن إليك هذين العبدين فاستحيا الرجل وقال ما كنت لأقص جناحيك، قال عرابة هما عتيقا إن لم تأخذهما فإما أن تأخذهما وإما أن تعتقهما، فأخذهما وانقلب إلى قومه فقضوا أن الثلاثة أجود أهل زمانهم ولكن أجودهم عرابة لأنه جاد بكل ما عنده· يعرف نفسه روى صاحب خزانة الأدب أن عبدالله بن عباس كان متوجهاً إلى معاوية فصادفه وغلامه مطر شديد فرأى بيتاً متواضعاً وأمامه رجل أشعل ناراً فسلم فقال الرجل لعبيد الله أنخ وتفضل، ثم دخل الرجل إلى زوجته فقال لها إليّ بالشاة لأذبحها فإن الضيف يبدو أن أنه من أكابر العرب فإن يكن من مضر فهو من قريش وإن يكن من اليمن فهو من بني آكل المرار، فقالت إن هذه الشاة يعيش صغاري على لبنها وليس لدينا غيرها وأخاف عليهم، فقال إن موتهم أهون عندي من أن أكون لئيماً ولا أقوم بحق ضيفي وأخذ الشفرة وهو يقول: قربتي لا توقظي بنيه إن يوقظوا ينسحبوا عليه وينزعوا الشفرة من يديه أبغض هذا أن يرى لديه وذبح الشاة فعشى ضيفيه منها وفي اليوم التالي تغديا منها ثم أراد عبيد الله أن يستأنف سيره فقال لغلامه أعط هذا الشيخ كل ما معك من نفقتنا، قال الغلام: أيها الأمير إننا إن أعطيناه عشرة أضعاف ثمن الشاة لفرح بها كثيراً وأرضته، كما أنه لا يعرفك· فقال: إن كان يرضيه القليل فأنا لا يرضيني إلا الكثير، وإن كان لا يعرفني فأنا أعرف نفسي· ففعل الخدم ما أمر به· وذهب عبيد الله إلى معاوية وعند عودته قال لغلامه نود أن مر على ذلك الرجل مرة أخرى فلما وصلا إليه إذا رجل سري عنده دخان كثير وإبل وأغنام وخير وافر، فسلم عليه عبيد الله وقال له: هل تعرفني؟ قال لا· قال أنا ضيفك الذي ذبحت لنا شاتك، فقبل الرجل رأسه ويده وقال لقد أنشدت بعض الأبيات فاسمعها: توسمته لما رأيت مهابة عليه وقلت المرء من آل هاشم وإلا فمن آل المرار فإنهم ملوك عظام من كرام أعاظم فقمت إلى عنز بقية أعنز لأذبحها فعل امرئ غير نادم فعوضني عنها غناي ولم تكن تعادل عنزي غير بعض دراهم فقلت لأهلي في الخلاء وصبيتي أحقا أرى أم تلك أحلام نائم فضحك عبيد الله وقال لقد أعطيتنا أكثر مما أخذت منا، وأمر له بمثل المبلغ الأول· فلما علم معاوية قال: لله در عبيد الله! من أي بيضة خرج، وفي أي عش درج!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©