السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يموت ولا يتزوج بأخرى!

يموت ولا يتزوج بأخرى!
25 ابريل 2013 20:50
أحمد محمد (القاهرة) - قامت الدنيا ولم تقعد في المدينة الكبيرة فور انتشار خبر اختفاء رجل الأعمال المشهور، فقد أخبرت زوجته إخوته وهم من أصحاب السطوة والمال والنفوذ، فأرسلوا رجالهم يبحثون عنه في كل مكان يتوقعون أن يكون فيه وتصل إليه أقدامهم، جابوا الحضر ومناطق الريف والأحراش، مروا على جميع الأماكن التي يذهب إليها أو يعمل بها أو له فيها أصدقاء، لكن كل هذه الجهود لم تأت بأي خبر ولا معلومة واحدة، بدأوا يبحثون في اتجاه آخر، ربما يكون قد اختطف، وفي هذا الافتراض هناك احتمالان، إما أن يكون مختطفاً من أجل فدية، وإما بسبب خلافات مالية مع الذين يتعامل معهم، وحتى البحث في هذا الجانب لم يأت بجديد. خابت مساعي أخوته وفشلوا في العثور عليه، وقد كانوا حريصين على سمعة العائلة وإنهاء الموضوع في طي الكتمان وأياً كان سبب الاختفاء، فإنهم مستعدون لدفع أي مبلغ مهما كان، فالأموال لا تهم لأنهم أثرياء، وهذا هو الذي يجعلهم يحاولون التستر على الموضوع برمته، للحفاظ على أعمالهم وتجارتهم وأنشطتهم وتعاملاتهم بكل أنواعها وهي متعددة، ولكن مر يومان وبدأ القلق يتسرب إلى نفوسهم بأنه تعرض لمكروه، فقاموا بإبلاغ الشرطة وتحرير محضر باختفائه، وقررت زوجته أن أربعة أشخاص خطفوه من بيته بعد أن اقتحموا المنزل الذي يقيم به في أحد الأبراج السكنية الفاخرة في وسط المدينة وفي البناية يقع فرع لأحد البنوك الكبرى وشركات عالمية معروفة، وهذا يشير إلى المستوى الذي يعيش فيه وإلى وجود حراسات خاصة على هذه الشركات. بدأت الشرطة عملها واهتمت بالبلاغ بشكل أكبر لأن الرجل المختفي شخصية عامة ومعروف، والأمر بالفعل خطير ولا بد من التوصل إلى الحقيقة بسرعة أياً كانت، قاموا بفحص كاميرات المراقبة والحراسة للبنك والشركات، لكن تبين أنها لم تتضمن أي لقطات تخص الضحية، وكذلك، فإن جميع الحراس كانت أقوالهم واحدة كأنهم اتفقوا عليها بأنهم لم يروا شيئاً غير عادي ولم يشاهدوا المجني عليه في هذه الليلة ولم يدخل غريب البناية، لكن زوجته أكدت أن هناك أربعة أشخاص مسلحين اقتحموا المسكن بالأسلحة النارية والبيضاء وأجبروه على الخروج معهم تحت التهديد، بعد أن قاموا برشه بمخدر فور فتح باب الشقة، ولم تتعرف عليهم، خاصة أنه ليس لديه عداوة مع أحد أو خلافات مالية، وضربوا ابنه الصبي البالغ من العمر أربعة عشر عاماً على رأسه عندما شعر بهم حتى لا يوقظ أخوته الآخرين وكي لا يستغيث، وهددوها هي بالقتل إذا استنجدت أو حاولت الصراخ أو حتى مجرد الكلام، وانهم اصطحبوه إلى الخارج، وأخبروها انهم يطلبون خمسة ملايين جنيه فديه مقابل إطلاق سراحه، بل وهددوها - كما يحدث عند كل حالة اختطاف - بأنها إذا أبلغت الشرطة فإنهم سيقتلونه فوراً. قبل الشروع في تحقيق صحة هذه الأقوال، تم العثور على رجل الأعمال جثة هامدة وسط منطقة المقابر، وتبين أنه مذبوح ومطعون عدة طعنات في الصدر والبطن، ومقيد القدمين واليدين، وملفوف في قطعة قماش من المستخدم في صناعة الستائر المنزلية، وهنا كان أول الخيط الذي سينطلق منه رجال البوليس نحو كشف غموض الجريمة المعقدة من البداية والتي تبدو صعبة بالفعل ومتشابكة الخيوط، فالزوجة تؤكد أنه تم اختطافه، وهذا وارد ومن المحتمل أن تكون العصابة بالفعل قتلته لتتخلص منه بعد أن علمت باهتمام الشرطة بالبحث عنه وحتى لا يكتشف أمرهم، والاحتمال الآخر أن تكون هناك جريمة ويجب البحث عن الذي وراءها، وهناك جانب آخر لم يتم التطرق إليه فالقتيل متزوج حديثاً وله زوجة ثانية ولا بد من أخذ أقوالها عساها أن تفيد بأي معلومة قد تؤدي إلى الكشف عن غموض الجريمة، وقد قالت الزوجة الثانية كلاماً مرسلاً بلا دليل، واتهمت زوجته الأولى بتدبير قتله لوجود خلافات بينهما، لكن ابنه هذا الذي ورد اسمه في التحقيقات أكد كما جاء على لسان أمه أن الخاطفين ضربوه على رأسه وأن بقية أخوته كانوا نائمين ولم يشاهدوا ما حدث واستيقظوا بعد أن ترك المجرمون المكان وهربوا، وانهم جميعاً اتفقوا مع أعمامهم على عدم الإبلاغ إلى أن يتم التفاوض مع الخاطفين وإنهاء الموضوع في سرية تامة. البداية من المسكن الذي شهد الواقعة، لا بد من معاينته، وهناك كانت المفاجآت التي لم تكن متوقعة على الإطلاق، فقد عثر على آثار دماء أسفل سرير القتيل في غرفة نومه، بل وأن الستارة التي عثر على جثته بها من نفس نوع ستائر المنزل، إذا أصبح من المؤكد أن الجريمة برمتها وبكل تفاصيلها وقعت هنا وأنه تم ذبحه هنا، وكذلك فإن الجناة دخلوا الشقة بشكل طبيعي من خلال مفتاحها الأصلي وليس عنوة ولا بالقوة ولا يوجد أي أثر لأي شكل من أشكال العنف في الباب ولا في المكان كله، إذاً، فإن كل ما قالته زوجته كان كذباً وغير صحيح ولم تستطع الرد على كل هذه الأدلة، وليس أمامها إلا الاعتراف. جلست الزوجة «غادة» تروي تفاصيل للجريمة التي كانت تظن أنها كاملة وأنها لن يكتشف أمرها بعد أن خططت ودبرت واتخذت كافة الاحتياطات، قال إنها كانت فتاة جميلة في العشرين من عمرها يتمناها أي شاب لكنها لا تتمنى أي شخص، فلها شروط كثيرة في الذي يشاركها حياتها، لأن طموحاتها غير محدودة وتريد رجلا ثرياً قوياً، وها هي في ربيع العمر، وجاء «حماده» لخطبتها يكبرها بعشر سنوات، فيه كل ما تتمنى وتشترط فهو من عائلة ثرية كل أفرادها من رجال الأعمال، بالتأكيد سيحقق لها كل أحلامها، وافقت عليه بلا تردد بعد أن أبدى استعداده لأكثر مما تريد وتتمنى، واشترى لها شقة تليق به وبها وتم الزواج رغم أنها لم تكمل تعليمها الجامعي بعد واتفقا على أن تكمله فيما بعد، لكن لأنها أنجبت بسرعة أول طفلة بعد عام واحد من الزواج عمرها الآن تسعة عشرة عاماً، ثم رزقا بثلاثة أطفال آخرين، فلم تفكر في العودة إلى الدراسة مرة أخرى، خاصة وهي ليست بحاجة إليها. بعد خمس سنوات حدث تغير كبير في شخصية زوجها ومعاملته، لم يكن هذا هو الرجل الذي تزوجته، فقد أهمل بيته ولم يعد يعرف عنها ولا عن الصغار شيئاً، لكن لا يقصر في احتياجات الأسرة المادية، فكل شيء متاح ومتوفر، وإحساس المرأة لا يخيب، فقد اكتشفت أن زوجها تزوج عرفياً من امرأة مجهولة، واستطاعت أن تتوصل إلى كافة المعلومات عنها، واستمرت الزيجة حوالى عامين ورفض أن يطلقها، وازدادت الخلافات والمشاكل ووصلت العلاقة بينهما إلى طريق مسدود والى الطلاق، وأخيرا طلق الزوجة الثانية لا نزولاً على رغبة زوجته الأولى، ولكن لأنه اكتشف أنها زوجة غير مناسبة له وأنه سار وراء نزواته فقط. وتقول غادة أيضاً في اعترافاتها التفصيلية محاولة تبرير جريمتها، أنه بعد ذلك لم يعد إلى البيت أو يهتم بأبنائه، ويتغيب بالأيام عن المنزل بحجة العمل والانشغالات ومنذ ذلك التاريخ أي حوالى اثني عشر عاماً وبينهما قطيعة تامة كل منهما في غرفة نوم منفصلة، أصبح وحشاً في التعامل معها ومع الأبناء الذين كبروا، وهو على نفس طريقته من التجاهل والإهمال للجميع، جمعتنا كراهيته ولم يعد أحد منا يطيقه ولا نريد أن نراه ولا نرغب في وجوده معنا، وظهر تعنته أكثر عندما رفض الشاب الذي تقدم لابنتنا منذ عام، ويرى أنه غير مناسب لها مع أن بينهما علاقة عاطفية، وما زالا مصرين على الارتباط، وكلما عاود الشاب طلبه كرر هو رفضه. لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إنه منذ عدة أشهر كثر حديثه في الهاتف مع عدد من النساء، وعلمت من خلال تلك المكالمات والتي يجريها أثناء وجوده في المنزل أنه يعتزم تكرار تجربة الزواج العرفي مرة أخرى، فاشتعلت النيران في صدري، ليس غيرة عليه ولا رغبة فيه ولا تمسكا به، وإنما لأنه أولاً يأتي بضرة ليغيظني، وفي الغالب لن تكون في مثل جمالي أو مستواي الاجتماعي، والأهم، فإنها قد تأتي بطفل أو أطفال يشاركون أبنائي الميراث والأموال الكثيرة التي يمتلكها، وليس من المعقول أن نفرط في ذلك ببساطة، وتزوج فعلاً من وراء ظهري. لم أفكر كثيراً ولم أتردد في التخلص منه، وجاءتني الفكرة بأسرع مما يمكن، فقد وجدت ضالتي في «كريم» الذي يريد أن يتزوج ابنتي وأنني واثقة من استجابته، وطلبت منه التخلص من زوجي الذي يقف حجر عثرة في طريقنا جميعاً، وقدمت له الأموال اللازمة للتنفيذ، فقدم لي عدداً من الأقراص المخدرة التي قمت بوضعها له في الشراب من دون أن يشعر، وفي حوالي الساعة الرابعة فجراً تسلل هو وثلاثة أشخاص لا أعرفهم وفتحت لهم باب الشقة وأشرت لهم على غرفة نوم زوجي، فدخلوا عليه ولم يكن قد فقد الوعي تماماً وأرادوا اختطافه، لكنه حاول أن يقاوم فقاموا بذبحه وحملوه في سيارة خاصة استأجروها لارتكاب الجريمة، وهذا كل ما حدث. ألقي القبض على المتهمين وأمرت النيابة بحبسهم جميعا، وينتظرون الإحالة إلى المحكمة لتقول العدالة كلمتها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©