الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هندوراس ما بعد الانقلاب... ضغوط خارجية

19 ديسمبر 2009 00:27
قبل بضعة أسابيع، صُدم رجل الأعمال الثري أدولفو فاكوسي حين تم رفض دخوله إلى الولايات المتحدة في مطار ميامي، حيث اكتشف أن تأشيرته أُلغيت في إطار الضغوط الأميركية على أنصار الحكومة الهندوراسية التي تولت حكم البلاد عقب الانقلاب. ولكن اليوم يبدو أن "فاكوسي" وحلفاءه قد فازوا في المواجهة التي جمعتهم مع الحكومة الأميركية. إذ رغم الجهود التي تقوم بها واشنطن من أجل عزل هندوراس – ومن ذلك إلغاء التأشيرات والمساعدات – إلا أن هذا البلد الصغير رفض التراجع عن خلع الجيش الرئيس. واليوم، تبدو الحكومة الأميركية في طريقها نحو تطبيع العلاقات. قصة تحدي ثاني أفقر بلد في أميركا اللاتينية لقوة عظمى شملت الاستعانة بأفراد الجماعات الضاغطة الأميركية ومجموعة من "جمهوريي" الكونجرس، وحركها تخوف النخبة في هندوراس من اختطاف بلدهم من قبل شخص يعتبرونه "يسارياً" متقلباً. وفي هذا الإطار، قال "فاكوسي" خلال مقابلة معه في تيجوسيجالبا بمقر إقامته المسور: "كانت الولايات المتحدة تعتقد أنه إذا ضغطنا على هؤلاء الناس (الهندوراسيين)، فإنهم سيفعلون ما نقوله لهم"، مضيفا "إننا سنعاني من بعض الأضرار، ولكن الأهم بالنسبة لنا هو استعادة بلدنا". والواقع أن الكثير من الساسة ورجال الأعمال في هذا البلد المحافظ تقليدياً يقولون إن الرئيس مانويل زيلايا رجل خطير بسبب تحالفه المتنامي مع رئيس فنزويلا "اليساري" هوجو شافيز. ولكن الواقع يبدو أكثر تعقيداً، ذلك الكونجرس الهندوراسي دعم قرار "زيلايا" بالانضمام إلى تحالف شافيز المناوئ للولايات المتحدة العام الماضي، وذلك على أمل الحصول على مساعدات في ما يبدو. غير أن زيلايا تصادم على نحو متزايد مع الزعماء السياسيين والتجاريين؛ حيث لم يقدم ميزانية 2009 وسعى جاهداً إلى إعادة تعيين قاضية بالمحكمة العليا رغم أنها لم تكن على قائمة المقبولين. وبلغت الأزمة أوجها حين مضى زيلايا قدما في إجراء استفتاء حول إعادة كتابة الدستور، حتى بعد صدور حكم بعدم دستوريته. فخشى العديد من الهندوراسيين أن تكون نية زيلايا هي إلغاء مادة في الدستور تحدد الولاية الرئاسية في واحدة. وفي هذا الخضم، دعا الدبلوماسيون الأميركيون، الواعون بتزايد الضغوط على الجيش الهندوراسي لخلع الرئيس، إلى حل ديمقراطي. غير أنه في الثامن والعشرين من يونيو، أرغم الجيش زيلايا على الخروج إلى المنفى. وفي رد فعله، وصف أوباما الخطوة بغير القانونية، محذرا من أنها قد تؤسس لـ"سابقة خطيرة". غير أن انقلاب هندوراس لم يكن انقلابا أميركيا لاتينياً من الطراز القديم؛ ذلك أن الجنود تصرفوا بمقتضى مذكرة توقيف سرية من المحكمة العليا تتهم زيلايا باستغلال السلطة. كما أن المشرعين قاموا باستبداله بمدني. ومثلما وعدت بذلك، فإن الحكومة الفعلية مضت قدما في إجراء انتخابات رئاسية في موعدها المقرر - في نوفمبر. وفي هذا السياق، يقول كريستوفر سباتيني، مدير السياسات في مجلس الأمريكيتين، متحدثاً عن أنصار الانقلاب: "إن لعبتهم كانت محدودة جداً... فهي لا تقوم على التمسك بالسلطة، وإنما على إزالة رئيس لا يحبونه". واللافت أن النخبة في هندوراس بدت مصدومة حين انضمت الولايات المتحدة، وهي حليفها القديم، إلى أميركا اللاتينية في تعليق عضوية البلاد في منظمة الدول الأميركية. وقد اعترف بعض أفراد هذه النخبة، مثل فاكوسي، بأن الجيش تمادى كثيراً، ولكنهم جادلوا بأنه فعل ذلك من أجل منع صدام دموي ممكن. ثم لجأ الزعماء السياسيون والتجاريون إلى الجماعات الضاغطة وأرسلوا وفودا إلى واشنطن لشرح موقفهم. وفي الأخير، فازوا بدعم مجموعة من "الجمهوريين"، الذين أعاقوا تعيينات دبلوماسية، مما أضعف الفريق المكلف بشؤون أميركا اللاتينية في وزارة الخارجية. وفي الأثناء، رعت إدارة أوباما، التواقة إلى إظهار مساعيها الحميدة، اتفاقا يسمح لزيلايا بالعودة إلى منصب الرئاسة مع صلاحيات محدودة. ولكن الرئيس الانتقالي، روبرتو ميتشيليتي، رفض التوقيع. إذ رغم مقاطعة العالم له، إلا ميتشيليتي وحلفاءه يستقون بالدعم الداخلي. صحيح أن زيلايا كان يحظى بشعبية بين الفقراء لقيامه برفع الحد للأجور، إلا أنه أثار قلق الهندوراسيين بخطاباته الانفعالية التي تندد بالأغنياء والنظام السياسي، كما يقول بعض المحللين. وفي هذا السياق، يقول "ليو فلاداريس"، مفوض حقوق الإنسان السابق في هندوراس: "لا يوجد قطاع في الحكومة لديه سلطة حقيقية يؤيد زيلايا" حين خُلع من منصبه. واللافت أن قطع المساعدات الخارجية -ومن ذلك نحو 300 مليون دولار من الولايات المتحدة- لم يُحدث التأثير الذي كان يتوقعه البعض. فنظرا لانخفاض الواردات بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، لم تكن هندوراس في حاجة ماسة إلى الدولارات من أجل الحفاظ على استقرار نظامها المالي، كما يقول موريسو بورديت، وهو خبير اقتصادي هندوراسي معروف. كما أن هندوراس استمرت في استقبال سيل مالي أكثر من ملياري دولار سنويا من تحويلات المهاجرين في الولايات المتحدة. وإضافة إلى ذلك، فقد راهنت السلطات على حقيقة أن أكبر شركاء هندوراس التجاريين، ومنهم الولايات المتحدة لن يعمدوا إلى وقف التجارة معها لأن من شأن ذلك أن يضر بالمنطقة برمتها. ومع استمرار الأزمة، تمكن الدبلوماسيون الأميركيون من إقناع الجانبين بالموافقة في أكتوبر على السماح للكونجرس الهندوراسي باتخاذ قرار بشأن إعادة زيلايا إلى منصب الرئاسة. والواقع أن واشنطن دعمت علناً عودة زيلايا حتى النهاية، ولكن بعد العديد من عمليات الإرجاء والتأخير، صوت المشرعون مؤخرا بـ"لا". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
المصدر: هندوراس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©