الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

التقييم النفسي للعمالة المنزلية.. ترف أم حاجة ملحة؟

التقييم النفسي للعمالة المنزلية.. ترف أم حاجة ملحة؟
8 مايو 2014 16:49
يصطدم المجتمع بين فينة وأخرى بحادثة أو قضية يكون عمال المنازل طرفاً فيها، لتتأجج الدعوات لإجراء مزيد من التدقيق عند استقدام من يؤتمن على العرض والأرض والأموال والأطفال، وسط اقتراحات بتضمين فحص الإقامة تقييماً نفسياً للعامل أو العاملة قبل السماح لهم بالعمل والإقامة في الدولة، وهو ما صمّت وزارة الصحة أذنيها عن التعليق عليه. ويعبر متخصصون وسكان عن صدمتهم إزاء التأخر في إجراء هذا الفحص، قائلين إن مقتل رضيعة أثناء نزاع بين خادمة ومربية، أو قيام خادمات باغتصاب أطفال ومعاقبتهم بشكل سادي، واعتياد خادمة التبول في طعام مخدوميها، حوادث يجب ألا تمر مرور الكرام، بل يجب أن تدق الناقوس للإسراع في اتخاذ إجراءات من شأنها حماية المخدومين ممن يفترض بهم أن يكونوا محل ثقة. تحقيق إبراهيم سليم طالب متخصصون في علم النفس بإجراء فحوص طبية نفسية على الخدم والعمالة المنزلية أو على الأقل إجراء تقييم لكل شخص يرغب في العمل بالدولة؛ بهدف حماية الأسر من أي مشكلات يتسبب فيها هؤلاء نتيجة إصابتهم بأمراض نفسية، مؤكدين أن من حق كل الأسر التعرف إلى التاريخ المرضي لمن سيعمل لديهم، في ظل اختلاط هؤلاء بالأطفال والمسنين. وأكد الدكتور عادل كراني استشاري الطب النفسي أن هناك العديد من الفئات تحتاج إلى التقييم النفسي، من بينهم العاملون والخادمات بالمنازل، وذلك بعد ملاحظة تزايد الاعتداءات واضحة من الخادمات تجاه الأطفال، داعياً إلى إخضاعهم لفحص يقيم صحتهم النفسية، وعدم الاكتفاء بفحوص الإيدز والأمراض المعدية، خصوصاً أن هذه الفئات تتعامل مع الأطفال. وأضاف أن هناك طبيعة خاصة للعاملين داخل المنازل وهم أكثر احتكاكاً بأفراد الأسرة سواء عبر الاهتمام بالأبناء أو القيام بالأمور المنزلية الأخرى كإعداد الطعام وغيره، وهو ما يحتاج إلى أشخاص أسوياء نفسياً وليس فقط أسوياء صحياً. مشكلة في اختيار العمالة من جانبه، أكد الدكتور أحمد الألمعي مدير مركز الصحة النفسية والعلوم السلوكية واستشاري الطب النفسي للأطفال أن هناك مشكلة كبيرة في طريقة اختيار العمالة المنزلية، حيث يركز الباحثون على الشكل والسن والخبرة، دون النظر إلى السجل الجنائي أو سجل الأمراض النفسية لهذه الفئة. وتناول الألمعي حالة العنف في المنازل التي تواجه الأطفال وكبار السن، حيث نهتم بالفحص الطبي والأمراض المعدية، ونتجاهل الفحص النفسي، رغم أهمية ذلك عند استقدام العمالة المنزلية، وما إذا كان لديها سجل نفسي مضطرب. ولفت إلى أن معظم العمالة المنزلية قد يعانون اضطرابات مثل الاكتئاب أو القلق أو التوتر أو اضطرابات سلوكية وشخصية، وتزيد حدتها عند انتقالها للعمل في الدولة، بسبب محدودية قدرتهم على التكيف مع البلد، وافتقادهم بلادهم وأهلهم وأطفالهم، وقد تتطور هذه الحالة بحدوث انهيار نفسي أو اكتئاب ملازم. وأضاف أن هناك ممارسات خاطئة من الأسر تؤدي إلى تأزم الحالة النفسية للعمالة المنزلية، مثل زيادة ضغوط العمل، والعمل لساعات طويلة، أو عدم منحهم إجازات أسبوعية، مع سوء المعاملة، إضافة إلى صعوبة التواصل اللغوي، وعدم معرفة اللغة العربية، وجهلهم بها في حد ذاته مشكلة قد تؤثر عليهم نفسياً. وكشف عن المركز الذي يترأسه يستقبل أطفالاً تعرضوا لأنواع مختلفة من الاعتداءات النفسية والجسدية، ومنهم من يأتي وقد تعرض لانتهاك جنسي من الخادمة أو السائق، إضافة إلى وجود حالات يفضل فيها الآباء عدم الشكوى والاكتفاء بإنهاء خدمات الخادمة أو السائق. وبيّن أن المعتدى عليهم جنسياً لا يمكنهم التخلص بسرعة من تأثيرات الاعتداء عليهم، وقد تلازمهم طيلة أعمارهم. ولفت إلى أن معظم الأسر لا تدرك العوارض النفسية التي تصيب العمالة المنزلية، التي قد تنفجر في المنزل في أي وقت، مطالباً بإدراج التقييم النفسي لفحص الإقامة، حماية للأجيال المقبلة. ونفى الألمعي أن يكون التقييم مكلفاً كما يتحجج بعض الأشخاص، مشدداً على أنه يمكن تخصيص جزء من التكلفة الإجمالية لإجراء التقييم الذي قد يكون على شكل استبيان مبسط. ونصح الألمعي كل الأسر بإجراء الفحص النفسي قبل استقدام العمالة المنزلية، محذراً الأمهات من مغبة ترك أطفالهن بحضانة الخادمات لفترة طويلة، والاضطلاع بدورهن كأمهات في تربية الطفل. خطوة جيدة من جانبه، أكد الأستاذ الدكتور أسامة توكل عثمان أستاذ علم النفس المشارك بكلية الطب والعلوم الصحية بجامعة الإمارات أن إخضاع العمالة المنزلية للتقييم النفسي خطوة جيدة وذات مردود إيجابي إن نفذت بالأسلوب العلمي الصحيح، مقراً بصعوبة الحصول على التاريخ المرضي للعمالة. وقال إن الخدم والعاملين بالمنازل يأتون من خلفيات مجتمعية متنوعة، ومن الممكن أن يكون لهم تاريخ مرضي نتيجة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي عانوا منها، وقد تنتقل معهم، محبذاً إجراء تقييم يتضمن أسئلة عن تاريخهم المرضي وبعض الأسئلة التي توضح جانباً من نفسياتهم، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن هناك أمراضاً نفسية قد تظهر على السطح بعد اغترابهم، نتيجة الضغوط التي يعيشون فيها. وأضاف أن التقييم النفسي للعاملين بالمنازل والخادمات، يجب أن يؤخذ محمل الجد، حتى لا تتفاقم الأمور، خصوصاً مع وجود أطفال أو مسنين، مشيراً إلى أن التغير في البيئة المجتمعية، يجعل من الصعوبة اكتشاف الأمراض النفسية، ويحتاج إلى خبرة في التعامل مع جنسيات معينة. ودعا الأسر إلى الحذر والانتباه لأي طارئ أو تغير في التصرفات أو بوادر تهديد من جانب الخدم، وعند ملاحظة أي تغير يتوجب العرض على الطب النفسي، حتى لا تتفاقم الأمور، ومن أبرز الظواهر التي تسترشد بها الأسر عند حدوثها، هي العصبية الزائدة، والتدهور في الأداء، وتعمد عدم الاكتراث بتنفيذ الأوامر، وهي مؤشرات سلوكية، واضطرابات النوم، والبكاء دون سبب، والانزواء والعزلة، الشعور بالإرهاق الزائد، التوتر، والشعور بالصداع والتهيؤات أو التخيلات بسماع أصوات، اشتباه في نوايا المحيطين بهم، قلة الطاقة والخمول، وكلها مؤشرات لوجود اكتئاب نفسي، قد يضر بالأسرة. كما نصح الأسر بأهمية الوجود بين فترة وأخرى في مكان معيشة الخدم، وسؤالهم عن الأشياء الموجودة بمسكنهم، والاهتمام بتوفير مناخ مناسب للمعيشة، حتى يؤثر ذلك إيجاباً على صحتهم النفسية، وعلاقتهم بالأسرة التي تحضنهم داخل المنزل، وإشعارهم بوجود اهتمام من الأسرة بهم، خاصة، مع فقدانهم الدعم الأسري والاجتماعي. وأوضح أن هناك نفسيات تكون هشة، وقد تصاب بأمراض نفسية نتيجة المعاملة السيئة، داعياً الأسر إلى معاملة خدمها بإحسان، ومنحها إجازة أسبوعية، ومراعاة مهاراتها واحتياجاتها العاطفية والصبر عليها. وزارة الصحة.. لا مجيب تواصلت «الاتحاد» مراراً وتكراراً مع وزارة الصحة، للاستفسار عن دورها في تحديد نوعية الفحوص التي تخضع لها العمالة المنزلية، وهل لديها خطة لتبني الفحص النفسي ضمن هذه الفحوص، دون مجيب، على الرغم من وجود إدارة التواصل الحكومي ومكتب الوكيل المساعد، وهما الجهتان المخولتان بالتصريح في الوزارة. بالركاض: الحل يكمن في استمرار مراقبة الخدم أكد سالم بالركاض العامري عضو المجلس الوطني الاتحادي أن هناك قانوناً أقره المجلس وينتظر التصديق عليه، سيقضي على كثير من المشكلات المتعلقة بالخدم، وينظم العلاقة بين مكاتب الخدم والأسر، حيث يتضمن من بين ما يتضمنه، إطالة الفترة المخصصة لإعادة الخدم إلى المكاتب، والتي لا تزيد حالياً عن 3 أشهر، بحيث تأخذ الأسرة وقتها في متابعة الخادمة، والتأكد من صلاحها للعمل. ورداً على دعوات بإخضاع الخادمة لتقييم نفسي، أوضح بالركاض أن المواطنين والمقيمين يتحملون أعباء مالية عند استقدام أي خادمة جديدة، وليسوا في حاجة إلى تحميلهم أعباء إضافية من خلال فرض الفحص النفسي للخدم؛ لأن أصحاب المكاتب سيحملونها للأهالي، ولكن الحل الأمثل هو أن يراقب رب الأسرة أو سيدة المنزل الخادم والسائق والطباخ، وعند ملاحظة أي تصرفات غريبة من أي منهم، يعيده إلى المكتب، ويطلب استبداله بآخر دون تحمل أية رسوم إضافية. واستدرك بأن المعاملة الحسنة مطلوبة من الجميع تجاه خدمهم، ويجب ألا تنتهي المتابعة والمراقبة بفترة معينة، ولكن يجب متابعتهم كمتابعتهم لأبنائهم، باعتبارهم داخل الأسرة، وأنه في حال عدم رغبة المستخدم الاستمرار في العمل، يفضل أن يتركه ويستخدم آخر، لأن مضار إجبار الخادم أو العامل على العمل بدون رغبة أكيدة منه أكثر من منافعها. وحول اقتراح بطلب تقارير طبية تثبت صحتهم النفسية قبل استقطابهم للعمل في الدولة، قال: لا أعول على التقارير الطبية التي ستصدر من البلاد المصدرة للعمالة؛ لأنها قد تكون حقيقية وقد لا تكون كذلك، معتبراً أن الحل يكمن في مراقبة الأسر وملاحظة تصرفات العاملين لديها قبل وقوع المشكلات. الشومي تؤيد فحص العمالة وتدعو إلى الاستفادة من تجربة سنغافورة «الشؤون الاجتماعية»: جميع موظفي مراكز الأطفال يخضعون لتقييم نفسي أكدت موزة الشومي مدير إدارة الطفل بوزارة الشؤون الاجتماعية أن جميع موظفي المراكز التي تشرف عليها الوزارة يخضعون للتقييم النفسي، للتأكد من صحتهم النفسية؛ بهدف حماية الطفل في جميع مراحله. وأعربت الشومي عن تأييدها لإدراج الفحص النفسي ضمن فحص استقدام العمالة لوجود حاجة فعلية لذلك، لافتة إلى أن هناك دولاً مثل سنغافورة، لديها تجربة في إخضاع العمالة المنزلية للفحص النفسي بشكل سنوي مقابل مبلغ مالي يبلغ 3000 دولار سنغافوري (8,8 آلاف درهم)، وذلك لتحديد صلاحية الخادمة أو المربية للعمل من عدمه. وبينت أن سنغافورة تولي اهتماماً كبيراً بالأطفال، وتسعى للحفاظ على مستوى معين من الرعاية لهم، حيث تجري للخدم والمربين فحوصاً نفسية سنوياً، وتعد دورات تدريبية وتأهيلية وإسعافية لهم. وتابعت: نحن في دولة الإمارات، نرى حاجة المجتمع لمثل هذه الفحوص بعد تزايد معدلات العنف من جانب العمالة المنزلية تجاه الأطفال، وآخرها ما اقترفته خادمة بحق ثلاثة أطفال، عندما فاجأتهم وهم نيام، ورشقتهم بالماء الحار، ثم طاردتهم بسكين، وهو ما سيبقى محفوراً في ذاكرتهم إلى الأبد. وأشارت إلى أن ما يعوق تطبيق هذه الفحوص في الدولة هو التكلفة المالية، حيث إن رب الأسرة يتحمل تكاليف عالية نظير استقدام خادمة أو مربية، ولا يمكنه تحمل المزيد. وقالت إن العمالة المنزلية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من بعض المنازل، داعية الأسر إلى الإحسان لهذه الفئة وتعليم الأطفال احترامهم، فضلاً عن مراقبتهم بشكل دائم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©