الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطفل البكر.. بين الإفراط في التدليل ونقص خبرة الوالدين

الطفل البكر.. بين الإفراط في التدليل ونقص خبرة الوالدين
4 يوليو 2010 20:47
يسأل بعض الآباء والأمهات لماذا نقبل بعض الأخطاء الصغيرة من أطفالنا الآخرين ولم نكن نقبلها من طفلنا الأول؟ وأعتقد أن جزءاً من الإجابة عن هذا السؤال هو أننا كنا نعاني من نقص التجربة خلال تربيتنا للطفل الأول. واننا نتعلم خلالها كيف نحاول السيطرة على أمور تربية الطفل ونكتسب قدراً من الثقة بالنفس يتيح لنا أن نتعامل مع الطفل الثاني بمنتهى الهدوء والاتزان، وبالتالي نستطيع أن نؤثر في هذا الطفل الثاني أو الثالث بطريقة حاسمة أو على الأقل لا نحاول أن نصطاد المشاكل لنغرق فيها كما كان الحال مع الطفل الأول. ففي مسألة تأديب الطفل مثلاً، نحن لا نحاول مع الطفل الثاني أو الثالث أن نتدخل في أدق التفاصيل لذلك تقل نسبة المشاكل في حياتنا.. وهكذا يكون الطفل الثاني أكثر قدرة على الاستقلال والفهم لمشاكله وإيجاد الحلول لها. ولا يجب أن ننسى أن الفرحة كانت تغمرنا أثناء تربية الطفل الأول وأن الخوف عليه كان شديداً وأننا عندما كنا نرى ابتسامته الأولى كانت السعادة تنفجر في وجوهنا وقلوبنا. كانت ضحكات الطفل الأولى تزيدنا عطشاً ولا نرتوي إلا بمزيد من الضحكات نحاول أن نلاعبه بكل الطرق لنحصل على ابتسامته، ونراقب بشغف ألعابه بأصابع يديه والتصفيق بهما. وعندما يبدأ في المشي نفرح وعندما يبدأ في الحديث مع والده أو أحد الأقارب في التليفون. ونرى أن الأب يشتري له ألعاباً غاية في التعقيد وهو ما زال في اللفّة ويحاول جاهداً أن يشرح له بحماس كل تفاصيل الألعاب. وجميع الآباء يحاولون الوصول إلى الصداقة مع أبنائهم فيلعبون معهم وهذا يفيد الآباء والأمهات. ليست هُناك قواعد سحرية يمكننا أن نربي بها طفلنا الأول بسهولة وانطلاق كما يحدث في حالة تربية الطفل الثاني أو الثالث لأن القلق النفسي هو إحساس طبيعي يوجد في الإنسان عندما يبدأ في تحمل أي مسؤولية جديدة لا يعرف عنها شيئاً. وعلينا أن نعرف جيداً أن مسألة عدم اعتماد الطفل المطلق على أمه وأبيه هي مسألة إحساس الأم وحالتها النفسية، لأني أؤمن إيماناً كاليقين أن الأم الواثقة من نفسها والمطمئنة لا تحاول أن تقوم بإرضاع الطفل كلما بكى. بل أنا أؤمن أن الأم غير الواثقة من نفسها تدخل في نفس الطفل الإحساس بضرورة اللجوء إليها لأقل سبب يضايقه أو لأتفه مشكلة يواجهها. وهكذا تفرض الأم غير الواثقة من نفسها ستاراً من الحماية يشبه الستار الحديدي. إن النصف الثاني من عام الطفل الأول هو مرحلة يرغب فيها الطفل حقيقة في الاستقلال عن أمه ولكن سلوك الأم هو الذي يجعله يختار بين الاعتماد المطلق عليها أو الاستقلال عنها. فهو في هذه الفترة يستطيع أن يجلس وبعد قليل يزحف وبعد قليل يقف على قدميه ويبدأ في مسك الأشياء والألعاب المطاطية بالإضافة إلى وقر الجرائد والملاعق والدمى. وطبعاً تطول ساعات يقظته خلال النهار ويحاول أن يشغل كل هذا الوقت في اكتشاف كل ما حوله. ويحاول أن يتذوق كل شيء بلسانه أو يعضها بأسنانه الصغيرة التي بدأت تظهر. ويغتبط الطفل جداً باللعب مع الأم أو الأب ويرغب في الزحف من حجرة إلى أخرى. ويستمد من والده طاقة جديدة بالأمان. ومن الطبيعي أن تشكو الأم من أن الطفل يبكي عندما تتركه في الحجرة بمفرده رغم أن عمره أصبح عاماً كاملاً. في هذه الحالة على الأم أن تعرف أنها شخصياً تصاب بالقلق على الطفل عندما تتركه بمفرده. وهذا القلق ينتقل إليه ويؤكد قلق الأم اعتماد الطفل عليها. وعلينا أن نعرف أن العام الثاني للطفل هو أكثر الأعوام مناسبة لتعويده على الاستقلال أو على الارتباط الشديد بأمه لأنه في هذا العمر يتقن المشي ويحاول اكتشاف ما حوله. يهتم بالشخصيات الأخرى والأطفال الآخرين ويلعب معهم ويلمس الأشياء ويجمعها. وعندما تستطيع الأم تدريبه على الاستقلال عنها فهو يتجه إليها عند احساسه بالخطر أو الخوف. وهو ينظر أحياناً إلى الغرباء بعيون فاحصة قبل أن يقترب منهم، فإذا اندفعوا هم إليه هرب منهم إلى والدته ليمسك بها. ومن المهم لتعويد الطفل على الاستقلال عدم عناد الأم مع طفلها حول ضرورة تناول أكبر كمية من الطعام أو كيف يتعود على الذهاب إلى دورة المياه، لأن هذه المشاكل، وخصوصاً عندما تقترن بالعنف والعناد، تزيد ارتباط الاثنين معاً. وعلى الأم أو الأب أن يعرفا جيداً أن ارتباط الطفل الأول قد يظل وثيق الصلة بهما بصورة أو بأخرى وبطريقة تختلف عن ارتباط الطفل الثاني بهما. لكن علينا أن نخفض درجة الارتباط حتى لا تصبح عبئاً على مستقبل الابن نفسه.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©