السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمم المتحدة·· هل يخرجها بوش إلى العلن؟

الأمم المتحدة·· هل يخرجها بوش إلى العلن؟
30 سبتمبر 2008 21:32
على الرغم من تشككه -الذي أطنبت وسائل الإعلام في الحديث عنه- في المؤسسات العالمية، فإن ما تبين هو أن الشريك الأهم الذي ساعد الرئيس ''بوش'' على تنفيذ سياسته الخارجية خلال السنوات الثماني الماضية، هو الشريك الذي لم يتوقع أحد على الإطلاق أن يفعل ذلك، الأمم المتحدة؛ فإذا ما نظرنا إلى الموضوعات الأكثر أهمية التي تعامل معها الرئيس ''بوش'' خلال السنوات التي قضاها في منصبه، فإنه سيتضح أمامنا، بصورة أو بأخرى، أن ''بوش'' قد عهد بجميع تلك الموضوعات تقريبا إلى الأمم المتحدة لإيجاد حل لها· فعقيدته الأساسية تجاه المنظمات العالمية -على الأقل في بداية ولايته- لم تكن لتوحي بأنه سيصل إلى هذه النتيجة؛ ففي عام ،2001 كان ''بوش'' ينظر إلى الأمم المتحدة على أنها ''العقبة الكأداء'' التي تحول دون تنفيذ مخططات السياسة الخارجية الأميركية؛ لذلك نجد أنه لم يشغل نفسه مثلا بتعيين مبعوث لبلاده في الأمم المتحدة طيلة الشهور التسعة الأولى بعد توليه لمهام منصبه؛ إلى ذلك، الغى ''بوش''، وانسحب من العديد من المعاهدات الدولية، التي دعت إليها الدول الأعضاء في المنظمة الدولية؛ ومنها على سبيل المثال المعاهدة الخاصة بـالمحكمة الجنائية الدولية، ومعاهدة الحظر الشامل على التجارب النووية، وبروتوكول كيوتو الخاص بالإحماء الحراري وغير ذلك؛ كما صرح مسؤولو إدارة ''بوش'' مرارا وتكرارا بأنهم لا يرون هناك أي معنى في أن تُغِلْ القوة العظمى الوحيدة في العالم يدها من خلال الارتباط بكيان بيروقراطي بالغ الضخامة مثل الأمم المتحدة· وجاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر كي تغير كل ذلك؛ حيث سعت الولايات المتحدة بعدها وبشكل سريع إلى الحصول على دعم مجلس الأمن الدولي، من أجل شن الضربات الانتقامية التي قررت شنها ضد تنظيم ''القاعدة'' ومضيّفها حركة ''طالبان'' في أفغانستان؛ وفي هذا الإطار عمد ''بوش'' بسرعة إلى تعيين مبعوث خاص لبلاده في المنظمة الأممية، كما قام بسداد كافة المستحقات المالية المتأخرة على بلاده، بناء على ذلك، ساعدت المنظمة الأممية أميركا في تشكيل حكومة أفغانستان الجديدة، كما ساعدت على صياغة دستورها، وأشرفت على أول انتخابات ديمقراطية فيها· وطيلة تلك المرحلة، ظلت الولايات المتحدة تتحدث عن المنظمة الدولية باستخفاف، على الرغم من استمرارها في التعاون معها؛ وفي عام ،2002 حدث نزاع خطير بين الولايات المتحدة والمنظمة الدولية، وذلك عندما قادت الأولى حلفا لغزو العراق، دون تفويض من قبل مجلس الأمن الدولي؛ مع ذلك، فإن ذلك الانتهاك الخطير لميثاق الأمم المتحدة لم يدفع ''بوش'' لإنهاء تشابكه معها؛ الذي حدث بدلا من ذلك، هو أن ''بوش''، وعندما وجد نفسه معزولا في العراق، قرر الرجوع سريعا إلى الأمم المتحدة للحصول على دعمها لاستمرار الاحتلال الأميركي؛ وبعد مرور فترة على الغزو، أشرفت الأمم المتحدة على إجراء انتخابين في العراق، كما ساعدت على صياغة دستور جديد، وأشرفت كذلك على الاستفتاء الذي تم عليه· بعد أن أفاقت من نشوة مغامراتها الخارجية، عملت واشنطن على إظهار نوع من الواقعية البراجماتية في علاقتها مع المنظمة الدولية؛ ففي عام 2004 على سبيل المثال، سعت من أجل إحلال جنود حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة محل جنودها في ''تاهيتي''· وفي عام ،2005 ساعدت على استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بطرد القوات السورية من لبنان بعد العديد من المماطلات السابقة، كما ساعدت على صك قرار لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في صيف عام ·2006 وفي أواخر نفس العام أقنعت الولايات المتحـــدة بفرض عقوبات على كوريا الشمالية بسبب تجاربها النوويــــة؛ وخـــلال الفترة من 2006-2008 وبناء على تحريض من الولايات المتحدة، أصدر مجلس الأمن الدولي ثلاثة قرارات بفرض عقوبات على إيران بسبب أنشطتها السرية في تخصيب اليورانيوم؛ بالإضافة لذلك، دفعت واشنطن باتجاه توسيع مهام حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، كما تعاونت معها من أجل تعزيز إجراءات مكافحة الآيدز، وذلك ضمن جهود أخرى عديدة قامت بها بالتعاون مع المنظمة الأممية· لم تكن الصورة وردية على الدوام؛ حيث عملت الولايات المتحدة على حجز الأموال المخصصة لبرامج التخطيط الأسري بصندوق السكان التابع للأمم المتحدة، كما عارضت معاهدة الأمم المتحدة الخاصة بالحد من التجارة في الأسلحة الصغيرة، كما خففت من حدة الإجراءات المتخذة لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري، وحاولت إقالة رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما عرقلت العديد من مبادرات الأمم المتحدة الأخرى· ومع ذلك، يمكن القول، إن ''بوش'' قد عمل بشكل مباشر مع الأمم المتحدة، وأنه لم يفعل ذلك لأنه غير رأيه في المنظمة، لكن لأنه أدرك مع مرور الوقت أن الأمم المتحدة مهمة جدا بالنسبة له، إذا ما كان يريد أن يسترد الشرعية الدولية لسياساته؛ بمعنى آخر، أنه تحرك انطلاقا من اعتبارات بقائه السياسي، دون أن يعترف نادرا بأي انخراط في المنظمة؛ فالرئيس الأميركي، كان نادرا ما يتحدث عن المنظمة أو يثني عليها، وفي أفضل الأحوال، يمكن القول إنه كان يتحملها على مضض، وكل الأفعال التي قام بها هناك كانت تتم خفيةً· ليس هناك من شك في أن صمت بوش وعناده المستمر بشأن التعامل مع الأمم المتحدة قد أضر بها، وبالشعب الأميركي -والأهم من ذلك- بالكونجرس وخصوصا فيما يتعلق بموضوع التمويل؛ إننا نأمل أن يعترف الرئيس القادم للولايات المتحدة -علنا وليس في الخفاء- بأهمية هذه المنظمة لعلاقات بلاده المستقبلية بدول العالم، وذلك كي نضمن استمرار المساندة القوية لمهامها داخل أميركا· ستيفن شليزينجر مؤلف كتاب: عمل من أعمال الخلق: تأسيس الأمم المتحدة ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©