الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بانتظار نتائج الانتخابات

30 سبتمبر 2008 21:32
كان الجنرال ''شارل ديجول'' المعروف بوضوح رؤياه المعهود ومعرفته بالتاريخ، كان يؤمن كذلك أن هناك حاجة لأفكار بسيطة للتعامل مع ''الشرق الأوسط المعقّد''، سوف يكون لحدثين مهمين في المستقبل القريب تأثير على الوضع في الشرق الأوسط: تغيير رئيس الوزراء في إسرائيل والانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة الأميركية· من الأهمية بمكان تحليل المفاوضات الدائرة بين سوريا وإسرائيل كجزء من عملية السلام في الشرق الأوسط، يتكون المبدأ الأساسي لهذه المفاوضات من إعادة مرتفعات الجولان إلى سوريا مقابل ضمانات أمنية لإسرائيل؛ إلا أنه وفي منطقة تتشابك فيها الأمور بشكل كبير، من الوهم أن نأمل بحل مشكلة واحدة بينما نتجاهل المشاكل الأخرى· فلسطين وإسرائيل، سوريا، لبنان، العراق، إيران، فكل وضع منها محدد ومرتبط إلى حد بعيد بالأوضاع الأخرى، فلن يحل سلام جزئي مقسّم في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني مكان سلام عالمي· تمثل المفاوضات غير المباشرة الأخيرة بين سوريا وإسرائيل -رغم ذلك- تقدما مهما، فهي تشير إلى عودة عملية تفاوضية بين دولتين عدوتين، إذا أصبحت ''تسيبي ليفني'' -وزيرة الخارجية الحالية ورئيسة حزب كاديما- رئيسة للوزراء في الحكومة الإسرائيلية، فهل ستقف بحزم إلى جانب العملية مع سوريا والفلسطينيين، التي بدأها ''أولمرت''؟ نستطيع أن نأمل ذلك، رغم أن شيئاً لا يمكن ضمانه بالطبع· سوف تكون إحدى التحديات الرئيسية الأولى التي تواجهها ''ليفني'' تشكيل حكومة تحالف ملتزمة بتوفير حلول سلمية للعديد من القضايا الحساسة المعلّقة في المنطقة، كالتوتر على الحدود مع لبنان، وتقسيم الموارد المائية، والوضع القائم في غزة، ووضع مدينة القدس، وجدار الفصل، والمستوطنات الإسرائيلية، واللاجئين الفلسطينيين، والبُعد الإيراني· بعد سنوات من الجمود المتواصل، بل وحتى المأساة، هل سيجري استئناف العمل الذي بدأه ''اسحق رابين'' و''ياسر عرفات'' في العام 1993؟ في هذا المجال، يجب وضع المفاوضات القائمة بين سوريا وإسرائيل في مضمون عالمي، عرض السلام المقدم في القمة العربية في بيروت عام ،2002 والذي جرى تقديمه مرة أخرى في قمة الرياض عام ،2007 يقترح هذا العرض الذي قدمه القادة العرب سلاماً شاملاً على إسرائيل وضمان تكاملها في المنطقة مقابل تسوية معقولة للقضايا الإسرائيلية العربية والإسرائيلية الفلسطينية بناء على القرار 242 لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعام 1967؛ من هذا المنطلق، فإن إعادة إطلاق المفاوضات السورية الإسرائيلية يبرز من عملية قد تكون وصلت حد النضوج أخيراً· يشكل الدعم الدولي والأميركي لهذه المفاوضات توضيحاً أوسع؛ ينشأ هذا التغيير في المواقف من انتخابات أوروبا وفرنسا عام ،2007 التي سمحت بسياسة أكثر براجماتية تجاه القضية السورية اللبنانية، كما ثبت من الزيارة التي قام بها مؤخراً الرئيس الفرنسي إلى دمشق· في الولايات المتحدة نادى تقرير ''بيكر هاملتون'' -واسع التأثير- بوضع استراتيجية جديدة في العراق والشرق الأوسط تحتوي على حوار له معنى بين واشنطن وسوريا وإيران؛ إلا أن إدارة ''بوش''، وقد أعاقها طرح ''محور الشر'' الخاص بها، رفضت أخذ هذه التوصيات بعين الاعتبار؛ ولكن هل ستعمل الإدارة الأميركية الجديدة باتجاه حل للقضايا العديدة في الشرق الأوسط؟ يمكن لمؤشرات إيجابية أن تضم توجهاً أقل فردية وأكثر اتزاناً، وتنسيقاً أفضل مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وبالذات ضمن إطار اللجنة الرباعية، إضافة إلى العزيمة على الانخراط في حوار مع سوريا· ما زال من الصعب التنبؤ بما قد تتطلبه سياسة السناتور ''جون ماكين'' أو السناتور ''باراك أوباما'' تجاه الشرق الأوسط· ولكنه سيكون من الخطأ توقّع أي تغيير جذري؛ يبدو ''ماكين''، الذي يأتي من نفس الحزب، وقد ساند الحرب في العراق، أنه لا يختلف كثيراً عن الإدارة الحالية، رغم أنه أقل عقائدية وأكثر براجماتية من ''بوش''، إلا أن ''أوباما'' كان ضد الحرب في العراق، وقد أعرب عن استعداده لتطبيق سياسة مختلفة، ربما تجاه إيران كذلك؛ تشير لنا الخبرة بأن تصريحات الحملات الانتخابية يجب ألا تختلط مع واقع العمل المتجهّم؛ إلا أنه من المنطقي توقع أن تحمل الشهور المقبلة فرصاً جديدة· أمين أية شعلال مدير مركز دراسات الأزمات والنزاعات الدولية في الجامعة الكاثوليكية في لوفان ببلجيكا ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومون جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©