تقلبات الأسواق توقف قطار «الاكتتاب العام» في البورصات العالمية

“الحفل الناجح هو ذلك الحفل الذي يخرج كل واحد منه بهدية”، هكذا يقول أندي برو مدير التمويل في مؤسسة “سرودرز” لإدارة الأصول في إشارة إلى سوق اكتتابات الأسهم. وهذا يعني أنه ينبغي على الشركات التي تجمع تمويلات في الأسواق أن ترضي مستثمريها الجدد، وأن تحرص على حسن أداء أسهمها. وهذا يُعد أمراً صعباً في كافة الأحوال نظراً لسعي أصحاب الشركات دائماً إلى مضاعفة الإيرادات. غير أنه في ظل الأسواق المتقلبة الراهنة ثبت أن ذلك أمر أصعب والنتيجة أن كثيراً من الشركات تراجعت فألغت ما تعرضه من أسهم للاكتتاب الأولى. ومنذ مطلع العام الحالي، شهدت أسواق أوروبية وآسيوية إلغاء عروض اكتتاب أسهم أولية بأعداد تفوق أي فترة متساوية منذ بدأت سجلات هذا القطاع عام 1995. وعمل اضطراب السوق أثر أزمة ديون اليونان على إجبار شركات من ضمنها سواير باسيفيك “اتحاد شركات في هونج كونج” وأميركيولد ريلتي ترست “شركة تشغيل مستودعات مثلجة أميركية” على تأجيل عروض كبيرة تطرح فيها أسهمها للاكتتاب العام. وكانت صفقتا هاتين الشركتين ستشكلان أكبر عرض طرح أسهم في منطقتيهما هذا العام. وفي هذا الشهر عانت إيسار إينرجي “من كبريات الشركات البريطانية” من أسوأ بداية لعملية طرح أسهم جديدة لفترة ثماني سنوات. وكانت هناك آمال عريضة لسوق اكتتابات الأسهم الجديدة هذا العام مع توقع بعض المصرفيين إصدار اكتتابات جديدة تتجاوز 60 مليار دولار في أوروبا وحدها. وكان ذلك سارياً إلى أن عاد التقلب إلى الأسواق ليوقف خطط جمع التمويلات لكثير من الشركات. وحتى الآن تم سحب 57 عرضاً عموماً للاكتتاب الأولى في أسهم على مستوى العالم يبلغ إجماليها 31,7 مليار دولار. غير أن مصرفيين يأملون في أن نجاح بعض الإصدارات سيشجع عروض اكتتاب أولى أخرى. ويقول ارم ويلهام رئيس الرابطة الأوروبية للأسهم في مؤسسة باركليز كابيتال: “إن الباب مفتوح لعروض الاكتتاب الأولى العامة إلا أن المستثمرين يبالغون في الانتقائية. والأمر المفاجئ هو تعافي حيوية أداء تداول بعض ما طرح مؤخراً من عروض اكتتاب أسهم أولى، الأمر الذي سيقنع مستثمرين بالشراء. وأهم عنصر هو استقرار الأسواق”. وبعض الأسهم الجديدة الصادرة منها أسهم شركة أمادروس الإسبانية وكابل دويتشلاند الألمانية تم تداولها بأعلى من سعر إصدارها. يذكر أن مستثمرين في آسيا أغرقوا شركات مصدرة بطلب أسهم جديدة، إذ إن أكبر شركة تأمين في كوريا الجنوبية حصلت 4,4 مليار دولار في أكبر عروض في سيؤول للاكتتاب الابتدائي في أسهم. كما أن لاكسيتان “مجموعة مستحضرات التجميل الفرنسية” تمكنت سهولة من جمع 707 ملايين دولار في هونج كونج، بينما جمعت “سامسونج لايف” أكبر شركة تأمين في كوريا الجنوبية 4,4 مليار دولار في أكبر عرض اكتتاب في أسهم في سيؤول. ورغم إلغاء مشاريع إصدار أسهم جديدة، إلا أن كثيراً من عروض طرح الأسهم نجحت مؤخراً في ظل تقلبات سوق بالغة، وذلك بعد فترة الأزمة التي استمرت عامين، وبناءً على ذلك راح عدد من الشركات يستفيد من ميزة أحوال السوق المستقرة ليبدأ في تسويق عروض اكتتاب أسهم جديدة، حيث انضمت مؤخراً شركات منها “جوبيتر” البريطانية و”تورون” البولندية و”لايف هيلنكير” الجنوب أفريقية إلى قائمة الشركات الكثير التي تطمح إلى جمع أموال من أسواق الأسهم هذا العام. ويقول كريج كوبن رئيس قسم أسواق الأسهم في بنك أميركا ميريل لينش “تتفاوت نظرة المستثمرين إلى السوق تفاوتاً كبيراً. تارة ينظرون إلى المخاطرات التي تهدد استقرار الاقتصادات الكبرى، وهو أمر يقلقهم. وتارة أخرى ينظرون نظرة تفاؤل إلى تعافي إيرادات الشركات”. ويتوقع خبراء أن تخضع سوق طرح الأسهم الجديدة العالمية هذا العام لاختبار حقيقي حين ينفذ بنك الصين الزراعي خطته الرامية إلى جمع ما يصل إلى 30 مليار دولار في هونج كونج وشنغهاي في هذا الصيف، فيما سيعتبر أكبر طرح اكتتاب أسهم جديدة في العالم. كما يتوقع ما تيو كودر رئيس قسم أسواق المال العالمية في بنك “يو بي إس” أن تهيمن شركات الأسواق الناشئة على إصدار الأسهم هذا العام نظراً لتزايد نموها المنتظر وقوة تحملها في مواجهة الأزمة العالمية. ويقول كودر إن نمو إيرادات شركات الأسواق الناشئة يعتبر نمواً حقيقياً وغير معتمد على تقليص الإنفاق ومناطقها أكثر استقراراً من منطقة اليورو. ويضيف أنه رغم صعوبة التحديات بدأت الولايات المتحدة تشهد تعافي سوق طرح الأسهم الجديدة. عن “فاينانشيال تايمز”