الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تساؤلات طفولية

31 يناير 2009 03:22
منذ لحظة الولادة تلعب الأم دور الوسيط بين طفلها وبين العالم الخارجي· وكلما نجحت الأم بالقيام بهذه الوساطة هيأت لطفلها الظروف الطبيعية لنموه العضوي والنفسي على حد سواء· أما الطفل، فإنه ينظر لهذه الوساطة نظرة خاصة، لا تلبث أن تتغير مع بدايات نضجه· ففي البدء ينظر الطفل لأمه (لاحقا لأبيه أيضاً) على أنها إنسان خارق كليّ القدرة، يستطيع أن يلبي له جميع حاجاته ورغباته· وكثيراً ما يقع الأهل في مأزق الاستجابة لدور الخارق· فيقدمون لأطفالهم معلومات غير صحيحة أو لنقل غير أكيدة· ومثل هذه المعلومات، تترك آثاراً بالغة السلبية على نفسية الطفل وتؤثر على نموه ونضجه النفسيين· ذلك أن طرح الطفل للأسئلة هو دليل على بلوغه مرحلة من أهم مراحل تطوره النفسي· وهي المرحلة التي يبدأ فيها باكتساب قدرة التعبير عما يعتبره مفارقات، وإدراك المفارقة هو مرحلة مهمة من مراحل تكون ملكة التفكير وتطورها· وعليه فإن طرح الطفل للأسئلة هو محاولة جادة من قبله لفهم العالم من حوله وتكوين مواقف منه، وكذلك التموقع فيه (أن يجد لنفسه مكاناً أو موقعاً سواء أكان مادياً أو معنوياً)· وإذا قدمنا الإجابات المغلوطة لهذا الطفل فإننا بذلك نعيق هذا التطور· وقد توصلت بعض الدراسات إلى النتائج التالية: - يجد طفل الأربعة أشهر لذة خاصة في إظهار قدرته على التقليد· - يبدأ طفل العشرة أشهر بإجراء المقارنات بينه وبين أمه· - يبدأ طفل السنتين بالإكثار من التساؤلات بشكل كثيف ومحرج· - يدرك الطفل في عمر الثلاث سنوات عجزه عن فهم الكثير من الحقائق فيعوض هذا العجز عن طريق التلاعب بالكلمات، أو اختراع الكلمات الجديدة التي لا معنى لها، وقد يمتد هذا التلاعب إلى ما بعد 5 سنوات· ويمكن تصنيف الأسئلة المحرجة إلى الفئات التالية: - الأسئلة ذات الطابع الألسني: لماذا سميت الأشياء بهذه الأسماء؟، لماذا لانغير التسميات؟ - أسئلة التموقع: وهي تتعلق ببحث الطفل عن تفسيرات لمبادئ الزمان والمكان· مثل من أين أتينا والى أين نذهب؟ كيف يأتي الأولاد؟ - أسئلة التمرد: وهي تتمحور حول فكرة لماذا لايسمح للأطفال بمسائل مسموحة للكبار؟ وهي تأتي على شكل محاولات تقليد الكبار أكثر منها على شكل أسئلة، مع تسببها بإحراجات للأهل· - الأسئلة الاختبارية: وهي أسئلة يتوجه بها الأطفال لاختبار قدرات الأهل وانتقاد ما يرونه ضعفاً لدى الأهل· وهي غالباً ما تتمازج مع مقارنات بأهل ورفاق الطفل· وغالبا ما تتمحور حول قدرات الأهل المالية والجسدية· - أسئلة القلق الطفولي: يتولد قلق الطفل من جهله للعالم المحيط به· من هنا تعلقه بالأهل، والأم خاصة، ليكونوا صلة اتصاله بالعالم الخارجي· وهذا ما يجعل من عصاب الهجر (قلق الطفل من أن تهجره الأم) المصدر الرئيسي لقلق الأطفال· وكثيرًا ما يطرح الأطفال أسئلة تعوض مشاعر القلق المتنامية لديهم· ومن أكثر أسئلة القلق تردداً لدى الأطفال نذكر الأسئلة حول غياب أحد الوالدين أو مظاهر الهجر الأخرى· - أسئلة استكشاف الجسد: وهي مرحلة تبدأ في الأشهر الأولى من عمر الرضيع· حيث يبدأ العبث بأصابع قدمه· وفي مقدمة الأسئلة التي يطرحها الطفل على سبيل الاستكشاف هي الأسئلة المتعلقة بالفروق التشريحية بين البنت والولد· وأكثر الأسئلة إحراجاً الأسئلة التي يطرحها الطفل هو: كيف يأتي الأطفال؟ والأهل ينسون أن طارح السؤال هو صفحة بيضاء وغير مدرك لوقع السؤال· وهو بالطبع لا يهدف إلى تكوين ثقافة جنسية من خلاله· والواقع أننا لا نستطيع أن نعطي لهؤلاء الأمهات جواباً موحداً تغلفه الدبلوماسية ليجبن به أطفالهن· وبالتالي فإن الجواب على هذا السؤال يختلف من طفل لآخر، تبعاً لمجموعة من العوامل المؤثرة و هي مثل عمر الطفل و جنسه وترتيبه في العائلة ونوعية العلاقة بالأم، ومناسبة طرح الطفل للسؤال· فما الخطوات الواجب اتباعها لإعطاء الجواب الأمثل على هذا السؤال؟ إن هذا يعتمد على عدة أمور وسأتطرق لها في مقالتي القادمة· سعيد النقبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©