الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التنمية والحكامة... تحدٍّ مزدوج في قندهار

4 يوليو 2010 21:26
حاول رحمة الله، وهو مهندس أفغاني نحيف القوام يعيش في مدينة قندهار، أن يكون مهذباً عندما عرض عليه الجندي الكندي الشاب "شون آدامز" المساعدة لبناء مدرسة محلية. كان الرقيب آدامز، 23 عاماً، يقود دورية مشاة كندية عندما التقى رحمة الله الذي اشتكى له من أنه وجيرانه تبرعوا بقطعة أرض من أجل مدرسة رفضت الحكومة الأفغانية بناءها؛ فوعد آدامز بنقل الشكوى إلى رؤسائه العسكريين، ولكن رحمة الله تنهد وقال: "آسف يا سيدي، أنا هنا منذ ست سنوات، وقد سمعت هذه الوعود مرات كثيرة من قبل ولكنني لم أعد أصدقها". والواقع أن هذا اللقاء يكشف حدود النوايا الحسنة في قندهار، وهو إقليم تنشط فيه حركة "طالبان" وتديره حكومة محلية متهمة بالفساد، وتقوم بدوريات فيه قوات أجنبية انتقلت للتو للاهتمام بالحكامة والتنمية، وذلك بعد تسع سنوات تقريباً على بداية أطول حرب تخوضها الولايات المتحدة على الإطلاق. وضمن الجهود الرامية إلى الفوز بقلوب السكان في قندهار وإضعاف تمرد "طالبان"، أمر القادة الأميركيون جنود "الناتو" بالانضمام إلى خبراء التنمية المدنية من أجل خلق حكومة تتمتع بالكفاءة؛ ولكن هذا الجهد لم يعرف نتائج ملموسة حتى الآن، ذلك أن مشاريع التنمية متواضعة وتتعرض لهجمات المتمردين أو التهديدات ضد العمال الأفغان: كما أن السكان يشتكون من ابتزاز الشرطة الأفغانية لهم، والعديد من الجنود الدوليين يقولون إنهم لا يثقون تماماً في حلفائهم في الشرطة أو الجيش الأفغانيين، والذين من المفترض أن يتسلموا المسؤولية عن الأمن بحلول الصيف المقبل. أما مظاهر الحكومة القليلة الموجودة في قندهار فتغطي عليها مجموعة من المبتزين الأفغان الذين يستمدون القوة والنفوذ من "معارف" في مناصب عليا لكسب أموال غير مشروعة. كما أعلنت لجنة تابعة للكونجرس الشهر الماضي أن زعماء الحرب الأفغان جنوا ملايين الدولارات عبر ممارسة الابتزاز، بما في ذلك ابتزاز قوافل تابعة لـ"الناتو". وكل هذا يشكل ضغطاً قويّاً على الجهود الأميركية من أجل السيطرة على قندهار، التي تستقبل الجزء الأكبر من "الزيادة" التي أمر بها أوباما في ديسمبر الماضي (30 ألف جندي)، ولكن عمليات التمشيط الحربية الواسعة التي وعد بها قادة عسكريون أميركيون كبار في مؤتمرات صحفية في الشتاء الماضي لم ترَ النور بعد، ويقول أولئك القادة اليوم إنه لن تكون ثمة عملية عسكرية ضخمة هنا، بل إنهم باتوا يتحدثون بدلا من ذلك عن جهد مستمر يروم تحقيق الأمن تدريجيّاً لتعبيد الطريق لجهود التنمية والحكامة الجيدة. وفي هذه الأثناء، يتولى معظم الجنود الإضافيين القيام بدوريات في قندهار منذ أسابيع حيث يسعون لاستخلاص المعلومات حول المتمردين من السكان، واعدين في الوقت نفسه بالتنمية وبحكومة متعاونة تستجيب لتطلعاتهم. هذا بينما تتولى "زيادة" موازية في عديد الموظفين المدنيين -الخبراء في الحكامة، والتنمية، والزراعة، والشرطة- مهمة إنجاز عدد من المشاريع لفائدة السكان، ويؤدي هؤلاء مهمتهم انطلاقاً من مكاتبهم المحصنة والمكيفة، بشكل جيد. غير أن "طالبان" ترد على ذلك بحملة من الاغتيالات، والهجمات الصاروخية، والسيارات المفخخة، والقنابل تقليدية الصنع. ونتيجة لهذا، بلغت حصيلة القتلى في صفوف قوات "الناتو" 103 في يونيو الماضي، ما يجعل الشهر المنقضي هو الأكثر دموية بالنسبة للجنود الغربيين في أفغانستان منذ بداية الحرب في 2001. بقي القول إن هذا هو الوضع الذي ينتظر بترايوس بعد استلامه القيادة العسكرية عقب استقالة ماكريستال، الذي تولى القيادة هنا منذ عام لا أكثر. والحال أن بترايوس لديه جدوله الزمني الضيق الخاص به: فهو تحت ضغط كبير ليُظهر نتائج سريعة تستوفي عزم وتصميم أوباما على الشروع في خفض مستويات الجنود الأميركيين بحلول يوليو 2011. بيد أن تغير القيادة يكرس هنا الشعور بأن الولايات المتحدة منخرطة في سلسلة من الحروب التي تدوم عاماً واحداً منذ الإطاحة بنظام "طالبان" في 2001. ونظراً لأن نوبة الجنود العادية هي حوالي 12 شهراً، فإن كل سنة تجلب معها مقاربة جديدة تكون في كثير من الأحيان غير منسجمة مع الجهد السابق. وفي هذا السياق، يرى كيفن ميلتون، وهو مقاول أميركي يرأس العمليات المدنية في منطقة أرجنداب، الواقعة شمال غرب مدينة قندهار، أن الولايات المتحدة بدأت في بذل جهود حثيثة في الإقليم قبل عام فقط، وأنه من 2001 إلى 2006، لم يكن ثمة أي وجود مهم للقوات في قندهار، ولذلك يتساءل ميلتون: "لماذا تطلب الأمر ثماني سنوات حتى نخصص الموارد اللازمة للقيام بما كان يلزم القيام به أصلا هنا؟"، معقباً: "لقد فقدنا التركيز على الكرة. وبالتالي، فإن الجهد بدأ قبل سنة فقط، وليس قبل ثماني سنوات". غير أن ميلتون يشير أيضاً إلى مؤشرات على حدوث تقدم في المهمة. فقد تم إنشاء 17 مجموعة من الزعماء المحليين، كما يقول، وهم يجتمعون كل أسبوع في القاعدة الأميركية من أجل التنفيس عن تظلماتهم وإبلاغ شكاواهم. كما وقع شيوخ البلدات اتفاقات تَعد بالتعاون مع القوات الأميركية والأفغانية ضد "طالبان". وساعدت مشاريع الزراعة والري على خلق 16 ألف وظيفة؛ وهذا العام، يتوقع المسؤولون المحليون أفضل محصول رمان منذ سبع سنوات. ويقول ميلتون: "لأول مرة يقول لي الناس: أجل هذا ما نريده". ولكن على رغم ذلك، يرى ميلتون أن الوضع الأمني يظل هشّاً، كما أن الكثيرين في أرجنداب يسألون كم من الوقت سيدوم التزام الولايات المتحدة هنا، بالنظر إلى موعد يوليو 2011 الذي وضعه أوباما. ويقول ميلتون: "إننا في نقطة تحول... فدعامتا الحكامة والتنمية الاقتصادية بدأتا تقومان؛ والآن سنرى ما إن كان الجدول الزمني سينجح". ديفيد زوتشينو - قندهار ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©