الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل انتهى شهر العسل بين مارادونا والأرجنتين؟

هل انتهى شهر العسل بين مارادونا والأرجنتين؟
4 يوليو 2010 21:41
قد يكون شهر العسل بين الأسطورة الأرجنتيني دييجو ماردونا ومنتخب بلاده قد انتهى على يد الألمان بعد الخسارة المذلة التي تلقاها “لا البيسيليستي” (صفر- 4) أمس الأول في ربع نهائي مونديال جنوب أفريقيا 2010 “سنرى ما سيحصل. لم أفكر بالرحيل، يجب أن استشير عائلتي واللاعبين، هناك العديد من العوامل التي يجب أن تؤخذ في عين الاعتبار”، هذا ما قاله مارادونا اليوم بعد توقف مشوار منتخب بلاده في ربع النهائي على يد منتخب ألماني شاب نجح في مخالفة جميع التوقعات منذ بداية النهائيات وأطاح ببطلين سابقين بنتيجتين ساحقتين هما إنجلترا (4-1) في الدور الثاني ثم الأرجنتين ليبلغ دور الأربعة للمرة الثانية عشرة في تاريخه المتوج بثلاثة ألقاب (1954 و1974 و1990). وتابع مارادونا “الأمر مشابه لصفعة على وجهي، إنها أصعب لحظة في حياتي، أشعر بالخيبة، العودة إلى بلادي بعد الخسارة، إنه أمر صعب. يجب أن نجلس لنرى ما سيحصل، هم سجلوا ونحن لم نتمكن من التسجيل”. وبدا مارادونا عصبياً عندما رد على سؤال حول سبب سيطرة الألمان على وسط الملعب، وأجاب “لماذا لا تذهبون إلى الاتحاد الأرجنتيني لعرض برنامجكم؟ رأيت مباراة كنت نركض فيها خلف النتيجة”. وفي معرض رده على سؤال حول إذا كان اختبر يوماً مماثلاً في حياته، قال “هناك النتيجة، الخيبة، لا أحد بإمكانه تحمل الخسارة 4 - صفر والخروج من ربع النهائي، عشت هذا الأمر عام 1982 كلاعب، لكنني كنت يافعاً حينها، هنا أنا سأصبح في الخمسين من عمري في أكتوبر، إنها أصعب لحظة في حياتي، هناك جميع هؤلاء الاشخاص حولي، الكثير من المحترفين حولي، الطاقم الفني والناس، الأمر مشابه لصفعة على وجهي، لا أملك الطاقة للقيام باشياء أخرى (التحدث إلى الصحافة)”. قد يكون المشوار انتهى بالنسبة لمارادونا الذي أراد أن يدخل النادي المصغر من الأشخاص الذين تمكنوا من إحراز اللقب العالمي لاعبين ومدربين وهو ما نجح في تحقيقه اثنان فقط هما البرازيلي ماريو زاجالو (1958 لاعباً و1970 مدرباً) والقيصر الألماني فرانز بيكنباور (1974 لاعباً، و1990 مدرباً). وكان مارادونا قاد بمفرده منتخب “لا البيسيليستي” إلى إحراز كأس العالم في مكسيكو عام 1986 على حساب الألمان بالذات ودمغ الملاعب المكسيكية بموهبة لا تقارن، فأصبح أسطورة في بلاده وهو كان يؤمن أن بإمكانه إعادة الكأس الأغلى إلى الأرجنتين في مونديال جنوب أفريقيا، خصوصاً أنه يملك تشكيلة من اللاعبين المميزين الذين يعدون من أبرز الاسماء العالمية في الوقت الحالي، أمثال نجم برشلونة الإسباني ليونيل ميسي وهداف أتلتيكو مدريد الإسباني سيرخيو أجويرو، إضافة إلى كارلوس تيفيز والقائد الجديد خافيير ماسكيرانو وغيرهم. وضع مارادونا العنوان العريض لمشواره مع المنتخب: “أولاً لدي هدف واحد هو الفوز بكأس العالم، ليس هناك نقطة تجعلني أفكر بالوصول إلى دور الأربعة (كأقصى حد)، إذ في ظل وجود هؤلاء اللاعبين سيكون هذا هدفنا وسأعمل على تحقيقه”، لكن الألمان كان لهم كلمتهم أيضاً وقد ضربت الأرجنتينيين مثل الصاعقة. عندما التقى مارادونا بنجم ألمانيا الشاب توماس مولر لأول مرة، اعتقده أحد صبيان المولجين التقاط الكرات في الملاعب، في تجاهل مهين رد عليه لاعب بايرن ميونيخ بأفضل طريقة مسجلاً هدفه الرابع في النهائيات ومساهما بشكل أساسي في الفوز الساحق الذي حققه “مانشافت” على الأرجنتينيين. وقد يكون مولر وزملاؤه أطاحوا برأس مارادونا وتسببوا بخروجه من المنتخب لأن الصحافة الأرجنتينية لن ترحمه على الإطلاق بعدما نجح لفترة في إسكات الانتقادات وحول التجريح إلى مديح، لكن شبح الماضي عاد ليطارد “لا البيسيلستي” بشخص “المانشافت الألماني” الذي كان العقبة بينه وبين التأهل الى دور نصف النهائي للمرة الاولى منذ 1990 عندما تواجه المنتخبان في النهائي وخرج الألمان فائزين. لم يكن دخول مارادونا إلى نهائيات النسخة التاسعة عشرة من العرس الكروي العالمي كسائر المدربين الآخرين، لأن أحداً لم يأخذ مسيرته التدريبية على محمل الجد، ان كانت الصحافة المحلية أو الدولية وحتى اللاعبين السابقين مثل البرازيلي بيليه أو الفرنسي ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، خصوصاً بعدما عانى المنتخب الأرجنتيني الأمرين خلال التصفيات حيث تعرض لهزائم تاريخية أبرزها سقوطه أمام بوليفيا 6- 1 وهو لم يحسم تأهله حتى الجولة الأخيرة بفوزه على أوروجواي. واعتقد الجميع أن مسلسل معاناة التصفيات سيتواصل فصولاً في النهائيات، إلا أن رجال مارادونا ضربوا بقوة وخرجوا فائزين بالمباريات الثلاث التي خاضوها في الدور الأول، ثم تخلصوا من المكسيك في الدور الثاني ليضربوا موعداً ثأرياً مع الألمان في ربع النهائي في إعادة لمواجهة الدور ذاته قبل أربعة أعوام عندما خرج “مانشافت” فائزا بركلات الترجيح بعد تعادلهما 1-1 ليجدد الفوز على “لا البيسيليستي” بعد أن كان حرمه من الاحتفاظ بلقبه بطلا للعالم بالفوز عليه 1- صفر في نهائي مونديال 1990 حين كان مارادونا في صفوفه. لكن من اعتقد أن الألمان الشبان لن يكونوا قادرين على مواجهة ليونيل ميسي ورفاقه كان مخطئاً تماما وقد يجد مارادونا نفسه في معركة جديدة مع الصحافة الأرجنتينية والجميع يتذكر ما قام به بعد تأهل منتخبه إلى النهائيات إثر الفوز على أوروجواي في الجولة الأخيرة من تصفيات أميركا الجنوبية، حيث قال في مونتيفيديو بعد فوز بلاده “أهدي هذا التأهل إلى الشعب الأرجنتيني بأسره وإلى عائلتي، لكن قطاعاً واحداً لا يستحق هذا الإهداء (في إشارة إلى الصحفيين) لأنهم عاملوني كالنفايات، لقد اخترعوا مشاكل بيني وبين (المدير الفني) كارلوس بيلاردو غير موجودة”، قبل ان يستفيض بإهاناته، مستخدما ألفاظاً بذيئة للغاية بحق الصحفيين. ودفع مارادونا ثمن هذه الفورة إذ أوقفه الاتحاد الدولي “الفيفا” عن كافة النشاطات الكروية لمدة شهرين وغرمه بمبلغ 25 ألف فرنك سويسري (560ر16 ألف يورو) بسبب العبارات النابية التي أدلى بها وهو تقدم باعتذاره: “أطلب السماح من النساء، ومن والدتي، ومن سيدات الأرجنتين، ومن سيدات أوروجواي، ومن نساء العالم بأكمله، لكن ليس من الآخرين”، قبل أن يعود ويقدم اعتذاره إلى الاتحاد الدولي وعائلة كرة القدم، ما دفع “الفيفا” إلى تخفيف العقوبة. وشدد الاتحاد الدولي على ضرورة ألا تتكرر هذه الحادثة مع مارادونا لأن هذا الأمر سيقوده إلى اتخاذ قرارات أقسى بكثير، لكن تجدد ما حصل سابقاً ليس مستبعداً على الإطلاق ويبقى أن ننتظر عودة مارادونا إلى بلاده لمعرفة اذا كان سيدخل في معركة إعلامية جديدة أو سيكتفي بالصمت تجنبا لأي عواقب تأديبية. حكاية 20 شهراً عاصفة لمنتخب التانجو كيب تاون (د ب أ) - عشرون شهراً أكملها دييجو مارادونا في قيادة المنتخب الأرجنتيني لكرة القدم، لم يستطع خلالها البلد اللاتيني متابعة الأحداث المتلاحقة، هزائم تاريخية وتأهل مونديالي عسير وإيقاف من الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بسبب تصريحاته البذيئة وأمل شعب في معشوقيه الكبيرين، مارادونا وليونيل ميسي، والنهاية خروج من دور الثمانية لمونديال جنوب أفريقيا على يد ألمانيا مرة أخرى. منذ البداية كان اللاعب الأفضل في العالم طوع أمره لكن دون بريق، لكنه قرب النهاية استفاد من عبقريته في بطولات كأس العالم ليدفع مهاجم برشلونة أخيراً إلى تقديم أفضل أداء له بقميص الأرجنتين، حتى لو لم يحرز أهدافاً ولو لم يتحقق الهدف. وكان اختيار أسطورة الكرة لمنصب المدير الفني للأرجنتين في أكتوبر عام 2008 ضربة مدوية من جانب رئيس اتحاد الكرة المحلي خوليو جروندونا. ورغم أن نجل سلفه ألفيو باسيلي أطلق اتهامات حول وجود مؤامرة نفذها مارادونا للحصول على منصب والده، تمكن مارادونا من تحاشي الاتهامات وأخرس الجدل القائم. وبخبرة شبه منعدمة في مجال التدريب، بدأ مارادونا المدير الفني مشواره في نوفمبر عام 2008 بقيادة المنتخب الأرجنتيني نحو فوز ودي على أسكتلندا 1 - صفر في مباراة استدعت صحافة العالم كله إلى جلاسجو. بعد ذلك كان عليه الانتظار حتى مارس عام 2009 ليبدأ مشواره الرسمي في تصفيات أميركا الجنوبية المؤهلة إلى المونديال، التي ترك باسيلي الفريق في وضع حرج بها. وجاء الموعد الأول للأسطورة مع الأرجنتين ليقدم الفريق وجهاً قوياً يبشر بفترة واعدة. وأمام منافس لم يبد مقاومة، فازت الأرجنتين على فنزويلا 4 - صفر، لكنها بعد ستة أيام فقط سقطت في لاباز 6 - 1 أمام بوليفيا في نتيجة عادلت الهزيمة الأسوأ للأرجنتين في تاريخها مع المونديال أمام تشيكوسلوفاكيا عام 1958. وغرق الأرجنتينيون في بحر من الشكوك، وتركتهم الهزائم الثلاث المتتالية أمام الإكوادور والبرازيل وباراجواي في وضع حرج. ومع الظهور المتألق للمهاجم المخضرم مارتين باليرمو بهدف تحت الأمطار الغزيرة وفي الوقت بدل الضائع أمام بيرو، لاح نور الأمل في مشاركة مونديالية جديدة بحضور مارادونا مديراً فنياً هذه المرة. وكان قائد المنتخب الأرجنتيني المتوج في مونديال المكسيك عام 1986 يحلم بإضافة لقب جديد إلى سجله كمدرب ولم يكن يضمن فرصة ذلك حتى تنفس الصعداء في مباراة “ديربي” نهر لابلاتا. فقد فازت الأرجنتين على أوروجواي 1 - صفر في مونتفيديو لتقتنص آخر تذاكر التأهل المباشر إلى جنوب أفريقيا عن قارة أميركا الجنوبية، واحتفل مارادونا بالأمر بسب الصحافة بعبارات طافت العالم. وقرر الفيفا إيقافه لشهرين وأكمل هو العقوبة بحذافيرها ثم عاد في يناير شخصاً آخر حذر، صمت وعزم على مواصلة استدعاء لاعبين جدد للفريق من أجل صنع هوية له. استدعى أكثر من مائة لاعب منذ تولى المسؤولية، وكون منتخباً بديلاً جعله يلعب أمام منافسين أقل مستوى، كي يدفع في النهاية بفريق متألق على مستوى الهجوم يضم عدداً من أفضل مهاجمي العالم ودفاع لا يقنع وخط وسط يفتقد إلى التوازن. وجاء الفوز على ألمانيا ودياً في مارس الماضي في قلب ميونيخ ليستعيد معه الثقة سواء في الفريق أو في الجماهير الأرجنتينية، ويخوض مونديال جنوب أفريقيا بآمال عريضة. أغلق الباب على منتخبه في معسكر بمدينة بريتوريا ومنح الفريق شكلاً ظهر بوضوح في الدور الأول، في مجموعة كان من المؤكد أن فرقها لن تسبب الكثير من المتاعب، ضمت نيجيريا وكوريا الجنوبية واليونان. ووصل الفريق إلى دور الستة عشر بمعدل تهديفي يفوق بقية المنتخبات، حيث تغلب على المكسيك 1/3، بينها هدف احتسب لكارلوس تيفيز المتسلل، وجاء التحدي الحقيقي أمام ألمانيا، التي كشفت الفريق بفوز عريض 4 - صفر، فريق ضم مجموعة من أفضل لاعبي العالم وأعلاهم مهارات، في مقدمتهم ميسي، إلا أن مارادونا لم يتمكن من دفعهم للتألق.
المصدر: جوهانسبرج
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©