أسمهان تثير الجدل بعد ستة عقود من رحيلها

لم يحل النجاح المميز الذي أحرزه المسلسل التلفزيوني المتناول لسيرة حياة النجمة أسمهان، في الموسم الرمضاني المنصرم، دون تصاعد الخلاف حوله بين أسرة الفنانة وبين الجهات المنتجة للمسلسل، كذلك لم يشفع للعمل التلفزيوني تألق الممثلة سلاف فواخرجي التي جسدت دور الشخصية الجدلية ببراعة واقتدار مميزين· وقد حدث كما توقع كثيرون، إذ ما كاد المسلسل يتجه إلى نهايته، حتى تفاقمت المواقف المعترضة على الكثير مما تضمنه من تفاصيل تخص الفنانة السورية التي ملأت أرض مصر وشغلت ناسها لفترة غير قصيرة من الزمن، ولا سيما ما يتعلق بسيرتها الشخصية، وعلاقتها بأجهزة المخابرات الأجنبية قبل رحيلها، وملابسات هذا الرحيل وحقيقته· وتابع الأمير فيصل الأطرش، ابن شقيق المطربين الراحلين أسمهان وفريد الأطرش، فتح النار على المسلسل، والقيمين عليه، مشيراً إلى انطواء أحداثه على مغالطات تاريخية شتى لا تمت إلى واقع حياة عمه وعمته بصلة· وضرب مثلا بشخصية الموسيقار فريد الغصن التي قدمها المسلسل على أنه شخصية مؤثرة في حياة عائلة الأطرش، وعلى توليه مهمة الرعاية الفنية لأسمهان وفريد، منذ الصغر أثناء وجودهما في سوريا إلى جانب والدتهما عالية· مؤكداً أنّها معلومة خاطئة ومخالفة لما حدث في الواقع، لأنّ أسمهان وفريد لم يلتقيا بفريد الغصن إلا عند قدومهما إلى مصر· كذلك توقف الأمير فيصل عند ما أورده المسلسل عن وجود خلافات بين والده فؤاد الأطرش وبين شقيقته أسمهان، مشيراً إلى أن الواقع هو عكس ذلك تماماً· وإذ أكّد فيصل أنّ أسمهان ملكية عامة لا يحق لأحد أن يمنع تقديم عمل تلفزيوني عنها، أو أن يطالب ببدل مادي لقاء ذلك، فقد كشف أنه سأل أحد منتجي المسلسل إسماعيل كتكت حين عرض عليه نقوداً مقابل موافقته: إنت جاي تشتري شرفي ، فرد عليه كتكت: ''إحنا نعرف تاريخ أبوك أكثر منك''· بدوره نفى كتكت في أحاديث لـوسائل الإعلام أن يكون المسلسل قد حمل إساءة لأحد، مشيراً إلى كونه مسلسلاً درامياً يحمل شخصيات حقيقية وأخرى غير حقيقية، و''نحن لا علاقة لنا بما يردده ورثة أسمهان، لأننا لم نقدم المسلسل من وجهة نظرهم بل وفقاً لوقائع ومذكرات حقيقية''· وأضاف: ''طلبنا من إسماعيل شراء بعض الوثائق للاستفادة منها في المسلسل لكنه ماطل، وأرى أن نجاح العمل التلفزيوني رغم كل الاعتراضات انتصار للمشاهد ضد ورثة المبدعين، فالمبدع ملك للناس وفقاً لقانون حقوق الملكية الفكرية الذي ينص على أن الشخصيات العامة لا ورثة لها''· سيرة ولدت أسمهان في جبل الدروز من عائلة آل الأطرش، وكان والدها آنذاك يفر بعائلته بحرا· وكان أول بر وطأته قدما الطفلة أرض بيروت ثم إلى مصر هي وإخوتها فؤاد وفريد وأمل، فدخلوا هناك المدارس وارتسمت أمامهم مسالك النزوع الفني الذي ورثوه عن خؤولتهم· وكان خالهم خليل المنذر الذي مات وهو شاب، صاحب صوت عذب، وأمهم تضرب العود وتغني· فغنت بأجر في روض الفرج، وأوكلت إلى علمين من أعلام الموسيقى العربية تعليم أبنائها الفن: داود حسني، وفريد غصن اللبناني الذي لمع في العود والتلحين في عصر العمالقة في مصر· وأخذ بيت الأطرش في القاهرة يتحول في أوائل الثلاثينات إلى موقع من مواقع تجمع الفنانين، يلتقون حيث البراعم والوعد· وأراد الأمير فهد الأطرش والد أسمهان أن يسميها ''بحرية'' لأنها ولدت في البحر، في 24 تشرين ثاني ،1917 حين كان يعود بعائلته سرا إلى الشام، بعد هزيمة عسكر السلطان الذين كان يقودهم في بعض الممتلكات العثمانية في أوروبا، في الحرب العالمية الأولى· لكن والدتها عالية المنذر أسمتها أمل لأنها ولدت مع أمل النجاة إثر ليلة كادت فيها الباخرة تغرق· أما زوجها الأمير حسن الأطرش فأحب أن يسميها آمال تفاؤلاً· لكن العرب عرفوها بالاسم الذي أطلقه عليها أستاذها الموسيقي العربي الكبير داود حسني: أسمهان على اسم مغنية عربية مجيدة من عصر غبر