الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

فاطمة الكعبي تنسج شفافية المشاعر ودفء الحزن في “دهشة”

فاطمة الكعبي تنسج شفافية المشاعر ودفء الحزن في “دهشة”
20 ديسمبر 2009 02:40
تتناول القاصة فاطمة محمد الكعبي في مجموعتها القصصية “دهشة” المهمل من المشاعر الإنسانية التي قد لا يتم التحدث عنها غالباً، وذلك لعدم إتقان الحديث عنها مع أنها في متناول اللسان وتسكن في أعماق الخاطر. وكانت مجموعتها القصصية الثانية “دهشة” صدرت مؤخراً بدعم من مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، عن دار العالم العربي للتوزيع والنشر وجاءت في اثنتين وسبعين صفحة من القطع المتوسط. وبدء يمكن القول إن الكتابة في هذه المجموعة القصصية هي الأكثر شبها بالمرآة التي من خلالها ننكشف على المسكوت عنه الذي نعرفه جميعاً ونخشى الحديث فيه أو عنه غير أننا ندري أنه يؤثر فينا بل ويوجه مسارات حيوات بأكملها للأفراد في مجتمعنا. وعوالم قصص “دهشة” هي عوالم نسوية بامتياز، وهذا الأمر ليس امتيازاً بالتأكيد لكن شفافية المشاعر الإنسانية ودفء الحزن الذي فيها هو ما يجعل هذه القصة أو تلك تحمل توقيع صاحبتها فيصاب المرء بدهشة ما من المفارقة التي تخبّؤها القاصة في طوايا السرد وعندما يصل القارئ إليها تباغته بالفعل ذلك أن الكاتبة تقول الحكاية بسيطةّ وهيّنة وبلغة أقرب ما تكون إلى لغة التحادث العادي الذي يأتي بأثر من الرغبة في البوح وتحت وطأة إلحاحه. في “دهشة”، هناك القصة القصيرة العادية والتي غالباً ما جاءت مروية بضمير الغائب المؤنث: هي، فتحكي عن عوالم نسوة ناضجات، تلك الحكايات التي تحدث كل يوم للمرأة في عائلتها سواء متزوجة كانت أم لا، والراضخة لقيود شرطها الاجتماعي الراهن والرازح تحت وطأة ذكورة متسلطة غالباً وغائبة الملامح ولا تمتاز بغير قسوتها وغيابها، فلا وجه لهذا الرجل بل ثمة ظاهرة فحسب. أيضاً هناك القصة القصيرة جداً التي بأسطر عديدة وكأنما هي اقتطاعات من طفولة ويعاد تركيبها (الآن، وهنا )، حتى كما لو أن الطفولة هي تجربة قد خيضَتْ فقط كي ترويها صاحبتها بضمير المتكلم المؤنث. والقصص هنا هي دهشة تأتي بها صاحبتها كي نصاب بها؛ وإنها قصص تقوم، تقنياً، على التذكّر فحسب، كما لو أن القاصة تعاين تلك الطفولة بل ربما تطرح نوعاً من المحاكمة للمجتمع بصدد ممارسات بعينها تشعر الآن أنها كانت تنطوي على إهانة موجهة عن قصد لتلك الطفولة، ويلمح ذلك في القصة التي تحمل عنوان “اختيار”، التي ربما منها استقت القاصة عنوان كتابها، وهي تتحدث عن طفلة في سنّ المراهَقة وقد أخذت نسوة “خبيرات” يتحسسن جسدها وهي مستسلمة لهن، لتدري فيما بعد أنهن جئن لتفحص قابليتها للزواج مثلما يحدث في كل المجتمعات الريفية العربية. باختصار فإن قصص فاطمة محمد الكعبي في “دهشة” تنطوي الواحدة منها على دهشة تصنعها مفارقة العادي في حياتنا لكنها صادمة بالفعل.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©