الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سلافا زايتسيف يختزل الإرث الروسي الغني بالتفاصيل والألوان في مجموعة ربيع وصيف 2010

سلافا زايتسيف يختزل الإرث الروسي الغني بالتفاصيل والألوان في مجموعة ربيع وصيف 2010
20 ديسمبر 2009 22:06
يعتبر اسم المصمم سلافا زايتسيف مرادفاً للأناقة والذوق الرفيع، كيف لا؟ وهو كان أول من سمح له من الاتحاد السوفيتي السابق بأن يشارك ويعرض مجموعته لأزياء الهوت كوتور في أسبوع الموضة في باريس سنة 1988، مع أن طريقه إلى هناك لم تكن سهلة أو معبدة بالورود. وبدأت ملامح الشهرة تظهر على المصمم عند العام 1963، عندما كان يعمل كواحد من عدة مصممين في مصنع متخصص في تصميم الملابس الرسمية للشركات والمصانع "اليونوفيرم"، وجاءته الفرصة لأن يجعل مواطنيه أكثر جمالاً وأناقة، في مهمة شكلت له تحدياً جدياً ونقطة تحول فيما بعد، وذلك بعد أن طلب منه ابتكار سترات مستوحاة من فنون التراث والثقافة الروسية القديمة، فصّمم زايتسيف موديلات بديعة وملونة بالزخارف والرسومات التاريخية لروسيا. ومع أنه لم يقدر التقدير الكافي من قبل المسؤولين السوفييت آنذاك، حيث اعتبروا تصميماته احتفالية، مبهرجة، وتافهة لا قيمة لها، إلا أن عمله لقي كل التشجيع والترحيب من قبل وسائل الإعلام العالمية، ومن هنا بزغت براعم التميز والشهرة، ولم تلبث أن انتشرت أعماله لتنشر في المطبوعات الفرنسية المعروفة مثل "باريس ماتش" و"الحياة"، و"نظرة"، وشكل هذا الأمر سابقة لم تحدث قط لأي مصمم سوفييتي آخر، ولأنه لفت الأنظار ولوحظ عالمياً كفنان ومصمم موهوب، فقد وجبت معاقبته ومحاسبته من قبل حكومة الاتحاد السوفييتي السابق، الذي لم يكن يسمح في تلك الأيام كنظام شيوعي واشتراكي، بهذا النوع من الاتصال والانفتاح على العالم الغربي الرأسمالي، فجرمته المحكمة على ذلك، وعوقب وفصل من عمله كمصمم في مصنع الملابس الرسمية، فانهار وعانى الأمريّن أثر ذلك، حتى كاد أن يفقد بصره. تحدي الأقدار لم يستسلم سلافا لقدره، بل حاول أن يبدأ من جديد ومن مكان آخر، فاشتغل بورشة صغيرة تابعة للمصنع السابق حيث يستخدم فيها قصاصات الأقمشة وبواقي الخامات التي لا حاجة لها، ليصنع منها ملابس تجارية منوعة، تباع في الأسواق العامة بثمن رخيص، ونجح مرة أخرى في لفت الأنظار لعمله، كاسراً الحصار الذي ضرب من حوله، وبفترة وجيزة تحول من مجرد عامل في ورشة الخياطة، إلى رئيس فريق التصميم في المشغل، وأصبحت موديلاته المبتكرة تنتشر بل وتطلب من قبل المحال والزبائن، ثم سنحت الفرصة الذهبية وجاء الفرج عبر الحدود الروسية في العام 1965، بزيارة خاصة لموسكو قام بها المغني الفرنسي "جلبيرت بيكود" مع المصمم المعروف "بيار كاردان"، أبديا خلالها اهتمامهما بأعمال المصمم الروسي العنيد كما وصفته الصحف الفرنسية، وعبر جلسة ودية في أحد مطاعم العاصمة، تبادل زايتسيف فيها الأفكار والخواطر مع ضيفيه الأجنبيين، ولم يتردد قط في قبول عرضهما بالتعاون معا، مستمرا في ذات الوقت في جولاته بين المتاحف الروسية والنهل من فنون وحضارة أسلافه السابقين، والذين كان لهم ابلغ الأثر على أفكاره، رسوماته، ونمط تصاميمه الملوّنة بشكل عام، مما ميّزه كمصمم من بين أقرانه ومنحه هالة من السحر والفرادة، وحوله إلى إيقونة عصره في أوروبا كلها، وأصبح ممن يشار إليهم بالبنان كمجدد، مبتكر ومؤثر في اتجاهات الموضة العالمية. وللأسف كلما زادت شهرته وذاع صيته في الخارج، كلما مورس عليه المزيد من الضغط والحصار في الداخل، لدرجة أنه كاد أن يعتزل تصميم الأزياء نهائياً في العام 1978، بعد أن نشرت أعماله الفريدة في أنحاء أميركا، ليمنع بعدها زايتسيف من مغادرة الاتحاد السوفييتي ولعدة سنوات، والشيء الوحيد الذي أنقذه وأبقاه مقاوماً ومستمراً في عالم الموضة، هو الحب والدعم الإعلامي الذي حظي به من قبل وسائل الإعلام الدولية، مما حفزه على إنشاء دار أزيائه الخاص به في سنة 1982، والتي أصبحت فيما بعد رمزاً للفن، الجمال، والذوق الرفيع الذي ينشده الصفوة في المجتمع الروسي. إحداث التغيير مع أنه أثبت أنه الأفضل في تصميم الأزياء، إلا أن الموضة كانت لا تمثل إلا جزءاً فقط من فنه الخلاق وخياله اللامحدود، فقد أنجز زايتسيف أعمالاً مثيرة للإعجاب وتستحق التقدير، ومنها مجموعة من قطع الأثاث والديكور المنتجة في بلجيكا، كما صمم الزي الرسمي للشرطة الروسية عام 1991، وأنتج تشكيلة من مستحضرات التجميل المعروفة حول العالم باسم "مرسيا"، ولا ننسى لوحاته الزيتية البديعة، مع قطع الكنفا المشغولة، والتي صنفت كأعمال فنية راقية حتى أنها علقت على جدران المتاحف الدولية، ومنها متحف (تريتياكوف) في موسكو، ومتحف (برادو) في مدريد، ومتحف الفن الحديث في وارسو، كما صمم ملابس أهم العروض المسرحية والاستعراضات الغنائية المقامة على مسارح بطرسبرج، وأخيراً وليس آخراً تأليفه لمجموعة قصائد شعرية نشرت في الصحف والمجلات والتي مكنته من الحصول على عضوية اتحاد الكتاب الروس. وعلى الرغم من تغير الخريطة السياسية للاتحاد السوفييتي السابق، ودخول الانفتاح وإمكانية السفر وإغراءات الهجرة إلى الخارج، إلا أن زايتسيف العنيد لم يترك بلده روسيا، ولم يهاجر إلى عواصم الموضة، بل فضل البقاء ومحاولة التغيير وإيجاد فرص جديدة للآخرين من الشباب الواعدين، للنهوض بالموضة والفن في روسيا، ولفت أنظار العالم إلى ثقافة، حضارة، وتاريخ بلده العريق. مولد نجم في سماء الموضة ولد النجم المتألق زايتسيف سنة 1938 في بلدة صغيرة في غرب روسيا، من أسرة متواضعة وأم مكافحة تعمل في غسيل الملابس لتعيل الأسرة، فمر بطفوله هادئة وباهتة، لم يلبث أن دخل بعدها لمدرسة متخصصة في تصميم وتقنية المنسوجات وهو لم يتجاوز سن المراهقة، وبعد اجتيازه الناجح للامتحانات النهائية، انتقل الفتى الموهوب إلى جامعة موسكو للتخصص في صناعة النسيج، التي هيأته فيما بعد لاقتحام عالم تصميم الأزياء. وربما تعد سنوات الدراسة في موسكو من أصعب المراحل التي مر بها سلافا في حياته، فقد واجه خلال سنواتها العجاف خطر الفاقة، التشرد، وقلة الحيلة، فتنقّل من مسكن سيئ إلى آخر، ولم يعرف طعم الاستقرار والهدوء، حتى بعد أن ارتبط بزوجته الأولى ماشا التي عاش في منزلها لتسع سنوات انتهت بالطلاق، والرجوع مرة ثانية لحياة التشرد بين المساكن والشقق، إلا أن هذا كله لم يكسر إرادة الفتى الشاب أو يثنيه عن طموحه، بل قوى من عزيمته وإصراره على النجاح والتفوق، وكوّن شخصيته القوية التي أوصلته فيما بعد، إلى الشهرة والمال
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©