الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أربع أساطير عن الصراع في السودان

أربع أساطير عن الصراع في السودان
20 ديسمبر 2009 22:34
جون بريندرجاست مؤسس مشارك لمشروع Eno gh بمركز American Progress المخصص لوضع حد لجرائم الإبادة الجماعية خلال نصف القرن الذي أعقب استقلال السودان، قلما شهدت مناطق أخرى في الكرة الأرضية ما شهده السودان من موت ودمار. ورغم أن النزاع في إقليم دارفور الذي نشب في عام 2003 ليس سوى واحد من مجموعة النزاعات الإقليمية المستعرة هناك، إلا أنها تعود إلى منشأ واحد مشترك، ألا وهو سوء استخدام السلطة. فكثيراً ما يلجأ الحزب أو النظام الحاكم لقمع الأصوات المستقلة أو المعارضة، ويدعم المليشيات التي تباشر أعمال القتل الجماعي وتجنيد الأطفال باعتبارها أسلحة رئيسية للحرب. ويواجه السودان عاماً جديداً وحاسماً في تاريخه. فهناك انتخابات عامة يتوقع إجراؤها في شهر أبريل المقبل، يخشى الكثيرون من أن تفتقر إلى النزاهة والديمقراطية. ثم هناك استفتاء شعبي سيجري في شهر يناير من عام 2011 حول تقرير المصير الذاتي لجنوب السودان. وكلاهما حدثان من شأنهما الإلقاء بالسودان مجدداً في أتون حرب أهلية واسعة النطاق. وفي تلك الأثناء يلاحظ أن مجموعة من التحديات التي تواجهها واشنطن خلقت فجوة بين أقوال مسؤوليها وأفعالهم إزاء ما يجري في السودان. لسد هذه الفجوة لا بد من تبديد الأساطير السائدة بين واضعي السياسات والدبلوماسيين الأميركيين فيما يتعلق بحائق الوضع السوداني. وأولى هذه الأساطير ما يقال عن تراجع كبير لحملة الإبادة الجماعية الجارية في إقليم دارفور. فبسبب انتهاء الحرائق الجماعية الواسعة في القرى، وما نتج عن انتهائها من انخفاض لمعدلات الوفيات الناجمة جراءها، اعتقد البعض في واشنطن أن أسوأ ما كان يجري هناك قد انتهى، بل اعتقد مسؤولو الاتحاد الإفريقي أن الحرب الأهلية في الإقليم قد انتهت، بينما أشار سكوت جريشون مبعوث الرئيس أوباما الخاص للسودان في تقرير له قدمه في شهر يونيو المنصرم إلى ما يحدث في دارفور على أنه مجرد بقايا من دخان حملة إبادة جماعية حدثت في الإقليم. غير أنه من الملاحظ حظر النظام الحاكم لأي منافذ للتغطية الإعلامية المستقلة لما لا يزال يجري في الإقليم، بهدف التعتيم على ما يحدث وصرف الأنظار عن مرتكبيه. فعلى سبيل المثال تعد الإغارة الجماعية على القرى أحد الانتهاكات الرئيسية المرتكبة ضد المجتمع المدني. ولا تزال هذه الممارسات مستمرة إلى الآن مع وجود أدلة كثيرة عليها. وكان النظام قد طرد في شهر مارس الماضي ما يزيد على عشر منظمات ووكالات للغوث الإنساني كانت تدعم وتوفر الحماية للنساء الناجيات من الممارسات السائدة هناك. والهدف الرئيسي وراء طرد تلك المنظمات هو تغييب أي جهة من شأنها التبليغ المنتظم عما يحدث من تلك الممارسات الوحشية بحق نساء الإقليم. ثانية الأساطير: استثمارات الصين النفطية التي تمنعها من ممارسة الضغط على حكومة الخرطوم. صحيح أن الصين استثمرت ما يزيد على 9 مليارات دولار في قطاع النفط السوداني خلال العقد الماضي. ويصح كذلك أن بكين وفرت للحكومة السودانية ما تحتاجه من أسلحة، إضافة إلى عدم استجابتها للمطالب الدولية الداعية إياها للعب دور أكثر إيجابية في مجلس الأمن الدولي للضغط على حكومة الخرطوم. لكن من شأن هذه اللعبة الصينية أن تتغير تماماً. ففي حال انهيار اتفاقية السلام المبرمة بين شمال السودان وجنوبه في عام 2005، وعاد الجنوبيون مجدداً إلى ساحات الحروب، فإن أول ما يستهدفه المتمردون هو منشآت النفط الصينية في شمال السودان. وعليه فإن للصين مصلحة حقيقية في استقرار الأمن والسلام في السودان. وعقب زيارة أوباما للصين، أصبح في وسع واشنطن وبكين عقد شراكة تهدف إلى تصعيد التعاون الدبلوماسي بينهما بهدف وضع حد للنزاع الدارفوري، إلى جانب الحيلولة دون عودة اشتعال الحرب بين شمال السودان وجنوبه. الأسطورة الثالثة: لقد فشلت سياسات الضغط على السودان، وحان الوقت لبدء سياسات التحفيز معه. فكثيراً ما جادل بعض مسؤولي إدارة أوباما والدبلوماسيين الدوليين بفشل كافة خيارات الضغط المتاحة من فرض عقوبات وحظر وعزل دبلوماسي في تعديل سلوكيات الخرطوم. وعليه فقد حان الوقت لتبني سياسات الجزرة بدلاً من العصا. وهذا ما دافع عنه جريشون مبعوث أوباما الخاص للسودان. والحقيقة أن النظام الذي ظل يحكم الخرطوم منذ 20 عاماً لم يستجب إلا للضغوط الخارجية التي شكلت مهدداً له. من بينها على سبيل المثال اضطراره إلى طرد أسامة بن لادن من الملاذ الآمن الذي كان يحظى به في الخرطوم، وإبرامه لاتفاقية السلام مع الحركة الشعبية المتمردة في الجنوب. ولا يزال لدى المجتمع الدولي المزيد من الضغوط التي يمكن أن يمارسها على السودان. رابعة الأساطير أن واشنطن قد فعلت كل ما بوسعها لوضع حد لمواجهات العنف السوداني. والملاحظ هنا أن أول من أطلق هذه العبارة هو كولن باول وزير خارجية إدارة بوش السابقة، ثم سار عليها عدد من مسؤولي إدارة أوباما الحالية. لكن رغم صحة تفوق الولايات المتحدة الأميركية على أي دولة أخرى من ناحية تقديم المساعدات الإنسانية لمختلف ضحايا النزاعات المسلحة السودانية، إلا أن واشنطن لم تقد أو تنسق بعد ما يكفي من جهد دولي لعقد صفقة سلام تعالج الجذور الحقيقية لتلك النزاعات، لاسيما في إقليم دارفور. ولا تزال أمام عدد من مسؤولي الإدارة الحالية المعروفين باهتمامهم بتسوية النزاعات السودانية، فرص كبيرة يمكن استغلالها لكسر دائرة العنف والنزاعات هذه. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©