السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

العالم يحتاج 2000 كيلومتر مكعب إضافي سنوياً من الماء للوفاء باحتياجاته الغذائية

العالم يحتاج 2000 كيلومتر مكعب إضافي سنوياً من الماء للوفاء باحتياجاته الغذائية
2 أكتوبر 2008 23:18
يحتاج القطاع الزراعي إلى نحو ألفي كيلومتر مكعب من الماء إضافي سنوياً حتى العام 2030 حتى يتمكن من توفير الغذاء لجميع سكان الأرض في ذلك الوقت، وفقاً لاحصائيات المعهد الدولي لإدارة المياه· وتشير الاحصائيات الرسمية إلى أن كل شخص يتناول لترين من الماء في كل يوم في المتوسط ولكنه يستهلك حوالي 3 آلاف لتر من المياه متى ما وضع في الحسبان كمية المياه التي تدخل في الأطعمة والغذاء· إلا أن الأغنياء يتجرعون كميات أكبر من ذلك بكثير طالما أنهم يميلون إلى تناول المزيد من اللحوم والتي تحتاج عادة إلى كميات من المياه أكبر بكثير عما تحتاجه الحبوب من أجل انتاجها· لذا ففي ظل النمو الذي يشهده العالم في التعداد السكاني وارتفاع المداخيل فإن المزارعين في حال استخدام لنفس الوسائل الحالية - سوف يحتاجون إلى كميات ضخمة إضافية من المياه حتى يتمكنوا من توفير الغذاء لكل شخص في العالم، أي كمية إضافية بحوالي ألفي كيلومتر مكعب من المياه سنوياً حتى العام 2030 وفقاً لاحصائيات المعهد الدولي لإدارة المياه أو ما يزيد على ربع الكمية التي يتم استهلاكها حالياً· ولكن وعلى النقيض من ذلك فإن العديد من المناطق الزراعية تشهد حالياً ندرة في المياه وبات من المرجح ان تتفاقم هذه الندرة وتتسم بالمزيد من الحدة متى ما ساءت وتفاقمت حالة الاحتباس الحراري في الأجواء· وهو الأمر الذي دعا كولين شارترز المدير العام للمعهد الدولي لإدارة المياه المركز البحثي المتخصص في هذا المجال لأن يقول: ''إن العالم لا يواجه أزمة في الغذاء بقدر ما يعاني من أزمة في المياه''· ويكمن الحل، كما يشير شارترز والعديد من مؤيديه في المزيد من ترشيد استخدام المياه أو في الشعار الذي أطلقوه ''المزيد من المحصول بأقل قدر من المياه''، وكذلك فهناك حوالي 1,2 مليار شخص أي حوالي خمس التعداد السكاني العالمي يعيشون في أماكن تعاني من نقص المياه، كما أن الزراعة في العالم تسهم بحوالي 70 في المئة من إجمالي الاستهلاك البشري للمياه· ولما كانت الحكومات نادراً ما تفرض على المزارعين شراء المياه بأسعار السوق - لأسباب تتعلق بالفوز بأصوات الناخبين أو من أجل توفير الحماية للفقراء - فقد أصبح المزارعون عادة أكثر إهداراً للمياه من أي نوع آخر من المستهلكين، بل أن القيمة التي يدفعونها مقابل المياه أقل بكثير جداً من تلك التي يدفعها عادة مستهلك المياه في المنازل أو في قطاع الصناعة· على أن الحاجة الملحة باتت تتمثل في ضرورة أن يستمر استدامة تدفق المياه حيث يعكف انطونيو فريروت رئيس دائرة المياه في شركة فيوليا للبيئة الفرنسية على تطوير عمليات إعادة التدوير حيث تتم معالجة مياه النفايات والصرف الصحي في المدن الى أن يصبح بالإمكان استخدامها مجدداً في الصناعة أو الزراعة· وتكلف هذه العملية أقل بمقدار الثلث من تكلفة تحلية المياه، كما تعمل أيضاً على خفض مستوى التلوث في الأجواء، وهو يتوقع أن تتضاعف أعماله التجارية في إعادة التدوير إلى أربعة أمثالها في العقد المقبل من الزمان· إلا أن فريروت نفسه قد عبر عن اقتناعه بأن هناك العديد من السبل الأرخص تكلفة لتوفير المياه إذ أن كمية تصل الى 70 في المئة من المياه المستخدمة من قبل المزارعين لا تذهب إطلاقاً الى الحبوب والنباتات الأخرى، حيث يتم فقدانها جراء التسربات في قنوات الري أو تدفقها في داخل الأنهر أو الى مكامن المياه الجوفية· لذا فإن الاستثمار في الري بالتنقيط أو الرش أو في العمل ببساطة على إصلاح وصيانة منافذ التسرب من شأنه أن يوفر كميات هائلة من المياه، ولكن المزارعين في الدول الفقيرة لن يصبح بإمكانهم تحمل مثل هذه التكاليف إلا إذا كانوا يزرعون محاصيل نقدية كما يقول ديفيد مولدن في المعهد الدولي لإدارة المياه، بل أن هذه المناطق عادة ما تفتقد إلى المعدات الأساسية البسيطة مثل الخزانات الصغيرة لمياه الأمطار· وعلى سبيل المثال فإن دولة إثيوبيا بأكملها لديها سعة تخزينية لا تزيد على 38 متراً مكعباً لكل شخص في الدولة بينما تبلغ هذه السعة 5 آلاف متر مكعب في أستراليا· ولوحظ أيضاً أنه متى ما كان للمزارعين القدرة على تحديد أوقات الري كلما اقتصدوا في كميات المياه المستهلكة للزراعة، وعلى سبيل المثال فإن مزارعي القطن في أوزبكستان الذين درجوا على تلقي حصة ثابتة من المياه لأغراض الري، سواء كانوا يحتاجونها بالكامل أم لا، يجدون أنفسهم يسيطرون على شبكة الري وبشكل يسمح لهم أن يقرروا بشأن كمية المياه التي يحتاجونها بالفعل، مما أدى إلى تقليل الاستهلاك بمعدل بلغ 30 في المئة وبنفس الطريقة فإن بإمكان مزارعي الأرز خفض استهلاكهم للمياه بصورة حادة إذا ما تركت لهم الحرية في غمر الحقول بالمياه لبعض الوقت فقط· وكذلك فإن مزارعي القمح في المناطق الحارة مثل الهند وأستراليا بإمكانهم المحافظة على المياه عبر العمل على تقليل عمليات الحراثة إلى أدنى مستوى ممكن بحيث يتركون طبقة من النشارة أو التبن على سطح الحقل تعمل على امتصاص مياه الأمطار وتحد من التبخر· أما في مناطق مثل الشرق الأوسط فيقترح مارك زيتاون في جامعة لندن للاقتصاد أن يتم استبدال المحاصيل العطشي للمياه مثل البرتقال بتلك المتقشفة عادة مثل الزيتون والبلح· ولعل من المثالي أيضاً أن تركز الدول التي تعاني من الندرة في المياه على زراعة المحاصيل النقدية القيمة ثم تستخدم العائدات في استيراد السلع الغذائية الأساسية· إلى ذلك فقد عكف العلماء في الاقتصاد الزراعي على استنباط السبل والأدوات التي تساعد على مراقبة كفاءة استخدام وترشيد المياه في العالم، وعمد البعض إلى تصميم عمليات حسابية تستخدم بيانات الاقمار الاصطناعية الخاصة بدرجات الحرارة من أجل احتساب معدلات امتصاص ورشح المياه من قبل النباتات· وهو الأمر الذي سيسمح للحكومات وهيئات التنمية بتركيز جهودهم على تجنب الزراعة في المناطق الأكثر تبذيراً وإهداراً للمياه، بيد أن كفاءة وترشيد استخدام المياه ليست سوى خطوة أولى في الطريق الى تحقيق عائدات أفضل للزراعة، كما يحذر باسكويل ستيدوتو في منظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة· فحتى إذا ما تمكن المزارعون من استخدام الكمية المناسبة من المياه فإنهم بلا شك سوف يحتاجون إلى البذور والتقاوي المحسنة وكذلك إلى كميات كافية من المخصبات والأسمدة· وفي أفريقيا على وجه الخصوص فإن هذه العوامل وغيرها مثل مكافحة الحشرات والآفات وسبل التخزين وقنوات التوزيع جميعها تعتبر من أكبر المعوقات التي تقف في وجه تحقيق العائدات المناسبة وبصورة أكبر من ندرة المياه نفسها، وبالمثل أيضاً تحقيق أفضل العائدات من الزراعة لا يجب أن ينطوي في جميع الأحوال على استهلاك أكبر للمياه وخاصة عندما تفتقد المزارع نفسها إلى الكفاءة والإعداد الجيد· إذ ان الأمر لا يحتاج سوى إلى كمية إضافية قليلة من المياه من أجل مضاعفة انتاج الحبوب في العديد من انحاء القارة الأفريقية، ويشير ديفيد مولدن إلى أن المعهد الدولي لإدارة المياه يقدر أن ثلاثة أرباع الأغذية الإضافية التي يحتاجها العالم يمكن توفيرها ببساطة عبر رفع العائدات في الدول الفقيرة قريباً من مستوى تلك العائدات التي تتمتع بها الدول الغنية· عن ''مجلة الايكونوميست''
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©