الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

محللون يتخوفون من نتائج سياسية كارثية للأزمة المالية العالمية

محللون يتخوفون من نتائج سياسية كارثية للأزمة المالية العالمية
2 أكتوبر 2008 23:40
يتخوف محللون من أن الأزمة المالية العالمية الراهنة ربما تفوق من حيث أخطارها ''الانهيار الأكبر'' للأسواق المالية العالمية الذي حدث في مستهلّ عهد إدارة الرئيس الحادي والثلاثين هربرت هوفر عام ،1929 والذي وصف بأنه أسوأ كارثة مالية شهدتها البشرية في القرن العشرين· وكان لتلك الأزمة الكبرى أن تؤدي إلى نتائج مفجعة عندما استغلّها أدولف هتلر ووظّف تداعياتها في خدمة طموحه السياسي حتى غدا مستشاراً لألمانيا، وهو ما أدى إلى نشوب الحرب العالمية الثانية· ويتساءل المحلل المالي مارتن وولف بعد إجراء هذه المقاربة المثيرة للقلق: فمن يمكنه إذن أن يتنبأ بالتداعيات المخيفة لهذه الأزمة المالية المستعصية التي نعيشها الآن؟· ويجيب عن تساؤله بالقول: إن الوضع بات خطيراً جداً، ويتطلب عملاً جاداً وجماعياً لإصلاح كل ما أفسدته أزمة الرهن العقاري؛ وقد يمثل العثور على الحلول أمراً بالغ التعقيد ولكنّه غير مستحيل· ويشير وولف إلى أن العالم الرأسمالي يواجه الآن خطر الانهيار التام لنظامه المالي، وطالما أن صناعة التمويل تمثل الشبكة العنكبوتية ذات التركيب المعقد والتي تربط أعمدة الاقتصاد بعضها إلى بعض عبر المكان والزمان، فإن الاقتصاد لا يمكنه أن يستمر أبداً لو أصابه ضرر كبير· واستطرد: نحن نرى الآن بأم أعيننا التمزّق الكبير الذي لحق بهذه الشبكة الحساسة وما أدى إليه من تبخّر لثقة المستثمرين بالأسواق وتقويض لدواعي ومبررات الركون إلى نظام البورصات برمته· وإذا صدقت تكهّنات بعض المحللين وتوقف قلب النظام المالي عن الخفقان وتداعت مؤسساته، فسوف يكون كل إنسان على وجه الأرض من الخاسرين· ويمكن تلخيص ما يحدث الآن في انتقال عدوى الشلل الذي أصاب بعض البنوك الكبرى وحرمها من نعمة القدرة على مواصلة العمل والنشاط، إلى بقية المؤسسات المالية بعد أن أنهكتها مشكلة نقص السيولة بسبب سياسة الإقراض التي تعوزها الحكمة فضلاً عن انعدام الثقة بأدائها بين المستثمرين والتجّار· واتضح من هذه الأزمة أن أي ضعف تعاني منه إحدى هذه المؤسسات لا بد أن ينتقل عدواه إلى مؤسسات أخرى وفق سلسلة لا نهاية لها من عوامل التأثير والتأثّر· وكان لهذه الحال أن تشلّ قدرة المؤسسات على الإقراض، وأن تعزّز عوامل الخوف لدى المستثمرين للدرجة التي دفعتهم للخروج من الأسواق تماماً· وربما كان أسوأ ما في الأمر أن البنوك ذاتها كانت من أكثر فئات المستثمرين تعرّضاً للضرر، وبلغ مستوى انعدام الثقة فيما بينها الحدّ الذي جعلها تتجنب إقراض بعضها البعض وهذا ما أدى إلى افتقاد الأسواق المالية لهامش المرونة في الأداء وجرّد البنوك من قدرتها على إبرام الصفقات الضخمة التي تحتاجها لتثبيت مكانتها وأوضاعها في الأسواق· وسبق للمحلل وولف أن أعرب في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر الماضي عن رأيه بخطة بولسون للإنقاذ المالي التي رفضها الكونجرس فيما بعد فأحيلت مناقشتها إلى مجلس الشيوخ، حيث قال: ''إن خطة بولسون لا تمثل حلاً عملياً للأزمة''· ومن أجل إثبات هذا الموقف، يفضل وولف الاسترشاد بأرقام وإحصائيات ميدانية مستقاة من صلب ملفات البنوك والمؤسسات المالية حيث يشير إلى أن حجم التداولات بالقطاع المالي مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة قفز من 21؟ عام 1980 إلى 116؟ في عام ،2007 وهذا يعني أن الحجم الإجمالي للكتلة المالية المتداولة بين المؤسسات المالية فاق الناتج المحلي الإجمالي ذاته· وفي مثل هذه الحالة الشاذة، يكون من الضروري زيادة معدلات الإقراض أكثر وأكثر من أجل ضمان التغطية المالية المستمرة لهذه الأصول المالية (الوهمية)؛ وإذا لم يتم ذلك فلا بد أن تتداعى هذه المؤسسات واحدة تلو الأخرى وبسرعة تحاكي تلك التي تتداعى بموجبها البيوت لحظة حدوث الزلازل الأرضية· ويقول وولف: إن هذه الحقيقة يمكنها أن تفسّر السرعة الهائلة لانهيار صناعة الاستثمار البنكي برمتها في غضون أسبوعين فحسب· ويتساءل وولف بعد ذلك قائلاً: ''ووفقاً لهذا التفسير الواقعي للأمور، ما الموقف الذي ينبغي على المرء أن يتبنّاه من خطة الإنقاذ المالي التي اقترحها بولسون وأيدها بوش ورفضها أعضاء الكونجرس؟''· ويجيب عن ذلك بالقول إن إسقاط هذه الخطة يمكن أن يوصف بدقة بأنه (خطأ عادل)· ويكمن تفسير هذا الحكم بأن استخدام أموال دافعي الضرائب لشراء (القروض الائتمانية المسمومة) من البنوك الغبية التي خلقت هذه الأزمة، لهو أمر يصعب قبوله، إلا أن الأمور في الأسواق المالية بلغت حدّاً من الخطورة يجعل من التضحية بالمبادئ العادلة أمراً مقبولاً إذا كان ذلك يمثل الحل المؤقت الوحيد الذي يمكنه أن يضمن تخفيض سرعة انهيار النظام المالي بالرغم من أن الخطة بحد ذاتها لا يمكن أن تمثل حلاً نهائياً للمشكلة· ويمكن القول بكلمة أخرى إن رفض هذه (الخطة الخاطئة) يعدّ خطأ كبيراً لأنه سيؤدي بالضرورة إلى انهيار الموسسات المالية الصغيرة التي توصف بأنها بريئة تماماً من هذه الوضعية المأساوية التي أصبحت عليها الأسواق· ويكون من المهم جداً في مثل هذه الحالة التساؤل أيضاً عما إذا كان هناك أي حلّ آخر يصلح لأن يكون بديلاً لخطة الإنقاذ المالي، ولا شك أن عدم إقرار هذه الخطة لن يرضي أحداً· وهكذا وجد بولسون نفسه أمام خطة عرجاء لا بديل لها، وهذا الرجل الخبير الذي كان يعدّ مارد الاقتصاد المالي في الولايات المتحدة، سوف يحاسب يوماً لدفاعه عن الخطة التي اقترحها لإنقاذ وول ستريت· وقد يكمن الحل الصحيح لهذه الأزمة العويصة في تبنّي الخطة والبناء عليها بعد ذلك، وسوف يتعيّن على الخبراء عندئذ تعديلها بحيث تحمي دافعي الضرائب وبشرط أن تعلن الحكومة عن ضماناتها الكاملة لأموال المودعين بعد أن تكون المؤسسات المالية قد استعادت عافيتها المفقودة· وسوف يمثل اللجوء لشراء الأسهم التفضيلية مثلما فعل وارن بافيت في بنك جولدمان ساكس، أسلوباً جيداً لاستعادة ثقة المتعاملين وعودة المرونة إلى الأسواق· ومن المحتمل جداً أن تجد بعض كبريات المؤسسات المالية أن من العسير عليها أن تموّل نفسها خلال الأيام المقبلة بسبب انخفاض أسعار أسهمها وانسداد قناة الاقتراض من البنوك الأخرى، وفي هذه الحالة، يتحتم على البنوك المركزية أن تلجأ إلى كل الحلول الممكنة، لضمان ضخّ السيولة اللازمة وبالقدر الكافي لتغطية حاجة كل المؤسسات المالية من دون استثناء· ومن المرجح أيضاً أن تجد الخزانة الفيدرالية الأميركية نفسها أمام مسؤولية إنقاذ المزيد من هذه المؤسسات خلال الفترة القصيرة المقبلة، ويتحتم على المؤسسات المالية العالمية كلها أن تعمل بسرعة للتصدي لهذه الأزمة على أساس أنها جميعاً تمتطي القارب نفسه الذي تمتطيه المؤسسات الأميركية· وسبق للرئيس الأميركي السادس والعشرين فرانكلن ديلانو روزفلت أن قال في معرض طرح الحلول الممكنة لأزمة (الانهيار الأعظم) عقب انتخابه عام 1933 : ''إن الشيء الوحيد الذي يتحتم علينا أن نخافه هو الخوف نفسه''، وكان يعني بذلك أن الخوف من التصدي للأزمات المالية الكبرى يمثل بحد ذاته خطراً حقيقياً· عن (فاينانشيال تايمز)
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©