السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشاهدون يحاكمون الدراما الخليجية

مشاهدون يحاكمون الدراما الخليجية
3 أكتوبر 2008 00:11
تسهم الدراما التلفزيونية في تسليط عين المشاهد نحو تجارب حياتية أو استنتاجات مبتكرة بالخيال المستقرئ للواقع ولجوانب الحياة المختلفة ليستخلص نتائج يمكن للمشاهد أن يستفيد منها· من هنا يصبح ظاهراً مدى التأثير الكبير الذي يحدثه فكر المؤلف وفريق العمل، وكثيرا ما يثار الجدل بعد شهر رمضان حيث يكون الموسم أو المهرجان السنوي الذي تتبارى فيه القنوات الفضائية للاستحواذ على اهتمام المشاهد باعتباره ''المتلقي'' المعني بالعمل، أو باعتباره العنصر المستهدف من الرسالة الدرامية· وقد واجهت الدراما الخليجية منذ إنتاجاتها الأولى انتقادات عدة منها اتهام البعض لها بالنمطية والبعد عن تصوير الواقع الخليجي بشكل حقيقي ومنطقي· وبعيدا عن التنظير أو النقد الفكري للمتخصصين أو المعنيين - حيث تتبارى الآراء وتختلف - توجهنا لاستطلاع رأي المشاهدين ''مباشرة'' في الدراما الخليجية بشكل عام، في ما يتعلق بتنامي انتاجها، وتطورها، وتأثيراتها، وإلى أي حد نجحت في تجسيد قضايا المجتمع، وهموم الناس، وحياتهم، وما يكتنفها من مظاهر ومتغيرات· تقول ميس عمران''موظفة'':''أغلب المسلسلات الدرامية خصوصا الكويتية منها تركز على تصوير المجتمع أو العائلات الخليجية على أنها غنية ومنعمة وغارقة في الترف، ويظهر ذلك جليا في الأثاث والملابس والديكور والمكياج ناهيك عن أفخر السيارات والمجوهرات· بينما تظهر الخليجي في أعمال أخرى في حقب تسبق ظهور النفط وتصوره على أنه كان يعيش حالة فقر معدمة، وكانت حياته تخلو من أي مظهر من مظاهر الفرح أو الترف، بشكل مبالغ فيه في الحالتين، ولا يعكس الواقع بأي حال، ربما لندرة المصادر الموثقة، أو لاعتماد الكاتب أو المخرج على ما بين يديه من مصادر قاصرة، ونحن كخليجيين متابعين للدراما الخليجية نود متابعة الأعمال التي تعكس الواقع دون تزييف، بمميزاته وعيوبه· لكنني عندما أتابع ما يعرض من أعمال درامية سرعان ما أفقد أي رغبة في المتابعة· وقد نجح مسلسل''حاير·· طاير''، على سبيل المثال، في تسليط الضوء على كثير من السلبيات الموجودة في المجتمع الإماراتي بلغة درامية شيقة''· المرأة وقصص الخيال يرى فهد المزروعي''طالب جامعي'' أن المسلسلات تتسابق على شدّ انتباه المشاهدين، إلا أن ما يزيد على نصف تلك الأعمال مازال يعيد الفكرة نفسها في قوالب مختلفة، مثلا تبدأ في أحدها برسالة جوال غرامية أثناء الدوام الرسمي، وتنتهي في آخر عند مكالمة هاتفية ملغمة بكلمة أحبك في ساعة متأخرة من الليل· وتنسج قصصا من الخيال لا تستند إلى الواقع، ولا تبدو أن الفكرة الدرامية وحدها البعيدة عن الواقعية، إذ أن المظهر الخارجي للشخصيات يقلل هو الآخر من موضوعية السرد الدرامي في العمل ويظهر ذلك في الأزياء النسائية التي يندر أن تشاهد المرأة الخليجية بها في الأماكن العامة، الأمر الذي يؤثر في مصدقية الدراما·'' وتعزو هند الحوسني ''موظفة'' كثيراً من هذا التوجه الواضح في الدراما الخليجية لمناقشة قضايا الأسرة والمرأة، إلى دخول المرأة عالم التأليف والكتابة الدرامية بشكل قوي وبروز أسماء مثل فجر السعيد ووداد الكواري وغيرهما مع فنانين خليجيين لهم ثقلهم في الساحة الفنية· فالمرأة الخليجية لديها دائماً جرأة أكبر في مناقشة قضاياها بعكس الرجل، الذي دائماً ما يتهم بالتحيز إذا ما حاول معالجة قضايا المرأة، الأمر الذي يقلل من جرأته ويفرض عليه قيوداً تضيق من مساحة الحرية في النقد، لكن المرأة لن تتهم بذلك طالما أنها تتحدث عن نفسها، غير أن الكاتبات للأسف لم يتعاملن مع هذه الميزة بواقعية تخدم قضاياهن، وغدون ينسجن قصصاً فيها الكثير من الخيال والقليل جداً من الفكر والواقع، وأبرز من تبنى هذا النهج الكاتبة فجر السعيد تليها الكاتبة وداد الكواري، فان جرأة الكاتبات الخليجيات وصلت بهن إلى طرح مسائل حساسة لم يجرؤ الغرب إلى الآن على إثارتها· تجارة بحتة أما الهام الريس''سيدة أعمال'' فترى أن الدراما الخليجية باتت مسألة تجارية بحتة وهدفها الوصول إلى أكبر عدد من المتابعين ثم المنتجين والمعلنين الذين يجدون حاجتهم في القضايا والمشاهد الجريئة، لأنهم يعلمون جيداً أن المجتمع محافظ ولن يجذبه شيء أكثر من الجرأة التي لم يعتدها· ونرى على سبيل المثال أن مصطلح تمكين المرأة الذي بدأت بوادره تظهر مع التغيرات الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية التي تعيشها المرأة الخليجية، لم يعطها إحساساً أكبر باستقلاليتها· إنها نتيجة طبيعية لمعركة الاستقلال التي سبق أن خاضتها المرأة الغربية، فمع ارتفاع المستوى التعليمي للمرأة الخليجية تتزايد فرص استقلالها اقتصادياً عن الرجل، الأمر الذي يخلق لها حرية أكبر · من جهته صالح بخيت المنهالي ''موظف'' يقول :''لا تريد الدراما التلفزيونية الخليجية أن تغادر أسوار الفلل الفخمة، وإن غادرتها فإلى السيارات الفارهة، حيث تدور الصراعات والمكائد بين أفراد العائلة الواحدة لاقتسام ميراث أب متوفى، أو لعرض تداعيات زواج متصدع أو شيء من هذا القبيل، في معالجات سطحية وساذجة، عاجزة عن الذهاب إلى عمق الأمور· وهذا النمط من الدراما يقدم فكرة مغلوطة عن واقع الحال في المجتمعات الخليجية، تعزز الانطباع النمطي السائد للناظر إليها من خارجها، بوصفها مجتمعات متخمة بالنعمة والثراء، وخالية من أي اهتمامات جدية، بحيث إن ما يشغل أهلها لا يتعدى حدود اقتسام ثروة طارئة حلت على رب العائلة الذي توفي للتو مخلفا أبناء وبنات عليهم تسوية قسمة هذه الثروة في ما بينهم، لكن مسلسل ''طاش ما طاش'' مثلا يقدم النموذج المغاير، حين يكشف بجرأة نحيي فريق المسلسل عليها، ما في مجتمعاتنا من عيوب ومشاكل اجتماعية ومن ترد للوعي الثقافي، وهيمنة التيارات المحافظة على مفاصل حياتنا، ولا يفعل ذلك بصورة وعظية فجة، وإنما من خلال دراما نظيفة تجمع بين الإمتاع والجدية، بل إن حرص فريق المسلسل على إمتاع المشاهد يجعله يقدم تنويعات مختلفة لموضوعاته، بحيث لا يغدو ضروريا أن تحمل كل حلقة قضية اجتماعية كبرى، وان كان جل حلقات المسلسل لا تخلو من ''رسائل'' ذات مغزى· وتأتي هذه الرسائل نتيجة غوص فريق المسلسل في عاهات مجتمعاتنا المترددة في حسم موقفها من قضية الحداثة التي تخترق ثمراتها التقنية كل مجال من مجالات حياتنا، لكنها تستعصي على الأذهان، ويمكن لهذا الغوص أن يطرح قضايا موجعة كأحوال المرأة، بل انه لا يتردد في القول إن هذه المجتمعات الغارقة في الثراء، تحمل مظاهر من الفقر والعوز في تناقض فاضح · الظاهرة الغريبة يرى حمد البلوشي أن الظاهرة الغريبة هي بروز كاتبات خليجيات لحقن بركب النبوغ وبلغن نجاحاً وشهرة جعلت القنوات وشركات الإنتاج تتسابق على امتلاك حقوق الإنتاج والبث لأعمالهن، نلاحظ في جميع هذه الأعمال تقريباً تفوق الجوانب السيئة على الجوانب الإيجابية، واستعراض الخطيئة بشكل يصدقه الناس لتصبح كما لو أنها جزء منا· والمرأة هي المحور الرئيسي وهي من تحدد سير الأحداث في النهاية، وهي هنا إما أن تكون ظالمة أو مظلومة ولا حل وسط لدى الكاتبات، فاستضعاف المرأة وتكالب الأقربين عليها وغلق أبواب السعة والرحمة أمامها، كما حدث في مسلسل ''عندما تغني الزهور'' حيث يغدر بها القدر دون أن تجد حولها من قريب أو رحيم يأخذ بحقها ويسند ضعفها، هو أمر قليل الحدوث في مجتمعاتنا الخليجية المعروفة بعوائلها الكبيرة المتكافلة، وقراباتها الكثيرة المتضامنة· وقلة مثل تلك الأحوال في مجتمعاتنا لا تعني السكوت عنها، كما لا تعني ترسيخها وتكرارها إلى حد إرهاب المشاهدات من الحياة والزواج· بدورها ترى سعاد المالكي ''إعلامية''أنّ المرأة ظهرت في أغلب المسلسلات الخليجية بأفظع صورة· وصورت وكأنها الشيطان بعينه، فمن الزوجة المستهترة التي لا تدري شيئاً عن زوجها ولا عن أولادها وبيتها، فضلاً عن لغتها السوقية وتصرفاتها غير الراقية، إلى الزوجة الجاهلة المتسلطة التي لا هم لها غير المادة والمصالح، هذا عدا الأم المتسلطة والأخت المتعجرفة والابنة التي ليس لديها احساس ولا شعور نحو والديها، ايضاً لم تغفل السيناريوهات صورة الفتيات اللاهيات اللاتي لم تخجل الكاميرا من ملاحقتهن في بيوت الشبهة، ومتابعة كثير من تفاصيل تلك السهرات التي ألصقتها السيناريوهات بالمرأة الخليجية ظلماً وافتراءً، فلماذا نبحث عن الخطيئة لاستعراضها والترويج لها ونغفل الجوانب المضيئة ونتجاهلها؟
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©