الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يعرب البهلول: النحت لغتي التي أتكلم من خلالها

يعرب البهلول: النحت لغتي التي أتكلم من خلالها
21 ديسمبر 2009 21:31
يعرب البهلول نحات سوري، يعمل في امارة أبوظبي، ويرتاد المبنى الخاص بالنحت بالمبنى التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث بشكل يومي، ويخبرنا عن هذا الفن: “النحت بشكل عام لغة الروح وانعتاق لا يحدُّ من أبدية القيد، خطاب بصري متواطئ مع الفنان لمعرفة الذات، وسبر أغوارها، هو لغة السمو من سكون المكان إلى عالم أكثر بهاءً وجمالاً يتشكل من قلق وعشق، أما على مستواي الخاص فهو حالة عشق مستمرة، هو لغتي التي أتكلم من خلالها، وأقول بها ما أريد ومالا أريد أيضاً. هكذا هو حالة بحث وقلق مستمرين في الوجود وماهية الجمال، إشكالية أزلية في الهوية والانتماء”. كأنَّه الحب عن سر حبه للنحت، وبداياته الأولى يقول: “حقيقة هو واحد من الأسئلة التي تباغت وتدهش، إنَّه يشبه الحب بكل تعابيره، فكيف لنا مثلا أن نسأل أماً عن الذي يعجبها في أولادها؟! للوهلة الأولى يأخذ السؤال منحى تصعب معه الإجابة، ولكن إذا أخضعنا الموضوع للعقل قليلاً فسنجد آلاف الأجوبة والمعطيات، وكما قلت لك سابقاً هو لغتي التي أتحدث بها بعيداً عن المجاملات الاجتماعية والضوابط والقيود. فالنحت إعادة تشكيل لرؤية ما، ارتقاء في التواصل عبر المكان والزمان... أما عن بداية علاقتي الحقيقيــة مـع النحت فكانــت في أول لقــاء لي معــه عام 1995 فــي مركز الفنون التشكيلية في مدينة اللاذقية بسورية، دخلـت قاعة النحت وبذهني ذلك التصور المتعارف عليه عن النحت على أنه حجر ومطرقة وأزميل، وفوجئت بأن أحد المواد الأساسية هو الطين أو الصلصال، وفي اللحظة التي لمست يداي هذه المادة شيء ما غادرني، ووقف يتفحصني من على عتبة الباب، ومنذ ذلك الحين وأنا أنفصل روحياً بجزء مني كلما لمست الطين، وأصبح ما يستهويني بالنحت هو القدرة على إعادة التشكيل والحضور بدءا مني ومن حضوري”. فن وليس حرفة.. في توصيفه لماهية النحت يقول يعرب: “أنا أسجل اعتراضي على كلمة حرفة، فالفن عموماً، والنحت خصوصاً يخرج من إطار الحرفة أو الصنعة، على أرضية أن الفنان يصنع ما يحب وما يرى، ولا يخضع لمبدأ العرض والطلب، وإن كان في بعض الأحيان يخضع لمعطيات السوق، ولكنه يبقى خارج إطار الصنعة أو الحرفة، عشقي للنحت انبثق من الرمل وشاطئ مدينتي الجميل في اللاذقية، مروراً بكلية الفنون الجميلة قسم النحت في جامعة دمشق في سورية، وها أنا اليوم هنا مازلت أحمل القلق عينه، والوله ذاته محاولاً الاستمرار في أتون هذا العشق عبر محترفات هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، التي تستحق منا هنا الشكر الحقيقي، والخالي من المواربة، على كل ماتقوم به من مشاريع تخدم الفن والفنانين بشكل خاص والثقافة بشكل عام”. لغة فضائية أما المواد التي يستخدمها يعرب فيقول عنها: “في النحت غالباً ما يفرض الموضوع المادة المستخدمة، بدءاً من الصلصال مروراً بالبرونز والخشب والحجر. ولا أعتقد أن هناك نحاتاً مختصاً بمادة معينة، ولكني أؤمن بأن الموضوع هو الذي يفرض وجوده على المادة النهائية، ومع ذلك أعتقد أن هنالك صعوبة في تحديد أي المواد هي الأحب إلى النحات، فلكل مادة خصوصيتها المنتمية بشكل أو بآخر للذرات المشكلة لها. ماذا تنحت من أشكال هل حيوانات أم أجسام أم ماذا؟ قد نلجأ إلى السريالية في الدمج بينهما وبين الطبيعة، فالتشكيل النحتي علاقة متمحورة مما نراه ونسمعه بشكل يومي، النحت مخزون بصري وثقافي وتراكمي في الذاكرة التي تهضم كل ماسبق، لغة يبصم بها الفنان عادة في فضاء متجانس مع حالته ومشروعه”. يتابع يعرب كما لو أنَّه يبوح بحالة عشق صارخة:”دعيني أخبرك سراً بأني أحارب الوقت يومياً لأجد ساعة أو ساعتين أقضيهما هنا في هذا المحترف، فأنا أعمل بعيداً عن النحت للأسف. وكما يعلم الجميع فالفنان يضطر حقيقة للعمل في مجالات أخرى، ليغطي تكاليف حياته، على كل حال، أقول لك إن ضغوط العمل عبر يوم شــاق ومتعب ومزدحــم تختفي بمجرد وصولي إلى المحترف، وطبعاً الموضوع يتعدى الراحــة النفســية إلى القلق الوجودي، ومتعــــة البحث والاســتكشاف، وإعادة صياغة مانحب وما لا نحب في فضاءات التشكيل”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©