الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكيماوي السوري... وخيارات الإدارة الأميركية

الكيماوي السوري... وخيارات الإدارة الأميركية
26 ابريل 2013 22:36
سكوت ويلسون كاتب ومحلل سياسي أميركي بإطلاع الكونجرس يوم الخميس الماضي على احتمال استخدام الحكومة السورية السلاح الكيماوي ضد السكان، أكدت إدارة أوباما أن «كل الخيارات مطروحة على الطاولة» في حال أثبت الأدلة المستقبلية الشكوك الراهنة. لكن اللغة التي استخدمتها الإدارة، وتستحضر في جانب منها المواجهة الأميركية الحالية مع إيران بشأن ملفها النووي والحرب السابقة في العراق، تثير من الأسئلة أكثر مما توافر من الإجابات بشأن الطريقة التي سيتعامل بها الرئيس أوباما مع الحرب الأهلية المتفاقمة في سوريا، والتي خلّفت حتى الآن أزيد من 70 ألف قتيل. فهل سيرسل أوباما القوات الأميركية إلى سوريا في حال أثبت تحقيق للأمم المتحدة بأن بشار الأسد استخدم غاز السارين للأعصاب ضد البلدات المضطربة؟ وإذا اختار عدم القيام بذلك في ظل تأكيده هو نفسه بأن «موجة الحرب تنحسر»، بعد عشر سنوات من الحرب في الخارج، ألن يضر ذلك بسمعة أميركا في أعين حلفائها وأعدائها على حد سواء؟ فالولايات المتحدة أصلاً متأخرة في مواقفها، مقارنة ببريطانيا وفرنسا وإسرائيل التي تؤكد أن الأسد استخدم على الأرجح أسلحة كيماوية ضد شعبه، كل ذلك في وقت سارع فيه أعضاء الكونجرس من الحزبين معاً إلى التأكيد على تغيير المعادلة في سوريا، إذا تبين استخدام غاز الأعصاب، بل حتى الرأي العام يوحي بأن تغيراً في المزاج العام تجاه الحرب بدأ يظهر حسب العديد من استطلاعات الرأي. وفي هذا الإطار قال، أيريك كانتور، زعيم الأقلية في مجلس النواب، خلال دعوة وجهها إلى أعضاء المجلس لعقد اجتماع حول الموضوع: «لقد أكدت الإدارة بأن نظام الأسد تجاوز الخط الأحمر الذي من شأنه تغيير الأمور في سوريا». ومن جانبها أعلنت الإدارة الأميركية أنها تراقب عن كثب المزاعم التي تروج منذ شهر ديسمبر الماضي حول استخدام الأسد الأسلحة الكيماوية، إلا أنها مع ذلك سعت إلى التقليل من شأن التقارير ما أمكن بالنظر إلى التداعيات المتوقعة في حال تأكدت صحتها. ففي رسالة بعث بها ميجيل رودريجيز، المسؤول في الإدارة المكلف بالعلاقة مع الكونجرس، إلى النواب، قال إن الإدارة ستستمر في المطالبة بتحقيق أممي لتحديد ما إذا كانت الأسلحة الكيماوية قد استخدمت بالفعل. والحقيقة أن انتظار التحقيق الأممي يكسب الإدارة بعض الوقت لتحديد الطريق الأمثل للتدخل، فيما يثير الجمهوريون مخاوف من التأخير في الرد. لكن في تصريح أدلى به مسؤول بارز في الإدارة، قال للصحفيين: «بالنظر إلى تاريخنا مع التقييمات الاستخباراتية، بما فيها تلك المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل في العراق، فإنه من المهم التأكد أولاً من دقتها وصحة المعلومات حول استخدام السلاح الكيماوي». هذا علاوة على أن أوباما يواجه أصلاً احتمال المواجهة العسكرية مع إيران، بعدما تعهد في وقت سابق بأنه لن يسمح لها باكتساب السلاح النووي، وبأنه مستعد للقيام بأي شيء لمنعها، بحيث يتعين عليه تدقيق خياراته في التعامل مع الأزمة السورية آخذاً بعين الاعتبار سياسته تجاه طهران التي تبحث عن أي إشارة لتراجع التصميم الأميركي. فمع أن تدخل عسكري أميركي في سوريا، سيفتح جبهة جديدة في قلب العالم الإسلامي، إلا أنه أيضاً قد يبعث برسالة واضحة إلى إيران مفادها أن أوباما جاد في منعها امتلاك السلاح النووي. لكن، وفيما عدا التدخل العسكري المباشر، هناك خيارات أخرى مطروحة أماما أوباما، فبعد مغادرة العراق، وتحديد موعد زمني لسحب قواته المقاتلة من أفغانستان، لا يريد الرئيس الدخول في حرب أخرى في العالم الإسلامي، لاسيما إذا كانت في قلب العالم العربي. وحتى تدخله في ليبيا كان بموافقة عربية، ومن الخلف، وبعدما هدد القذافي بذبح شعبه الثائر، حيث اكتفى أوباما بدعم الجهد العسكري الذي انخرطت فيه الدول الأوروبية. وفي سوريا يمكن للولايات المتحدة حشد تأييد دولي واسع، على غرار ما تم في ليبيا، وممارسة دور القيادة في المرحلة الأولى للتدخل. هذا الخيار سيستبعد القرار المشحون سياسياً بإرسال قوات أميركية إلى سوريا، لكنه في نفس الوقت سيؤكد التصميم الأميركي على إنهاء الأزمة، والوقوف إلى جانب المعارضة، علماً بأن ذلك سيكون أقصى ما يمكن للرئيس القيام به، لاسيما في ظل العوامل المعقدة للوضع الميداني، وعلى رأسها طبيعة المعارضة المسلحة السورية، ومدى هيمنة العناصر المتشددة المعادية لأميركا وإسرائيل على فصائلها. هذه الاعتبارات جعلت أوباما يتحرك بحذر كبير في موضوع دعم المعارضة، مقارنة بالدول العربية الأخرى التي تمدها بالسلاح، حيث اقتصرت المساندة الأميركية على توفير دعم غير فتّاك. وفي الرسالة التي وجهتها الإدارة الأميركية إلى الكونجرس يوم الخميس الماضي، أكد أوباما أن استخدام السلاح الكيماوي في حال التأكد منه سيكون من قبل الحكومة، وهو ما يبرئ ساحة المعارضة من اتهامات النظام بأنها هي من لجأت إليه. لكن في حال فشل أوباما في حشد تأييد دولي واسع للتدخل العسكري، يمكنه اللجوء إلى تدخل منفرد ومحدود؛ مثل إطلاق صواريخ من السفن لتدمير مدرجات الطائرات المقاتلة التي يستعملها النظام ضد المدنيين والمقاتلين على حد سواء. وأخيراً يستطيع أوباما التعاون مع دول أصدقاء سوريا التي تضم بلداناً عربية وتركيا لتسليح «الجيش الحر» السوري، وهو الأمر الذي سبق أن طالب به بعض أعضاء الكونجرس، مثل السيناتور جون كيري الذي دعا أوباما في أكثر من مناسبة إلى تسليح المعارضة السورية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©