الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الذاكرة البديلة.. تقاعد مبكر للعقل البشري

الذاكرة البديلة.. تقاعد مبكر للعقل البشري
29 أغسطس 2016 23:23
أشرف جمعة (أبوظبي) ليس أسهل من تسجيل العناوين والمواعيد والأرقام على الهاتف الذي أصبح في وقتنا الحاضر ذاكرة بديلة، تحفظ السر وتأوي الملفات الخاصة التي يرجع إليها الأفراد وقت الحاجة، ما ساهم في الاعتماد على هذه الذاكرة بشكل صارخ. وحين يُفقد الهاتف الخلوي وتضيع معه الذاكرة البديلة تتحول الحياة إلى نكد عارم وأسف شديد على فقدان أرقام الأصدقاء وعناوين البيوت والملاحظات الخاصة، فإلى أي مدى يؤثر الاعتماد على الذاكرة البديلة في الذاكرة البشرية، وهل فقدان تلك الحافظة لأي سبب تقني، كفيل بأن يصيب المرء بالحسرة، وكيف يمكن العودة إلى الطبيعة البكر أيام كان عقل البشري هو دفتر ملاحظاته وذاكرة الزمان والمكان؟ ضياع هاتف يحكي فواز علي الظاهري، قصة فقدانه هاتفه المحمول الذي كان رفيقة لمدة عامين، وبه أرقام هواتف لا حصر لها للأصدقاء والمعارف والأهل وممثلي الدوائر والمؤسسات، التي يتعامل معها لكونه يمتلك شركة خاصة، ويبين أنه فور قوع هذه الحادثة كان يقول لأحد المقربين إليه، أريد الأرقام ودفتر الملاحظات ولا أريد الهاتف، لافتاً إلى أنه كاد يجن لضياع ذاكرته البديلة التي عليها صوره وصور عائلته وأشياء خاصة جداً كانت مدونة في الملاحظات، ويشير إلى أنه عانى كثيراً بعد ضياع الهاتف وأصبح ينقل كل فترة محفوظات هاتفه الجديدة في حافظة أخرى على هاتف آخر حتى لا يتعرض للمشكلة ذاتها، مؤكداً أنه كان يتمنى أن يدرب عقله على الحفظ بدلاً من الاعتماد على الذاكرة البديلة. مهارة الحفظ ولا تخفي رولا وديع، 60 عاماً، أنها تشعر بالقلق الشديد حين تنسى هاتفها في مكان وما وتبدأ رحلة البحث عنه إلى أن يتم العثور عليه، وتشير إلى أنها لا تؤمن بالذاكرة البديلة، لكنها أصبحت واقعاً في الحياة إذ تكتب محتويات التسوق في نهاية كل أسبوع في ملاحظات الهاتف وتسجل أرقام الأصدقاء جميعاً في دفتر الأسماء وتحتفظ بصورها الخاصة به والكثير من الأشياء الخاصة ولا تدري كيف وصل العقل البشري إلى هذه النتيجة المؤسفة، إذ إنها تتذكر وهي صغيرة قبل أن يصبح الهاتف المحمول في متناول يد الجميع كانت تحفظ أرقام الهواتف المنزلية لكل المعارف دون أن تخطئ في رقم واحد، أو كان يكفي أن استدعاء اسم جارتها حتى تجد أصابعها تعزفه على لوحة أرقام الهاتف الثابت، فضلاً عن مهارتها في حفظ التواريخ المهمة وأعياد ميلاد الأشخاص المهمين، لكنها تتحسر على إضعاف ذاكرتها بهذا الشكل واعتمادها على الهاتف الخلوي في كل شيء. ويبين سمير نايل، موظف، أنه ألغى ذاكرته الشخصية لكونه يعتمد على ذاكرة هاتفه الخلوي في كل شيء، ولم يعد يفكر في أن يحتفظ برقم واحد في رأسه غير الرقم السري لهاتفه وجهاز الكمبيوتر وبطاقة البنك، ويرى أنه هذا الأمر ليس صحيحاً، وأنه من المفترض ألا يتعود الجيل الجديد على الذاكرة البديلة التي قد تضعف النشاط الذهني وتجعل المرء يعيش بذاكرة ليس لها أمان. تقوية الذاكرة تقول الدكتورة فدوى المغيربي أستاذ علم النفس البيولوجي في جامعة الإمارات، إنه من المفيد الاهتمام بتقوية الذاكرة؛ لأن الفرد إذا أراد حفظ شيء فهو يردده حتى يرسخ ويفكر في جوانبه بشكل يجعله لا ينساه وعلى صفحة الحياة نقابل أناساً يتسمون بقوة الذاكرة والقدرة على تذكر الأرقام والعناوين والأحداث والتواريخ، وهذه الفئة على الرغم من أن ذاكرة الهاتف الخلوي فاعلة في حياتهم فإنهم لم يهملوها، مشيرة إلى أن ما يحدث في هذا العصر أمر طبيعي يتوافق مع السرعة والإنجاز وشعور الفرد بأن الوقت يجري سريعاً دون إتمام الكثير من الأعمال على نحو مرضٍ، وهو ما يجعل الكثير من أفراد المجتمع يعتمدون على ذاكرة الهاتف الخلوي في كل شيء حتى في تسيير أعمالهم، وهو أمر يحتاج إلى مراجعة من الجميع حتى تحتفظ الذاكرة البشرية بتوهجها وحضورها، بحيث مثلاً نعتمد على الساعة البيولوجية في الاستيقاظ صباحاً، ونعلم أطفالنا أن الآلة الحاسبة ليست بديلاً عن إجراء عمليات الجمع الضرب والقسمة باستخدام العقل. التدريب المستمر وتقول الدكتورة فدوى المغيربي أستاذ علم النفس البيولوجي في جامعة الإمارات، إن نشاط الذاكرة الإنسانية يعتمد على التدريب المستمر؛ لذا من الضروري أن نستعمل هذه الذاكرة بشكل حيوي؛ لأنه في حال فقدان الهاتف الذي يحمل أسراراً شخصية وأرقاماً وربما خططاً لمشروعات لم تكتمل وصوراً أيضاً، فإن ذلك يؤثر بشكل سلبي في نفسية الفرد ومن جهة أخرى قد تتلف الذاكرة البديلة، وهو ما قد يمثل خسارة فادحة على المستويات كافة إذن الذاكرة البديلة ليست مؤتمنة على احتضان خصوصية البشر، فهي قد تسقط في ثوانٍ معدودات. تعريف الذاكرة اتفق العلماء على تعريف بسيط للذاكرة، فقالوا: هي القدرة على تذكر التواريخ والوجوه والحقائق والمعلومات والأشكال والمعطيات. وعندما تكون الذاكرة فارغة أو مفقودة، يتعذر أن نعرف من نكون، ونصبح تحت رحمة أي مؤثر خارجي. وإذا علمت بأن مخك يحتوي على 100 مليار من الخلايا العصبية يربط بينها تريليون وصلة في كل سنتمترٍ مكعب واحد تطلق 10 ملايين نبضة كل ثانية، عرفت أن ذاكرتك عبارة عن مصنع كهربائي كيميائي معّقد موجود في عضو لا يزيد وزنه على 1.5 كجم تقريباً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©