الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الحبسي يطارد «الشيطان» في رأس الخيمة

الحبسي يطارد «الشيطان» في رأس الخيمة
30 أغسطس 2016 20:07
فاطمة عطفة (أبوظبي) يرسم الكاتب الشاب محمد أحمد المونة الحبسي في كتابه «كوخ الشيطان» الفائز بجائزة تشجيعية ضمن «جائزة الإمارات للرواية» في دورتها الثانية، صورة للمكان الإماراتي بلغة جميلة العبارة وسرد متماسك، جاعلاً من حب الاكتشاف والمغامرة أداة من أدوات التعريف ببيئة الإمارات الجبلية ونباتاتها وما تضمه من جماليات. ففي غمرة البحث عن «محزم الذهب» لاسترداده، وهو المحور الأساسي لرحلته ومغامراته، نراه يبرع في وصف الطبيعة الجبلية والدروب التي كان الأجداد يرتادونها، كما يصف طقوس الكرم والمروءة والنخوة وحماية الغريب وتلبية حاجة الضيوف، مشيراً إلى العادات القديمة في تخزين الغذاء في الجبال، ليكفي المقيمين فيها خلال أيام الشتاء والحر. ولدى سؤال الحبسي عن فكرة عمله الروائي الصادر عن دار «مدارك»، في 280 صفحة من القطع المتوسط، قال: «الإمارات تضم أربع بيئات: صحراوية، وجبلية، وبحرية، وزراعية، ولأنني من رأس الخيمة، أشعر أن البيئة الجبلية مضطهدة، ولم يكتب فيها كما البيئات الأخرى، فقد قيل الكثير في الصحراء، وتغنى الشعراء بالبحر، لذلك تناولت بيئتي لأظهار الجبال والوديان والمجتمع الذي ينعم بتلك الأرض الجميلة، وما تضمه من روعة. وقد تأثرت بقصص جدتي عن التراث والحكاية «الخروفة» وأحببت إيصال رسالة لسكان هذه البيئة ومسمياتها، من خلال أسماء النباتات والحيوانات التي تعيش في البيئة الجبلية». ويصف الكاتب قصر دحام على نحو يجعل القارئ يشعر أنه يعيش بقصر أسطوري، ويوضّح قائلاً: «ارتكزت في السرد على وصف القصر وفي بالي سعيد الحبسي، الذي أقام مبنى ضخماً في أعلى الجبل، قبل وفاته، ليبهر الناس بذلك المبنى والطرق المؤدية إليه. وقد دخلت المجلس في المبنى، وظلّ ما قيل فيه عالقاً في ذهني، إضافة إلى أنني باحث في التراث، وزرت أكثر من 40 متحفاً، وقد استفدت من هذه المعطيات والمعارف في السرد والكتابة، ولعلها واضحة في وصف قصر دحام على نحو خاص». بدأت رواية «كوخ الشيطان» في جو عائلي جميل من التفاهم والمحبة، لولا المرض الذي قضى على الزوجة عفراء خلال مدة قصيرة، بسبب حزنها على ابنتهما مريم، التي اضطرتها لبيع «محزم الذهب»خلال مرضها، وهو هدية من أمها. وتلك بداية واقعية ومؤثرة، لكن التفكير بإعادة «المحزم» لا يتم حرصاً من ناصر على إحياء ذكرى زوجته، وضرورة المحافظة على هذه التحفة التراثية الغالية التي تذكره بها وبأمها، بل من خلال حلم يرد «في الفصل 5»، يظهر خلاله أن «عمته»، والدة عفراء، هي التي تطالبه في الحلم بإعادة المحزم إلى حفيدتها. تبدأ رحلة ناصر لاسترجاع حزام الذّهب من التّاجر دحام الذي اشتراه، ليعود به لابنته الصغيرة «العنود» التي تركها عند عمتها «سمية» لتعتني بها في غيابه، ويتابع ناصر في سلسلة من المغامرات والأحداث الغرائبية، يختلط فيها الواقع بالخرافة، في تصوير أجواء المخاوف والمفاجآت التي كنا نسمعها في بعض الحكايات القديمة، كما أنّ الكاتب يقحم السحر والعصا «السحرية» التي يملكها جروان الأبتر، ويطلب دحام من ناصر إحضارها قبل أن يرد إليه الحزام. ويبدو أنّ تطوّع هزاع وأبو الوليد لمساعدته يخفف من رهبة الجو. يأخذ الحبسي قارئه في رحلة صعبة إلى قصر دحام وما فيه من طلاسم تشير لوجود السحرة، والدهاليز التي تبث فيها ظلال وأصوات غريبة تتناهى لناصر وهزاع وأبو الوليد، الذين لم يتخلوا عن مرافقة ناصر، رغم أن دحام حجزهم في سجنه السحري. وبعد مواقف مخيفة وحكايات متعددة ضمن القصر، تأتي قوة من الأمن الذي استدعته أم الوليد، بعد طول غياب زوجها وأصدقائه، وأنقذ الجميع بما فيهم العجوز التي كان يتخيل ناصر أنها جنية، عندما رآها تصعد الجبل، وإذا هي رهينة الرجل الغريب الأطوار دحام. وهنا تظهر مهارة القوة العسكرية التي خلّصتهم جميعاً من مصيدة دحام. وهذه نقطة إيجابية في سلسلة المغامرات، تضاف إلى نجاح الكاتب في تصوير البيئة وتقاليد العيش في الجبال.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©