الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«بهلول» ترى العالم عبر الأقنعة والتغريب

«بهلول» ترى العالم عبر الأقنعة والتغريب
26 ابريل 2012
سلمان كاصد (أبوظبي) - استضاف مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام مساء أمس الأول في مسرح أبوظبي بكاسر الأمواج مسرحية “بهلول” لمسرح بني ياس، تأليف جمال سالم وإخراج الدكتور حبيب غلوم. وشهد العرض المسرحي الذي امتد لساعة وخمس عشرة دقيقة حشد كبير من المهتمين بفن المسرح المحلي وتستمر العروض حتى اليوم. اشترك في تقديم النص المسرحي الممثلون جمعة بن علي بدور “بهلول”، وعلاء النعيمي بدور ثلاثي مركب وهي “المتسول” و”الشاهد” و”مساعد رئيس الشرطة”، كما أسهم بالعرض الفنان عبدالله بن حيدر بدور “رئيس الشرطة”، والفنان المصري محمود الجارحي بدور ثنائي وهما “القاضي” وأحد التجار والفنان عبدالله بن محمد بدور ثنائي “التاجر” و”الرجل رقم 2”، والفنان ريحان العريمي بدور ثلاثي وهي “بائع البخور” و”أحد التجار” و”جندي”. كما قدمت الفنانة فاطمة جاسم دور “خنساء” زوجة بهلول وحسن بلهون بدور ثنائي وهما “رجل 1”، و”الوزير”، والفنانة ريم الحمدان بدور زوجة رئيس الشرطة، كذلك الفنانان علي الغساني بدور ثنائي “بائع البرتقال” و”أحد التجار”، وعبدالله الحمادي بدور “رجل 3”، و”أحد التجار”. وكان فريق العمل قد تكون من مجموعة محترفة في هذا المضمار وهم المخرج فيصل الدرمكي مساعد للمخرج، وعبدالله بو شامس مديرا للانتاج، وإبراهيم حيدر منفذا للصوت، ومحمد الغص مصمما ومنفذا للديكور، ومحمد صالح مصمما للإضاءة، وطه العجمي مؤلفا ومصمما للموسيقى والمؤثرات الصوتية وفيصل الحمادي، ومهند المازم، وعمر الغساني وغيرهم. ويشرح حبيب غلوم فكرة المسرحية في كلمة بكتيب العرض فيقول “بهلول هو أنا وهو أنت، يكره الأقنعة كما نكرهها، ولكن تتبدل قناعته ويتلون بتلون من حوله وتعجبه اللعبة، ليس لأنه أحبها، بل لأن من حوله يريدون ذلك”. ويصف عبدالله بن حيدر رئيس مجلس إدارة مسرح بني ياس إنجاز مسرحية “بهلول”، فيقول “إنها تجربة مسرحية أخرى لمسرح بني ياس نعتقد أنها أكثر نضجاً ونحسبها نقلة نوعية لنا وخصوصاً أن هذا العمل يخاطب مختلف شرائح المجتمع”. ويشير النص إلى تمركز المسرحية على موضوعة الأقنعة التي سنراها مهيمنة على مجمل الحكاية. تبتدئ المسرحية بشكوى زوج من زوجته خنساء والتي يطلق عليها “خنفساء”، ويحتد الصدام بينهما حال دخولها تحمل “حبلاً” بيدها، وكما يبدو أن المخرج يوظف دلالة الانقياد عبر الحبل بوصفه رمزا، ولا يرضخ الزوج لأوامر زوجته إلا أنه يتلبس شخصية المهرج المضحك الذي يحاول أن يقدم نصاً داخل نص المسرحية، إذا أراد بهلول أن يمثل نصاً أمام زوجته لإقناعها بقدرته على أن يكون مهرج الكبير. ويعاني الزوجان من الجوع ويدخل بائع البرتقال، وتسرق الزوجة برتقالة، وتتولد في هذه السرقة أصول رمزية عن الإغواء الذي مارسته حواء بالحصول على التفاحة المحرمة، وهي عودة للميثولوجيا. يطول هذا المشهد كثيراً، ويبدو أطول من حجمه الحقيقي، وكاد ذلك ان يفقد النص المسرحي صلته بالمتلقي وأعتقد أن سبب التطويل فيه يعود إلى تركيبة النص الاستهلالي لأنه محاولة لتقديم نص داخل نص وأقصد نص المسرحية ونص مشهد اختبار بهلول لقدرته على أن يكون مهرجن. تكون الديكور من شكل مربع ومصطبة و”زاوية معطلة” رفعت في بوابتها أفخاذا آدمية، وكأنها إشارة إلى دور العسف الذي يمارس على حياة الشخوص وقد شطر المسرح الى جزءين. لم يحرك المخرج حبيب غلوم الديكور، لانه متطابق مع جميع مشاهد المسرحية، واستغل الظلام ليفصل به المشاهد الستة المتعددة، وصاحب ذلك موسيقى جميلة. يظل الجانب الايسر من المسرح وهو الغرفة الظلامية لحد هذه اللحظة معطلة عن دورها الذي تحول فيما بعد إلى مكان للتعذيب الذي يمارس ضد بهلول. هذه الغرفة ظلت سراً مؤجلاً في المسرحية حتى نهايتها بالرغم من تبدل مشاهد الحكاية عبر مقاطع موسيقية مصحوبة بظلام شبه تام. مارس بهلول الاحتيال كثيراً وسرق سجادة المسجد فحكم عليه القاضي بأن يلبس قناعاً وهنا يرى بهلول الجميع بأقنعتهم، الشحاذ، ورئيس الشرطة، والزوجة، والتاجر. قدم حبيب غلوم مستويين هما مستوى اللعب على الحكاية ومستوى حياة بهلول غير أنه اشتغل على الفكر دون الشكل ولهذا ارتبط النص بالحكاية، حيث تداخل فيها المعقول واللامعقول هذا بالإضافة إلى أنه شطر “العلبة/ المسرح” إلى قسمين يمين ويسار تحت تصور مهم تسأله المسرحية وهو أيهما هو الواقع وأيهما هو غير الواقع؟. تبدو لعبة الأقنعة في مسرح اللا معقول متطابقة بين الدال والمدلول غير أن هذا يربك المتلقي الذي يحتاج إلى كد ذهن لاكتشاف ما يجري على مستوى الحكاية. تحول النص الذي كتبه جمال سالم عام 1998 بشكل كلاسيكي إلى نص حداثي في عام 2012 وبذلك رأينا نمطاً يتقارب مع الكثير من المدارس المعاصرة في المسرح.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©