لم يكن ذلك الحدث عادياً عندما وصلتني رسالة الكترونية من المركز الإعلامي في جواتينج ودعوة لحضور احتفال بسيط يقيمه المركز على شرف الفيلم التسجيلي الذي تم إعداده لتوثيق حياة لاعب كرة القدم الكونجولي نداي مولامبا.
لا أعرف من يكون ولا في أي زمان تواجد هذا اللاعب، كما لم أستطع أن أنطق اسمه مرتين ولكن أن يتم إعداد فيلم تسجيلي عن شخص ما فلا شك أنه شخص غير عادي، كما أنها فرصة جيدة لاكتشاف شيء جديد في القارة الأفريقية المليئة بالعجائب والغرائب.
بدأ الحفل بتعريف من قبل المخرج واسمه ماكيلا بولولو عن الهدف الذي قام من أجله بإعداد الفيلم فهو يتحدث عن اللاعب الذي قاد منتخب بلاده إلى نهائيات كأس العالم 1974 عندما كان اسمها زائير وحصل من قبل بلاده على تكريم من أعلى المستويات وانتهى به الحال أن يعمل حارساً في مرآب للسيارت.
قصة نداي مولامبا أو الشهير بفولفو هي فعلاً قصة مختلفة ومؤثرة إلى أبعد الحدود حيث أنه ولد في 1950 وعندما كان في الرابعة والعشرين من عمره وصل إلى قمة المجد والشهرة حيث تمكن في ذلك العام من قيادة منتخب زائير إلى نهائيات كأس العالم التي أقيمت في المانيا في ذلك العام كما أنه سجل رقماً قياسيا خلال نهائيات كأس أمم أفريقيا التي أقيمت في مصر 1974 عندما سجل تسعة أهداف وأصبح اللاعب الأكثر تسجيلاً للأهداف في بطولة واحدة ولا يزال يحتفظ بهذا الرقم حتى هذا اليوم.
وبعد عشرين عاماً من ذلك الإنجاز انقلبت حياة النجم الكبير رأساً على عقب عندما نشبت الحرب الأهلية في الكونجو وقام الجنود باقتحام منزله وقتل ابنه، ويقول نداي عن هذه الحادثة إنه في إحدى الليالي وبعد أن قام الاتحاد الأفريقي لكرة القدم بتكريمه على مساهمته الكبيرة في كرة القدم في القارة الأفريقية قام الجنود باقتحام منزله بحثاً عن المال، فقد ظنوا أنه بحوزته، كما قاموا بإطلاق الرصاص عليه مرتين ومن ثم قاموا بتصفية ابنه.
وأضاف أنه أمضى ثمانية أشهر في المستشفى وأخبره طبيبه أن الجنود ينوون قتله لا محالة وأنه لابد أن يترك البلد وقام بترتيب تهريبه إلى جنوب أفريقيا حيث يقيم أحد أصدقاء الطبيب وعند وصوله إلى جوهانسبرج قضى فيها سنة كاملة ولما لم يستطع التأقلم فيها فضل الذهـــاب إلى كيب تاون حيث استقبلته إحدى الأسر ولم يكونوا يعرفون من يكون وبدأ مرحلة جديدة من حياته في تعليم الأطفال كرة القدم بعد أيام صعبة عمل فيها كحارس لمرآب السيارات.
ويقول المخرج الذي قام بإعداد الفيلم الوثائقي عن حياته أنه عندما كان صغيراً كان يسمع اسم مولامبا في الراديو بشكل دائم وأنه عندما جاء إلى جنوب أفريقيا بعد توتر الأوضاع في الكونجو 1998 أخبره أحد الأشخاص أن مولامبا يعيش في جنوب أفريقيا وبدأ بعدها رحلة البحث عنه حتى وجده قبل خمس سنوات.
وأكد أنه لم يصدق ما رآه فهو لم يقابله من قبل ولكن عندما شاهد الطريقة التي يعيش بها قرر أن يخرج هذا الفيلم عن حياته.
وخلال تصوير الفيلم قابل مولامبا كل من داني جوردان المدير التنفيذي لكأس العالم وكذلك نوكونيانا نائب رئيس اتحاد الكرة في جنوب أفريقيا وقاما بدعوته لحضور قرعة كأس العالم في كيب تاون كما حضر المباراة الافتتاحية لكأس العالم 2010 بين جنوب أفريقيا والمكسيك وهناك التقى بمجموعة من النجوم الذين عاصرهم في مسيرته الكروية من أمثال لوران بوكو لاعب ساحل العاج واستعاد معهم الذكريات الجميلة.
وقال نوكونيانا عن مولامبا إنه من طينة اللاعبين الذين خدموا الكرة الأفريقية لفترات طويلة وأمثال هذا الشخص لابد من الاستعانة بهم لكي يساهموا في تطوير ورفع مستوى الكرة في القارة ومن الضروري أن يتم مساعدتهم وتكريمهم طالما هم على قيد الحياة.
ويعيش مولامبا اليوم في كيب تاون حيث تزوج من جنوب أفريقيا ويكسب قوت يومه من بيع وشراء الملابس، ولابد أن المعلم حسن شحاتة يتذكره جيداً عندما كان سبباً في فوز زائير على مصر خلال نهائيات كأس الأمم الأفريقية 1974 والتي استضافتها مصر وتقابلت في الدور نصف النهائـــي مع زائير على ستاد القاهرة، ويومهـــا فازت زائير بثلاثة أهداف مقابل هدفين سجل منها مولامبا هدفين، وقابلت زائير في المباراة النهائية زامبيا وانتهت المباراة بالتعادل ليتم إعادة المباراة وانتهت المباراة الثانية لمصلحة زائير بهدفين نظيفين سجلهما نفس اللاعب.
يذكر أن الفيلم الوثائقي عن نداي مولامبا يتحدث عن حياته منذ كان نجماً يشار إليه بالبنان والفترة التي لعب خلالها في كأس العالم وحقق لقب كأس أفريقيا مع منتخب بلاده مروراً بالأحداث المأساوية التي عاشها ومن ثم الانتهاء إلى حياته حالياً في جنوب أفريقيا ومدة الفيلم 96 دقيقة وتحت اسم “الذهب المنسي” وسيتم عرضه في المحطات المحلية في جنوب أفريقيا خلال الأسبوع القادم.
عدد اليوم
