الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حراس بنايات يجهلون الدور الأساسي للمهنة

حراس بنايات يجهلون الدور الأساسي للمهنة
30 ابريل 2011 21:11
حراسة المباني مهنة تعتمد بالفطرة على مشاعر التفاني في أداء العمل، ورسالة مهمة تقوم على رعاية السكان، والسهر على أمنهم، وراحتهم. غالبية عمارات العاصمة يحرسها بوابون تقليديون، قد يجهلون أنهم ليسوا عمال نظافة، ولا هم بالتأكيد منوطين بخدمات “الدليفري” لهذه الشقة أو تلك. ومع الاتجاه الحالي في النهضة العمرانية بالعاصمة، صار على ملاك العمارات التعامل مع شركات الأمن بهدف توفير عمال متخصصين بمواصفات حارس الأمن. رجال بلباس خاص يتقنون مهامهم ولا يغفلون عنها البتة، ويعملون بالتداور على مدار الساعة من دون أن يغمض لهم جفن. جلسات الشاي عند الأرصفة، والأحاديث الطويلة التي لا تنتهي، مشهد يتكرر لدى البوابين مع ذهاب التلامذة إلى مدارسهم كل صباح، وفي أوقات مختلفة من النهار حتى موعد السهرة. معظمهم ينامون في غرف تكون غالبا في الطابق الأخير، وبمجرد أن يدخلوها لا يعلمون شيئاً عن أحوال العمارة. وكأن دورهم يقتصر على تنظيف الدرج مرة في الأسبوع، ورمي النفايات في موعد محدد من اليوم. وإذا كانت همتهم على ما يرام، يقومون بتلميع الواجهة الزجاجية للبوابة، وإلا فإن الأمور لديهم دائماً تحتمل المماطلة والتأجيل. فهم لا يخشون المساءلة من أحد لأنهم لا يرون “راعي” البناية إلا مرة في الشهر. وذلك عند استلام الراتب الذي لم يعد يكفيهم كما يقولون، لذا يعتمدون على إنجاز الخدمات الخاصة بالسكان، طمعا في الحصول على 5 دراهم من هنا أو 10 دراهم من هناك. واحد من السكان في مكانه المعتاد على الكرسي المتروك ليل نهار بالقرب من البقالة القريبة، كان يجلس البواب “أفضل كوهال”. اقتربنا منه بقصد الاستفسار عن سبب تواجده هنا دائما، مع أن المبنى الذي يعمل فيه يقع في أول الشارع. فكانت إجابته: “آتي إلى هنا لأرى أصدقائي بعد الانتهاء من واجباتي. فعندما لا يكون لدي شيء أعمله، لا يمكنني البقاء في الغرفة لأنها غير مكيفة. في هذا المكان ألتقي بالبوابين والعمال الذين يترددون إلى الدكان كل منهم يحمل خبراً”. وعلى ما يبدو أنه لا يتعامل مع مهنته على أن حراسة المبنى من مسؤولياته. وأسلوبه في الكلام يوحي عن قناعة لديه بأنه واحد من سكان العمارة، وإنما الفرق أنه من ينظف المكان ويفتح البوابة للداخلين والخارجين، في حال صادف وجوده في المحيط ليس إلا. تأفف كنا لا نزال نتناقش، عندما اقترب بواب آخر يدعى علي شيروالي. دفعه إلينا الفضول ليتعرف إلى مضمون الحديث الذي شارك فيه راويا كيف يقضي أوقات دوامه. يقول: “أعمل في هذا الحي منذ 16 عاما، حتى أنني أعرف معظم سكانه، وقد مر علي الكثير من الناس منهم لم أسمع منهم غير السلام، ومنهم كثيرو الطلبات”. نسأله عما إذا كان ينزعج من طبيعة عمله، فيجيب: “لا، عملي مريح وأنا أحاول أن أنجزه باكرا قبل أن ينتصف النهار ويبدأ الحر، لكن ما يضايقني كثرة الاتصالات من السكان. إما لشراء الخضار واللحم والخبز، وإما للإشراف على أمور الصيانة التي تتعلق بالسباكة والمكيفات وما إلى هنالك”. وهذا إن دل على شيء فهو يدل على تأففه مثله مثل كثير من البوابين، كلما أضيفت إليه مهام قد لا يكون جاهزا للقيام بها. استياء واعتراض ننتقل إلى منطقة أخرى ونجول بين الأحياء فيقع نظرنا على مجموعة بوابين يفترشون الرصيف وفي يد كل منهم كأس شاي. نقطع عليهم مناقشاتهم بالسؤال عن سبب عدم وجود كل منهم في المبنى الذي يعمل فيه. البعض فهم القصد من السؤال وهم بالوقوف شاعراً بالذنب، فيما البعض الآخر أعرب عن استيائه من تدخلنا. ومن بينهم أبو فاروق قائلاً: “معظم السكان في وظائفهم والأطفال في المدارس، فما المانع من الجلوس هنا؟ ثم أن السكان المعنيين في الأمر لم يوجهوا لنا يوماً أي ملاحظة أو اعتراض على تجمعنا”. ويكمل عنه الحديث زميله في المهنة شوكت عبدالله الذي حول الحديث إلى الناحية الإنسانية معتبرا أن البوابين من حقهم أن يرتاحوا ويجدوا من يتحدثون إليه خلال النهار. “نحن بشر ونشعر بالملل والوحدة والتعب، ومن المفرح بالنسبة لنا أن نجلس مع بعضنا يوميا مرة أو مرتين أو كلما تيسر لنا أن نلتقي”. وهو يعترض على فكرة أن البواب يجب أن يكرس يومه بالكامل لخدمة المبنى لأنه يتمتع بحقوق الموظف العادي، الذي يمارس حياته الطبيعية ما أن ينتهي من واجباته. “والدليل أننا جميعا نحصل الجمعة من كل أسبوع على يوم إجازة نقضيه خارج المبنى وخارج الحي بالكامل”. نائم أو مغيب هذا المنطق يعتمد عليه معظم البوابين، الذين لم يجدوا في الأصل من يحدد لهم واجباتهم، وما هو المطلوب منهم ، كحراس للمباني. لكن ماذا عن أراء السكان، وهل يعتبرون أن في الأمر ما يزعجهم أو ينتقص من راحتهم؟ ميرفت شريف أم لابنتين، وهي موظفة تعمل بدوام عمل كامل تعتبر أن غيابها عن البيت يقلقها لأنها لا تشعر بالأمان في حال تعرضت أسرتها لأي طارئ. “فالبواب غالبا لا يجيب على “موبايله”، وهو إما نائم في غرفته وإما مختف عن الأنظار. ولا أصادفه إلا أثناء تنظيفه لمدخل العمارة في الثامنة صباحا موعد ذهابي إلى الوظيفة”. وتشير إلى أنها تفضل لو كان من يحرس المبنى موظف أمن تابع لإحدى الشركات التي تتعهد العناية جيدا بمصلحة السكان. “على الأقل نجده عند الضرورة بدلا من مضيعة الوقت في البحث عنه من دون جدوى”. توافقها الرأي أم محمود الكردي التي تستغرب النظام المعتمد في معظم العمارات بأن يقيم البواب عند آخر طابق. “فهذا يجعله مغيباً عن أحوال السكان واحتياجاتهم، وكذلك عن ملاحظة الداخلين والخارجين من المبنى”. وتعتبر أن الأمر في غاية الخطورة، لأنه في أحيان كثيرة تقع حالات طارئة في الشقق ولا يجد قاطنوها البواب. وهو أول من يخطر في البال للقيام بالمساعدة أو الاتصال برجال الإطفاء أو عمال الصيانة وهكذا. “فالبواب المدرب على كافة تجهيزات الشقة، من أمور الكهرباء والماء والمكيفات وما إلى هنالك، يشعر السكان بالاطمئنان. وعلى الأقل باستعداده للإجابة على أي سؤال في هذا الخصوص”. حراس ويذكر عمر صالح الذي تنقل خلال إقامته في أبوظبي بين 4 شقق، أن مهنة البواب لا تنال الاهتمام الذي تستحقه. “ومن الخطير أن تترك العمارات القديمة على حالها من دون رعاية تذكر، إذا ما قورنت بالأبراج الحديثة التي تهتم بأمور أمنها شركات متخصصة بالحراسة. فهذه الشركات تنظم جدول مواعيد الحراس، وتتابع أمورهم بشكل يضمن الصالح العام ولا يترك أي مجال للتلكؤ أو التغيب عن الوظيفة. ويشير في حديثه إلى نقطة مفادها أن البوابين يتقاضون رواتب زهيدة لم تعد كافية. وهم يرسلونها بالكامل إلى بلدانهم ولا يبقى لهم منها ما يصبرهم على مشقة العمل. “وهذا الأمر يجعلهم يتخاذلون عن أداء مهامهم على أكمل وجه، ويدفعهم للقيام بخدمات أخرى قد يستفيدون منها بما يسد نفقاتهم اليومية”. في حين أن حراس الأمن التابعين للشركات الخاصة يتقاضون أجورا عالية نسبيا ويعملون بدوام عمل لا يتعدى الثماني ساعات في اليوم.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©