الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لجنة الانتخابات العراقية... مهمة في دائرة الخطر

لجنة الانتخابات العراقية... مهمة في دائرة الخطر
21 ديسمبر 2009 22:26
شهدت الفترة الأخيرة تكثيفاً من المتمردين لعملياتهم التي تستهدف موظفي الانتخابات العراقية في مسعى واضح منهم لإبطال الانتخابات البرلمانية المتوقع إجراؤها في شهر مارس المقبل، على حد تصريحات بعض المسؤولين، ما أرغم السلطات الانتخابية على تقييد تحركات الموظفين الانتخابيين، إلى جانب محاولة إسكان بعضهم في أحد الفنادق داخل المنطقة الخضراء المحصنة. وكان أحد الموظفين الانتخابيين قد قتل أمام منزل عائلته في العاصمة بغداد، بينما اختطف موظف آخر ومعه زوجته وابنه إلى منطقة مجهولة قبل 10 أيام. وقد علق على ذلك فرج الحيدري رئيس اللجنة العليا المستقلة للانتخابات بقوله: "لم تكن مصادفة أن يستهدف ثلاثة من موظفينا بهجمات مختلفة. فالوضع هنا مأساوي للغاية، وبإمكانك أن ترى آثار القلق النفسي والذهني في وجوه الموظفين". وقد اعتبر مسؤولون عراقيون أن هذه الهجمات هي آخر المحاولات التي يبذلها تنظيم "القاعدة" في العراق لخلق حالة من عدم الاستقرار والبلبلة قبل حلول موعد الانتخابات في السابع من مارس المقبل. ومن جانبهم يأمل المسؤولون الأميركيون أن تمهد هذه الانتخابات التي سبق تأجيلها لما يقارب الشهرين، بسبب الاضطرابات السياسية، لانتقال سلمي ديمقراطي سلس للسلطة، بما يساعد على تسريع انسحاب القوات الأميركية من العراق. وقد أرغمت أعمال العنف هذه التي تستهدف موظفي لجنة الانتخابات مسؤوليها على تشديد الإجراءات الأمنية الهادفة لحماية موظفيها الذين يقيم نحو 500 منهم في بغداد وحدها. وشملت هذه الإجراءات تقييد حركتهم اليومية، إلى جانب نصح عائلاتهم وذويهم بالإقامة في بيوت أخرى إلى حين انتهاء الحملة الانتخابية. وطلبت لجنة الانتخابات من الحكومة إيواء الموظفين في القصر الجمهوري الذي كان يقيم فيه صدام، بعد أن أخلته السفارة الأميركية مؤخراً. كما تم تأمين غرف خاصة لكبار مسؤولي اللجنة بفندق الرشيد، وهو فندق حصين تحوطه إجراءات أمنية مشددة داخل المنطقة الخضراء، حيث يقيم الكثير من أعضاء البرلمان العراقي والزوار الأجانب. وقال الحيدري إنه ناقش المسائل الأمنية المرتبطة بموظفيه مع المالكي والطالباني، مؤكداً مطالبته بالمزيد من الحراس الأمنيين بقوله: "إننا نحاول توفير مستوى حماية أفضل لموظفينا، حرصاً منا على مواصلة عملنا". يذكر أن الفترة السابقة للانتخابات تخللتها سلسلة من العمليات والتفجيرات الانتحارية التي ساعدت على هز ثقة المواطنين في حكومتهم، وخلفت وراءها ما يزيد على 400 قتيل. وفي حين لا يزال الغموض يكتنف الجهة المسؤولة عن هذه العمليات، إلا أن المسؤولين العراقيين يعتقدون أن تنظيم "القاعدة" وبقايا حزب "البعث" هم المسؤولون عن حملات العنف هذه. وكانت جماعة متطرفة تعمل تحت اسم "دولة العراق الإسلامية" هي التي تبنت المسؤولية عن التفجيرات التي استهدفت عدداً من المباني الحكومية في شهري أغسطس وأكتوبر الماضيين، إضافة إلى تبنيها لآخر التفجيرات التي وقعت في الثامن من ديسمبر الجاري. غير أن الحملات التي تستهدف موظفي الانتخابات تقع ضمن استراتيجية أوسع نطاقاً يتبناها المتمردون بهدف زعزعة استقرار الحكومة العراقية. وعلى حد قول الحيدري: "تمثل العملية الانتخابية هدفاً رئيسياً للمتمردين. فلو نجحوا في إفشالها، فإن ذلك قد يعني نجاحهم في إفشال العملية السياسية بمجملها في العراق. وهذا ما يدعوني للاعتقاد بأن كافة أعداء الديمقراطية هنا يقفون وراء هذه الهجمات، بمن فيهم عناصر تنظيم القاعدة". وإذا ما نظرنا جيداً إلى أدق التفاصيل والملابسات التي أحاطت بمقتل أحد موظفي الانتخابات مؤخراً، فسنكتشف أنه كان عملاً مدبراً ومدروساً بعناية فائقة. فقد عاد "علي محمود" -يبلغ من العمر 30 عاماً، وظل يعمل مع اللجنة العليا الانتخابية المستقلة منذ خمس سنوات- إلى منزله بعد حضوره حفل زواج صديق له يوم الخميس الماضي في تمام الساعة السابعة والنصف مساء. وصفّ سيارته أمام منزله بحي الجادرية الذي يعد أحد أكثر المناطق أماناً حول بغداد. وحسب رواية صديق لعلي محمود وبعض مسؤولي اللجنة الانتخابية، فقد ظهر فجأة مسلح واحد على الأقل -وربما عدة مسلحين- وأطلق طلقتين من بندقية كاتمة للصوت. وبينما أصابت طلقة منطقة أعلى الأنف، أصابت الأخرى الجانب الأيسر من جبهته. وفي الوقت نفسه كشفت حوارات صحفية أجريت مع الكثيرين من أعضاء اللجنة الانتخابية مؤخراً -في إطار إعداد هذا التقرير- عن أن مصرع علي محمود، واختطاف موظف آخر تابع للجنة في كركوك قبل عشرة أيام، ثم اختطاف ثالث برفقة ابنه وزوجته في الأسبوع الماضي، كلها أحداث تركت آثاراً نفسية سيئة على موظفي اللجنة ومستوى أدائهم. ذلك أن شعوراً بالخوف وعدم الأمان ساد بين جميع الموظفين، لأن ما حدث لزملائهم يمكن أن يحدث لأي منهم في أي وقت. وهذا ما أكده أحد مسؤولي اللجنة بقوله: نحن جميعاً الآن معرضون لخطر الاغتيال.ويلاحظ أن هذا المسؤول طلب عدم ذكر اسمه خوفاً من انتقام الجماعات التي تستهدفه وبقية زملائه. وأضاف هذا المسؤول قائلاً: "لدينا عمل كلفنا بأدائه. ونتوقع أن تكون مهمتنا أسوأ وأشد خطراً كلما اقترب موعد الانتخابات في شهر مارس المقبل. ولا تزال تفصل بيننا وبين ذلك الموعد مدة طويلة لا ندري كم تحصد فيها من أرواح موظفي اللجنة، وكم يختطفون من بيننا. وكل هذا يجعلنا أشد قلقاً مما تتصور". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
المصدر: بغداد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©