الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خودوركوفسكي... أمام ملاحقات الكريملن

21 ديسمبر 2009 22:28
بعد أن أبعد الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين، قطب صناعة النفط السابق ميخائيل خودوركوفسكي، إلى مستعمرة عقابية في سيبيريا عام 2005، بسبب امتناعه عن دعم المعارضة السياسية، اختفى الملياردير الشهير عن شاشة الرادار في روسيا. ولكن بعد مرور ما لا يقل عن تسعة أشهر، على بدء محاكمة ثانية له بتهم جديدة، غير تلك التي كان قد حوكم عليها في المرة الأولى، يمكن - للمحكمة الجديدة - أن تضيف عقدين من الزمن تقريبا للثماني سنوات التي حكم عليه بقضائها في المستعمرة العقابية، فإن قضية خودوركوفسكي باتت أبعد ما تكون عن النسيان سواء بالنسبة للخارج أو حتى بالنسبة لتلك الفئة الصغيرة من المعارضين الذين يدّعون أن الرجل ليس سوى ضحية للتنكيل السياسي بواسطة الكريملن، الجشع، والميال إلى الانتقام. ففي صباح كل يوم من أيام الأسبوع -منذ مارس الماضي- تتوقف عربة "فان" مدرعة أمام مبنى محكمة "خاموفنيتشيسكي" في موسكو، المحاطة بحراسة مشددة، لينزل منها رجلان يرسفان في أغلال ثقيلة، ويحيط بهما حراس يحملون بنادق أتوماتيكية، ليهرولوا جميعا تجاه مبنى المحكمة المربع الشكل، والمبني من الطوب الرمادي. بعد ذلك يجلس خودوركوفسكي في قفص الاتهام المحاط بالزجاج والصلب الواقي، ليستمع دون أن يبدي أي رد فعل لطابور طويل من شهود الملِك الذين يتهموه بغسيل الأموال والاختلاس. وهذا العرض الأمني اليومي، قد يوحي لأول وهلة، بأن هناك شيئاً مهما يجري، لكن الحقيقة هي أن شبكات التلفزيون الروسية التابعة للدولة قد تجاهلت تقريباً متابعة المحكمة الثانية لخودوركوفسكي وزميله بلاتون ليبديف.. التي لا يتابعها في الوقت الراهن سوى عدد قليل من الصحافيين والمراسلين الأجانب، والصحفيين العاملين في صحف المعارضة الروسية الصغيرة. أما المتظاهرين من الروس الذين يعبرون عن معارضتهم للمحاكمة، فقد غابوا عن الساحة بسبب البرد القارس الذي يضرب روسيا خلال شهر ديسمبر. ويتفق المؤيدون والنقاد على أن خودوركوفسكي قد اُستهدف من قبل النظام. والعاصفة السياسية، التي اندلعت بعد أن تم القبض على خودوركوفسكي الذي كان أغنى رجل في روسيا منذ ست سنوات بتهم تتعلق بالغش والتهرب الضريبي، لم تخف حدتها حتى الآن. وكان رئيس الوزراء الروسي الحالي، والرئيس السابق فلاديمير بوتين نفسه، هو الذي أصدر الأمر بالقبض على خودوركوفسكي، ومحاكمته بالتهم المشار إليها. واستغل بوتين فرصة اللقاء الدوري مع الجمهور الروسي بتقنية الاتصال عبر الهاتف Teleconference والذي جرى في موعد سابق من هذا الشهر في توجيه انتقادات عنيفة لخودوركوفسكي. من تلك التهم على سبيل المثال تهمة التواطؤ في جريمة قتل، وهي تهمة لم توجه رسميا لخودوركوفسكي حتى الآن، مؤكدا أن جميع الأموال التي مثلت حصيلة بيع شركة "يوكوس" للنفط قد استخدمت لمصلحة الشعب الروسي. ويرى "بوريس نيمتسوف" النائب الأسبق لرئيس الوزراء، والرئيس الحالي لحركة "سوليدارنوست" المعارضة أن"بوتين يخاف من خودوركوفسكي خوفاً مرضياً" وأنه" كلما بقي في السجن لفترة أطول، كلما حاولوا معاقبته بشكل أقسى، وكلما ازداد بالتالي اهتمام الجمهور الروسي العادي بقضيته". وهناك روايتان تختلفان اختلافاً بينا حول السبب الذي يجعل الكريملن يواصل عقاب "خودوركوفسكي" الذي عرف من وراء القضبان هذا الأسبوع أنه قد أصبح جَداً لأول مرة.. ولكن الشيء الذي يدعو للاستغراب أن أنصار بوتين المتحمسين والمدافعين المخلصين عن "خودوركوفسكي" على حد سواء يتفقون على أن الكريملن قد اختص الملياردير الروسي السابق بالتنكيل كي يجعل منه عبرة لأمثاله ممن يمتلكون طموحاً سياسياً. من الفئة الأولى "سيرجي ماركوف" النائب بـ" الدوما"( مجلس النواب الروسي) عن حزب "روسيا الموحدة" الذي يقوده بوتين والمقرب من الكريملن الذي يعترف بأن طريقة التعامل مع خودوركوفسكي "كانت انتقائية بطبيعة الحال، ولكن محاكمته لم تكن كذلك لأنه مدان فعلًا بكل ما اتهم به بل وأكثر من ذلك". ويضيف ماركوف:"خودوركوفسكي أختير من قبل السلطات الروسية للعقاب لأنه سعى إلى تحويل أمواله إلى قوة سياسية، وهو شيء ليس مضاداً لبوتين ذاته، وإنما للدولة الروسية بأسرها". "وعلى الرغم -الكلام لا يزال لماركوف- من أن جميع المليارديرات الجدد كانوا مذنبين بصورة أو بأخرى، فإن معظمهم اعترفوا فيما بعد بأخطائهم وتعهدوا بترك العمل في السياسة والتزموا بذلك". ومن الفئة الثانية، تعترف هيئة الدفاع عن خودوركوفسكي بأن موكلهم قد استُهدف لأسباب سياسية واقتصادية ولكنهم ينكرون أنه مدان بتلك القائمة من التهم الجنائية التي ترميه السلطات بها. يوضح "سانفورد ساوندرز" عضو فريق الدفاع عن الملياردير الروسي والمقيم في الولايات المتحدة ذلك بقوله"لقد أرادوا -في الأساس- إرسال رسالة سياسية من خلال محاكمته لإقصاء أي أنشطة سياسية مضادة من ناحية، ووضع أيديهم على شركته البترولية يوكوس ". ويقول بعض الخبراء إنه لو حدث وقرر ميدفيديف الرجل الذي انتقاه بوتين خصيصا كي يكون خلفاً له، أن يواصل تنفيذ وعوده بمحاربة الفساد، وجعل المناخ الاقتصادي في روسيا أكثر التزاماً بالقانون، فإن محنة خودوركوفسكي يمكن أن تنتهي في يوم من الأيام. أما "ليف بونوماريوف" ناشط حقوق الإنسان الروسي، فيرى أن مصير خودوركوفسكي يمكن أن يتغير في حالة واحدة فقط هي "حدوث تطورات جذرية في قمة السلطة" وهو شيء" لا يستبعد وقوعه". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
المصدر: موسكو
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©