حسين نشوان يكتب ذاته في «حوض مالح»

صدرت عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في العاصمة الأردنية مؤخرا الرواية الأولى للكاتب والفنان التشكيلي حسين نشوان في مئة وعشرين صفحة من القطع المتوسط. وبدءا، فإنه لم يكن متوقعا من فنان تشكيلي يدأب على صنيعه مثلما يدأب في عمله رئيسا للقسم الثقافي في يومية الرأي الأردنية، ربما هي ممارسة التحرير اليومي هي التي صقلت اللغة وخلصتها من «دهن» ولزوجة الكلام التي تعيق اللغة من أن تتدحرج، إنما تبقى ثقافة الشخص وموهبته هي المسؤولة عن حضور هذه المباغتة. لكن في الرواية، حيث خليط الأمكنة والأزمنة والمدن والتجارب الشخصية المليئة بالخيبات وبضعة مسرات قد منحت الكتاب طعما خاصا، غير أن الخيال بتعدد مستوياته الذي أدخله إلى الأحداث مستخدما تقنية الحلم قد أبعد «حوض مالح» عن أن تكون سيرة ذاتية وكذلك أفضى استخدام هذه التقنية بدوره إلى إبعاد الرواية عن الهذيان والشطط. من هذا المنطلق من الممكن فهم ما يقوله الناقد الدكتور محمد عبد الله القواسمة على الغلاف الأخير «ما نقرؤه في هذا الكتاب نصّ روائي يحتوي مجموعة من التأمّلات والخواطر والأفكار والحكايات، تمتزج بخطابات وتناصات مختلفة تنثال على ذهن الراوي في لحظة يتشظّى فيها الوعي، لتعبّر عن مكنونات عقل عربي جمعي تتداخل فيه الأزمنة، تبدأ من الراهن، وتمتد إلى الأزمنة العربية الغابرة، وتنتهي بالمأساة الفلسطينية، وتتعدد الأمكنة: فهناك بيروت ودمشق وبغداد وقرى فلسطين وغيرها». ويضيف «إن عمل حسين نشوان ذو بنية كابوسية تقوم على حكاية رئيسية عن قرية دمرها الاحتلال وشرّد أهلها، وهي تستفيد من الفنون المختلفة ويبرز ذلك من خلال الإفادة من اللوحة والألوان والمعارف الفنية ويتجسد الشعر في ورموز يحلّق فيها الخيال دونما حدود أو رابط. والحال، أن حسين نشوان يكشف في أكثر من موضع عن تقنياته الكتابية وعدته الفنية، وبهذا المعنى تكون الرواية نصا ينص عن مكوناته وطرائقه وتناصاته، ويطرح في النهاية أسئلة عن علاقته بمؤلفه، فمأساة الراوي ومكابداته الروحية ليست بعيدة عن حسين نشوان الشخص وتجربته وهي ليست بعيدة عن أولئك الذين اكتووا بنار التجربة ذاتها أيضا. إنها حديث عن الذات إنما تختزل تجربة جمعية. صمم غلاف «حوض مالح» الرسام ومصمم أغلفة الكتب نضال جمهور، فيما حمل الغلاف الأول لوحة الفنان التشكيلي عماد أبو حشيش.