السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شرق أوكرانيا... وتصعيد الانفصاليين

9 مايو 2014 23:50
آنا نيمتسوفا شرق أوكرانيا في يوم السبت الماضي اجتمع بضع مئات من الرجال والنساء، بعضهم يرتدي الزي العسكري ويحمل السلاح بالقرب من معسكر مؤقت أقاموه على عجل خارج منشأة تابعة لأمن الدولة الأوكراني بمدينة لوهانسك شرق البلاد، وبعد أن أطلقوا على أنفسهم تسمية «الجيش الجنوبي الشرقي»، سيطر الانفصاليون الموالون لروسيا قبل شهر على المنشأة الأمنية ليظلوا مرابطين خارجها في أجواء عارمة من الشد والجذب جعلت الأمور تنحو مع مرور الوقت إلى التصعيد وعدم الاستقرار العام. بل إن الوقت قد حان الآن، يقول قادتهم، لاتخاذ قرار حاسم بخوض معركة حقيقية ضد أوكرانيا. وهكذا وتجاوباً مع نداء القادة في المعسكر الذي أقيم وسط المدينة بالقرب من مبنى أمن الدولة سارع الرجال والنساء المتحمسون والمتواجدون في عين المكان إلى التحلق حول القائد والإصغاء إلى ما يقوله، حيث تقدم إلى الأمام رجل يشير إلى نفسه بكونه «قائد كتيبة قتالية» ملتقطاً ميكروفوناً في يده، ثم بدأ في الحديث إلى المتحلقين حوله، ملهباً الحماس بصوت جهوري، داعياً إلى التعبئة والنفير «انتقاماً»، كما قال، «لما حصل في مدينة أوديسا». وكان قد قتل قبل يوم على هذا الخطاب أكثر من 40 شخصاً في معارك اندلعت بشوارع المدينة، وأيضاً بسبب حريق شب في أحد مبانيها، وهو الأمر الذي أثار غضب سكان المناطق الشرقية واعتبروه اعتداء سافراً من قبل كييف على المدينة لن يمر دون رد. ولم يتأخر الرد على ما يبدو، وإن لم يكن دموياً كما خشي البعض، إذ اكتفى من يطلق على نفسه «محافظ الشعب»، فاليري بولتوف، الذي يدير مدينة لوهانسك بعد طرد عمدتها إلى فرض حظراً للتجوال بين الساعة الحادية عشرة مساء والسادسة صباحاً في مدينة لا يتجاوز عدد سكانها 500 ألف نسمة وهي قريبة من الحدود الروسية. ولكن الأمور اتخذت مسلكاً آخر وبدأت تقترب من العنف بعد أن أصدر المحافظ إنذاراً عبر مكبرات الصوت إلى باقي المنشآت التي ما زالت خاضعة لسلطة كييف، وعناصر الجيش التي تحرسها، بإعلان ولائهم لـ «الجيش الجنوبي الشرقي» وتسليم أسلحتهم دون تأخير، وإلا فسيتم التعامل معهم على حد قول «بولتوف» على أنهم «خونة» و«أعداء للشعب»! وفي إحدى اللحظات وبينما كان الجو متوتراً في المدينة مرت سيارة سوداء تحمل العلم الأوكراني بالقرب من معسكر الانفصاليين الموالين لروسيا، فأطلق أحد العناصر النار في الهواء ورمى آخر حجراً على السيارة بعدما أثارت غضبه، ومع أن الإنذار، أو المهلة التي حددتها القوات الموالية لروسيا في المدينة انقضت، إلا أنه لم يتبين ما إذا كانت القوات الأوكرانية قد استجابت للطلب وغيرت ولاءها لمصلحة روسيا أم لا، الأمر الذي دفع قادة العناصر الانفصالية إلى حشد رجالهم في ساحة المدينة، وتقسيم الرجال إلى فرق صغيرة تتكون كل واحدة منها من 20 رجلاً، حيث بدا القائد حازماً في قراره، مخاطباً المتباطئين بشدة، موضحاً أن الأمر جدي، وأن كل من لا يرى في نفسه القدرة على القيام بالمهمة عليه المغادرة منذ الآن. وبعد نصف ساعة بدأت العملية التي اجتمع من أجلها الرجال، فسمع دوي انفجارات خارج مكتب للتجنيد بالمدينة لم يكن محروساً بشكل جيد بعد أن هاجمته العناصر الموالية لروسيا، فانتهت المعركة بجرح ثلاثة أشخاص، بحسب ما تردد من مصادر إعلامية. وفي تبريره للعملية قال فاليسي نيكيتين، المتحدث باسم الجماعات الموالية لروسيا في المدينة إن الأوكرانيين «هم من بدأوا المعركة بعدما أطلقوا النار على أناس عزل، فجئنا لمساعدتهم»، وهو التبرير الذي لم يتسنَّ التأكد من صحته من مصادر محايدة، ولكن في النهاية تمكنت العناصر الموالية لروسيا من السيطرة على مكتب التجنيد. وبالموازاة مع التوتر واحتمالات المواجهة التي تخيم على المدينة ظلت الحياة الخاصة للأهالي طبيعية لا تعكر صفوها شائبة، فالعائلات تأخذ أطفالها إلى الحدائق القريبة ومجريات الحياة عادية بشكل عام. وفيما كان الموالون لروسيا ينظمون مظاهرة مطالبة بحق تقرير المصير، مر موكب من سيارات زفاف تقل عروسين محتفلين لتغطي أصوات الأبواق على الشعارات المرفوعة في المظاهرة. وليس بعيداً عن المكان تفتح محال المجوهرات أبوابها أمام الزبائن الذين يتقاطرون عليها دون توقف، وإن كان التجار يشتكون من حالة حظر التجوال المفروضة. أما في المعسكر الذي نصبه الموالون لروسيا وسط المدينة فيعمل الرجال على تحصين المكان بتعبئة أكياس الرمال وجر إطارات السيارات لإقامة الحواجز، فيما النساء منشغلات في المطبخ المؤقت لتحضير الوجبات. وفي هذه الأثناء يتعالى نداء عبر مكبرات الصوت لا يتوقف عن التكرار يقول: «هدفنا الأول هو كييف، هدفنا الأول هو كييف»! ومن بين المتطوعين الذين قدموا إلى المعسكر لمساعدة المسلحين هناك بعض الممرضات مثل «مارجاريتا شيباتاريفا»، التي اشتكت من نقص في الأطباء، قائلة «نحن مستعدون للحرب، لكن ما ينقص هم الجراحون»، مضيفة أنها ستعالج الجرحى بصرف النظر عن انتمائهم والجهة التي يقاتلون من أجلها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©