الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

المشاركون: الاستثمار بلغة الضاد وسيلة مثلى للنهوض الحضاري

المشاركون: الاستثمار بلغة الضاد وسيلة مثلى للنهوض الحضاري
9 مايو 2014 23:50
محمد وردي (دبي) اللغة عنوان الهُوية الثقافية للأمة، وميزان نهضتها الحضارية، وبقدر ما تكون الأمة فاعلة بالمجتمع الدولي على المستويات العلمية والاقتصادية والسياسية والعسكرية، يزدهر خطابها الثقافي وتسود لغتها وتفرض سطوتها على اللغات الأخرى، وتهددها بالتلاشي والزوال في بعض الأحيان. هكذا هو منطق الثقافة، وهكذا هي تمظهراتها في خطاب القوة منذ فجر التاريخ. وربما هذا ما يفسر حقيقة تنادي الغيورين على اللغة العربية، عندما راحوا يلحظون، وإنما أخذوا يشهدون ركاكتها ومؤشرات اضمحلالها في مدارسهم وجامعاتهم، بل في بيوتهم وأحضانهم التي ملأتها الفضائيات بالحنجلة اللغوية، بين العربية المهشمة وبين الرطانة السمجة بسبب ومن دونه. ما جعلهم يستشعرون بالخطر على الهوية والكينونة في الحاضر والمستقبل، وبعضهم يرى أنها تمثل تهديداً للسيادة والأمن الوطني والقومي، والبعض الآخر يرى أن النهوض بها يمثل خطوة مهمة على طريق التنمية بالمعنى الاقتصادي، ومن ضمن الجهود الكبيرة للحفاظ على اللغة العربية، المؤتمر الدولي الثالث للغة العربية، الذي انطلق في دبي الخميس الماضي بمشاركة 574 باحثاً من ست وسبعين دولة حول العالم. «الاتحاد» جالت في أروقة المؤتمر الدولي الثالث للغة العربية، الذي يختتم اليوم، واستطلعت بعض آراء الباحثين والمشاركين في فعالياته، وسألناهم عن انطباعاتهم ودور المؤتمر وتصوراتهم لإنجازاته، فجاءت الإجابات كالتالي: وطن يحتضن الجميع يقول الدكتور علي عبدالله موسى أمين عام المجلس الدولي للغة العربية: «نأمل أن تعود للغة العربية مكانتها وكرامتها عند الإنسان العربي خاصة، وأن هذه اللغة لها السبق في ظهور الكثير من العلوم والمعارف التي لا تزال إلى يومنا هذا تُنطق بإسمها العربي، وبالتالي فإن المسؤولية على كل مواطن عربي ومسلم أن يلتفوا حول مشروع حماية اللغة العربية، على اختلاف مؤسساتهم ومشاريعهم الفكرية والثقافية والاقتصادية والعلمية، لأن اللغة هي جزء من كينونة العربي لا ينفك عنها، ولا تنفك عنه، حتى وإن تلبس بأي لغة أخرى، تبقى العربية جزءاً من كيانه وتركيبته». ويضيف الدكتور موسى أن اللغة العربية ليست مجرد لغة ولكنها وطن يحتضن الجميع، «ويسكننا ونسكنه ونحن نعول على اللغة العربية في دعم الأمن الوطني والوحدة الوطنية. ومن خلال تجاربنا في المؤتمرات السابقة وجدنا أن اللغة العربية تلم الشمل العربي من الشرق إلى الغرب». مؤكداً أن المؤتمر ينمو بجهود الباحثين والمتخصصين وقناعات المسؤولين على أعلى المستويات، الذين يؤازرونه ويحثونه على الاستمرار في أن يكون باقة تجمع جميع المحبين والمهتمين باللغة العربية بغض النظر عن تخصصاتهم. وتابع الدكتور موسى أن المؤتمر بحسب الإحصاءات والأرقام سوف يكون من أكبر المؤتمرات التي تعقد في الوطن العربي، سواء على مستوى المشاركة أو الحضور. كما أن الأبحاث والدراسات التي يقدمها المؤتمر تعد إضافة كبيرة جداً للبحث العلمي في جميع التخصصات. الحفاظ على اللغة من جهته قال الدكتور أحمد الصياد سفير اليمن لدى منظمة اليونسكو إن المؤتمر هو عبارة عن تظاهرة ثقافية ولغوية تعقد كل عام، وتضم نخبة من المهتمين بشؤون اللغة العربية وهمومها، وتبحث في التحديات التي تواجه استمرار اللغة العربية وتطويرها وتبسيطها، بحيث تجعلها قادرة على مواجهة التحديات المعاصرة، وتستجيب للمفردات الجديدة التي تتطلبها لغة العلم والتكنولوجيا في مختلف المجالات. وأضاف الدكتور الصياد بقوله: «وكما هو معروف إن اللغات في العالم قد تنقرض وتختفي، وهذا ما أوضحته «اليونسكو» في أكثر من موقف وأكثر من دراسة، مؤكدة أن واجب الجميع هو المحافظة على هذه اللغات والحؤول دون انقراضها أو تلاشيها أياً كان عدد المتحدثين بها. واللغة العربية من حسن الحظ أنها ليست في مصاف اللغات المعرضة للإندثار. ولكن هذا لا يعني أن ننسى هذه اللغة، وإنما الواجب على الحكومات والمؤسسات التربوية والثقافية، وكذلك الأفراد أن يبذلوا جميعاً جهوداً متواصلة من أجل المحافظة على هذه اللغة، وتمكين الأجيال من التحدث بها والتمكن منها. وهذا يتطلب أن نعيد النظر في المناهج الخاصة بتعليم اللغة العربية وأن لا تدمج لغة الضاد بنزعة دينية أو قومية أو موقف سياسي. بدوره قال بلال البدور رئيس جمعية اللغة العربية، إن عظمة هذا المؤتمر، تكمن في الوجوه التي تشارك به، ممثلة بجنسيات وقوميات مختلفة من الشرق والغرب. كلهم جاءوا لتعزيز اللغة العربية. ومما لاشك فيه أن وجود هذا الكم من الأبحاث والدراسات والجلسات يثري المؤتمر، كما أن المؤتمر هو بمثابة فرصة لكل الباحثين، كي يتعرفوا على هذه الموضوعات المطروحة والمبادرات والتجارب في مجال تطوير وحماية اللغة العربية. وأضاف البدور أن الإمارات تفخر بأن تكون حاضنة للمؤتمر في دورته الثانية، لتؤكد أن وصولها إلى الحضارة والتقدم الحديث لا يعني انقطاعها عن جذورها وتاريخها، وأنها متطلعة إلى الجديد ومتمسكة بالماضي ومعتزة به. إرادة مجتمعية أما الدكتور دوان موسى الزبيدي- الباحث والمدقق اللغوي قال: «بالنسبة للندوات التي حضرتها حتى الآن، كانت غنية بأوراق البحث المقدمة فيها، وهناك بحوث متميزة تطرح جديداً في مجال استثمار اللغة العربية، لكن السؤال: هل هذه البحوث تأخذ طريقها إلى النور لتطبق على أرض الواقع؟ لا بد أن تكون هناك إرادة مجتمعية وإرادة من أصحاب القرار لتطبيق هذه البحوث والنهوض أو الإرتقاء باللغة العربية من خلال منطلقات استثمارية لتنمية اللغة، لأنه عندما تكون لها الريادة يكون اقتصاد الأمة مزدهراً. فمثلاً أيام الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز انتشر الفكر الإسلامي، وانتشرت معه اللغة العربية. فهذا الازدهار أدى إلى ازدهار اقتصادي. الجانب الآخر أن الاستثمار في اللغة له جوانب كثيرة منها استخدام اللغة الأم في الثقافة وتعليم اللغة للقوى العاملة سوف يؤدي إلى ازدهار اقتصادي من خلال الاستثمار بالبشر. كذلك الأمر على مستوى التعليم، فعندما تُستخدم اللغة الأم في الجانب التعليمي، سوف يؤدي هذا أيضاً الى ازدهار ما يسمى اقتصاد المعرفة. أيضاً على مستوى الإعلام، فعندما تُستخدم اللغة العربية بالإعلام فهذا يؤدي إلى نمو اقتصادي، إذ تصبح الثقافة الوطنية معممة على كل المجتمع. ومع ذلك يبقى السؤال المهم هو: هل تطبق مثل هذه الأفكار التي قدمتها بعض البحوث على أرض الواقع بشكل فعلي؟ ولاحظ الدكتور الزبيدي أن الجائزة التي خصصها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي « رعاه لله» للغة العربية ستكون دافعاً لكثير من المبادرات التي تسهم بالارتقاء باللغة العربية والاستثمار فيها، ودولة الإمارات فياضة بالخير. مؤتمر ثري من جانبها تقول الدكتورة فردوس موسى، إن المؤتمر ثري جداً، وبذل به مجهود فائق، وقد نجح بكل المقاييس كونه مؤتمراً دولياً يأتي إليه الكثير من الوفود من شتى بقاع العالم. وهذا دليل على انتشار العربية خارج حدود الوطن العربي. وتضيف الدكتورة مستنكرة الكثير من المشاهد، التي تراها في معظم العواصم والمدن العربية الكبيرة، فتقول بدهشة: «أنا لا أصدق أن أسماء جميع المحال مكتوبة باللغات الأجنبية أو أسماء غير عربية، وهذا الأمر ينطبق على معظم البلدان العربية».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©