الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أزمة المياه بين كرم الساقي وشح المخزون

أزمة المياه بين كرم الساقي وشح المخزون
14 يناير 2014 22:04
يبحث «أسبوع أبوظبي للاستدامة» خلال الفترة من 18 إلى 24 يناير 2014، ويناقش التحديات والفرص ذات الصلة بالنمو المستدام، مع التركيز بشكل خاص على مجالات الترابط بين الطاقة والمياه، والإدارة المستدامة والنفايات. وتزداد أهمية انعقاد الأسبوع مع تجاوز عدد سكان العالم لسبعة مليارات نسمة وضرورة إدارة الموارد الطبيعية، حيث تقام خلال الأسبوع «القمة العالمية للمياه» التي تبحث تحديات توفير المياه في العالم. وفي الوقت الذي يبحث فيه الخبراء والمختصون المشاكل المتعلقة بالمياه، يواجه العالم. ويواجه العالم أزمة مياه حقيقية اليوم، إلا أنها لا تتمثل في قلة المياه التي تفي باحتياجاتنا، بل في الافتقار إلى الإدارة الرشيدة، ما يعرض المليارات من الناس والبيئة لمعاناة شديدة. ولا يزال من الممكن الأخذ بشؤون وتدابير الإصلاح الحالية، للحيلولة دون تفاقم الأزمة. وتتزايد وسائل التوعية بمخاطر محدودية مصادر مياه الشرب وضرورة حمايتها، سواء فيما يتعلق بكمياتها أو جودتها. ولا يقتصر تأثير هذه التحديات على المجتمع المهتم بأمر المياه فحسب، لكنها تطال أيضاً صانعي القرار وكل فرد يعيش على ظهر هذه الأرض. وفي حين ظلت كميات المياه مستقرة على الدوام، قفزت الكثافة السكانية بمعدلات عالية، ما يعني احتدام المنافسة على نحو سنوي للحصول على مياه نظيفة للشرب ولأغراض الطهي والاستحمام وغيرها. وتغطي المياه 70% من سطح الأرض، إلا أن مياه الشرب لا تشكل سوى قدر يسير لا يتجاوز 2,5%. ومع ذلك، لا يسهل الحصول إلا على 1% فقط منها، إذ يُحتجز الجزء الباقي في الأنهار الجليدية وحقول الثلج. وفي واقع الأمر، لا يتوافر سوى 0,007% من المياه لتفي باحتياجات نحو 6,8 مليار نسمة. ونتيجة للعوامل الجغرافية والمناخية والهندسية والنظم والمنافسة على المصادر، تنعم بعض المناطق بوفرة المياه، بينما تواجه أخرى خطر الجفاف والتلوث الناجم عن شحها. وفي معظم الدول النامية، إما يصعب الحصول على المياه النظيفة أو تتحول إلى سلعة تتطلب عمل شاق لاستخراجها أو عملة مقابلها. ووفقاً للأمم المتحدة، ارتفع استهلاك المياه بأكثر من ضعفي النمو السكاني خلال القرن الماضي. وبحلول 2025، من المتوقع أن يعيش نحو 1,8 مليار شخص في مناطق تعاني من شح المياه، في حين يعيش الثلثان في أخرى تواجه ضغوط المياه، نتيجة للنمو والاستهلاك والتغير المناخي. وتشير التقديرات التي أعدها موقع «ووتر دوت أورج»، إلى وجود 3,4 مليون حالة وفاة سنوياً، جراء أسباب تتعلق بالمياه والصرف الصحي والنظافة، 99% منهم في الدول النامية. ويتسبب نقص المياه في موت الأطفال بمعدل يساوي الموت الناجم عن سقوط طائرة فئة جامبو كل أربع ساعات. ويهاجر نحو 60 مليون شخص للمدن سنوياً، يعيش معظمهم في مناطق لا تتوافر بها مياه أو مرافق صرف صحي كافية. كما يفتقر نحو مليار نسمة في الوقت الحالي للحصول على مصدر مياه نظيفة وصحية، ما يعادل واحد بين كل تسعة أشخاص. ويفوق ضحايا المياه والصرف الصحي، ضحايا أي حرب بالبنادق والمدافع. ويهدر الناس الكثير من الوقت في دول أفريقيا جنوب الصحراء، للحصول على مياه الشرب، في وقت تتسبب فيه الأمراض المرتبطة بشح المياه في الحد من إمكانياتهم البشرية. ويتميز استخدام المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعدم الاستقرار والنقص، ما يمكن أن يقود إلى المزيد من التوترات، ما لم تتخذ الحكومات التدابير اللازمة للتصدي لهذه المشكلة الماثلة. وفي حين يرجع الناس أسباب التوترات السياسية الأخيرة في هذه المنطقة للسياسات والبطالة وغيرها، تكمن أسباب أخرى في بعض هذه البلدان، في ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي ترتبط مباشرة بأزمة المياه المتصاعدة. وكلما يزيد عدد السكان يزيد الطلب على الماء وكذلك تراجع مخزونها الجوفي. وفي دراسات صدرت عن البنك الدولي والأمم المتحدة، من المتوقع تضاعف عدد سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى أكثر من 600 مليون في غضون 40 عاماً، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة بفعل التغير المناخي، ما يعني توترات سياسية موقوتة وزيادة في استهلاك المياه. وقالت وزيرة الخارجية السويسرية السابقة ميشلين كالمي «من المتوقع أن تمثل المياه المصدر الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط وليس البترول، إذ أصبح الوضع مثيراً للمخاوف». وتعرض تقرير أعدته منظمة «بلو بيس» لتوقعات المياه طويلة الأجل لسبع دول في المنطقة بما فيها تركيا وفلسطين والعراق والأردن، إذ تعاني خمس منها بالفعل من مشاكل نقص هيكلية كبيرة، في وقت ليس من المرجح فيه استمرار توافر كميات المياه المأخوذة من المصادر الآخذة في التراجع بمختلف دول المنطقة. ويرى التقرير أنه وفي حال عدم القيام باختراع تقني كبير أو اكتشاف مصادر غير متوقعة، من المؤكد أن المنطقة ستواجه مشكلة حادة في نقص المياه. ويُنذر شح المياه بالكثير من المخاطر في الوقت الحالي، إذ من المتوقع وفي غضون سنوات قليلة أن لا يُتاح أمام الدول المتحاربة، خيار غير التعاون فيما بينها لتقاسم مصادر المياه، أو مواجهة توترات مدمرة. وفي هذا السياق، ربما تتحول المياه إلى فرصة، لتكوين مصدر جديد من الأمن والسلام بين الدول المتجاورة. ومع ذلك، ومهما تختلف استخدامات المياه من زراعة وصناعة واستهلاك منزلي، من الممكن توفير كميات مهولة منها وتحسين طرق إدارتها. وينتشر هدر المياه في كل بقعة من بقاع الأرض تقريباً، وطالما أن الناس لم يواجهوا شحها، فإنهم يدركون أن سبل الوصول إليها واضحة وطبيعية. ومن المتوقع وفي ظل ارتفاع وتيرة الحياة المدنية وهجرة الناس للمدن وتغيير نمط حياتهم، ارتفاع مشابه في استهلاك المياه. لكن ربما يساعد التغيير الذي طرأ على الأنماط الغذائية، في التقليل من حجم المشكلة، مع الوضع في الاعتبار أن زراعة واحد كيلو من البطاطس، تستهلك نحو 100 لتر من الماء، في حين يتطلب إنتاج كيلو واحد من لحم البقر نحو 13 ألف لتر من الماء. وينبغي النظر للمياه كأولوية رئيسية، إذ يتمثل واحد من أهداف المجلس الدولي للمياه الرئيسية، في زيادة التوعية حول قضية المياه. كما يترتب على صانعي القرار على مختلف مستوياتهم المشاركة فيها. ويهدف المجلس وبحلول 2015، لخفض عدد الناس الذين لا يملكون مصادر مستدامة من مياه الشرب والصرف الصحي، إلى النصف. ولتحقيق ذلك، ينبغي اتخاذ عدد من التدابير التي تشمل ضمان الحق في المياه وعدم مركزية المسؤولية المتعلقة بها وتطوير التقنيات على المستويات المحلية وزيادة وتحسين التمويل، إضافة إلى تقييم ومراقبة موارد المياه. وفيما يخص التوترات بين الدول المتجاورة وعمليات التنمية الاقتصادية الإقليمية والمحافظة على الإرث الثقافي، يمكن تعزيزها جميعاً من خلال التعاون في المياه. وبدلاً من النظر إلى المياه كمصدر للحروب، يمكن أخذ قضية إدارة المياه كوسيلة للتعاون والسلام. وتم طرح العديد من المبادرات لتفادي الأزمة، مثل تلك الخاصة بنهر السنغال. وانضمت منظمة اليونسكو بالتعاون مع جرين كروس إنترناشونال في 2001، لبعض القوى الأخرى كرد فعل للمخاوف حول نشوب صراعات ترتبط بالمياه. وفي غضون ذلك، قامت بطرح مبادرة مشتركة تهدف لتحويل الصراعات المحتملة، إلى تعاون مثمر من أجل إحلال السلام والمشاركة في موارد المياه بين الدول. وفي الوقت الذي شحت فيه مصادر المياه، ارتفعت فيه وتيرة الصراعات بين مختلف شرائح المستهلكين على الصعيدين المحلي والعالمي. يُذكر أن أكثر من 260 نهراً حول العالم تشترك فيها نحو دولتين أو أكثر. وفي ظل غياب قوانين واتفاقات صارمة، فإن أي تغيير في مجرى للمياه، تنجم عنه الكثير من الصراعات والتوترات. ورغم تعزيز الأمن الغذائي خلال الثلاثين سنة الماضية، شكل استهلاك المياه لأغراض الزراعة نحو 66% من إجمالي الاستهلاك وإلى 90% في المناطق القاحلة، في حين تم استهلاك النسبة المتبقية عند 34% بين الاستخدامات المنزلية 10% والصناعة 20% لتتبخر نسبة 4% المتبقية. كما ساهمت التغيرات المناخية والتقدم الصناعي أيضاً في زيادة معدلات الاستهلاك. وما يجعل القضية أكثر تعقيداً، أن زيادة استهلاك الفرد للمياه، لا تقلل من كمياتها المتوافرة لعمليات الصناعة والزراعة فحسب، بل لها أثار كبيرة تنعكس على توازن النظام البيئي والفصائل المختلفة التي تعيش عليه. وتعرضت التوازنات البيئية للخلل ولم تعد قادرة على لعب دورها الطبيعي المنوط بها. وتنجم ضغوطات المياه عن عدم التوازن بين استخدام المياه ومواردها مع اعتمادها على تنوع تلك الموارد. كما تقود إلى تدهور مصادر مياه الشرب فيما يتعلق بالجودة والكمية. وأينما يكون الفرد، فلا عوض له عن الماء الذي يكون 60% من جسمه والذي يعتبر أساسياً لإنتاج المواد الغذائية والملابس وأجهزة الكمبيوتر ولنقل المخلفات عبر المجاري وللحفاظ على البيئة. لكن للأسف أثبت الإنسان عدم كفاءته في استخدام هذا المصدر المهم، إذ أن متطلبات إنتاج مكونات قطعة متوسطة من الهامبورجر تستهلك نحو 2400 لتر من الماء، أو نحو 630 جالوناً، في حين تتم زراعة العديد من المحاصيل التي تحتاج لقدر كبير من المياه، في مناطق تعاني من الجفاف. نقلاً عن «ووتر كاونسيل وذي إيكونوميست وناشونال جيوغرافيك والجارديان» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©