الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حماية أطفال التوحد واجب إنساني ومسؤولية أخلاقية

حماية أطفال التوحد واجب إنساني ومسؤولية أخلاقية
27 ابريل 2013 20:36
من المؤكد أن حماية طفل التوحد تتقدم من حيث الأهمية عن عملية تأهيله ودمجه» خبراء التربية والعلوم السلوكية لا يختلفون حول حاجة طفل التوحد إلى رعاية خاصة من ذويه، وليس من المنطق أن ننتظر من الطفل التوحدي أن يتساوى والطفل السوي من حيث كيفية التكيف، أو التعلم، أو التواصل مع المجتمع من حوله، ومن ثم تتأتى أهمية إكساب هؤلاء الصغار المهارات الأساسية في التواصل وكيفية اكتساب الخبرات الحياتية والاجتماعية التي تمكنهم من العيش بشكل إيجابي وآمن. وعندما يكتسب الحديث عن حماية الطفل بشكل عام من كافة صور الضرر أو الإساءة أو الاستغلال البدني والنفسي أهمية خاصة، فإن حماية الأطفال المعاقين، وأطفال التوحد بشكل أكثر خصوصية يكتسب أهمية مضافة بكل تأكيد، إذن كيف نحمي طفل التوحد ؟ (أبوظبي) - إن لأطفال التوحد سمات عقلية وشخصية خاصة، تختلف بالتأكيد عن الطفل السوي، وهناك خصوصية وفروق فردية متعددة لا بد أن نُقرها ونعترف بها، ونتعلّم كيف نتعامل معها، ومن ثم كيف نساعده ونؤهله نفسياً واجتماعياً كي يتوافق ويتكيف مع حياته، والناس من حوله، والمجتمع بشكل صحيح وآمن وسليم. من السمات العامة لطفل التوحد، أنه لا يستطيع التمييز بشكل طبيعي، ولا يفهم المعنى الصحيح، ويتسم تفكيره بالسطحية، ولا يستطيع الربط بين المواضيع، وغالباً لا يفهم ولا يظهر أية مخاوف سلوكية أو ردود أفعال مميزة لما يدور حوله، لذا كان الأطفال التوحديون أكبر شريحة من ضحايا الإهمال والعنف والإساءة. ضحايا الإهمال يوضح محمد وجدي، أخصائي التخاطب في مؤسسة زايد العليا الإنسانية لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة أهمية توفير بيئة آمنة لأطفال التوحد، ويقول: «إن السمات النفسية والعقلية والوجدانية لأطفال التوحد، تجعل من عملية توفير الحماية الجسدية والنفسية لهم مسؤولية مجتمعية، وتحتاج إشاعة ثقافة خاصة لأبعاد واتساع هذه الحاجة، نحن أمام فئة عريضة، يعاني أصحابها وذووهم من آلامها، وهم في أمس الحاجة لنشر هذه الثقافة بين أفراد المجتمع كافة، فقد يجهل أهل الطفل الكثير من سبل الحماية التي تجنب الطفل الكثير من الضرر والأذى، وقد يكتسبون خبرات واسعة من خلال تعاملهم اليومي مع طفلهم، وكيفية توفير بيئة محيطة تجنبه أي ضرر أو إيذاء، وتتناسب وقدراته العقلية والمعرفية». ويكمل وجدي: «من الأهمية مراعاة متطلبات السلامة داخل المنزل، وقد يتطلّب ذلك إجراء بعض التعديلات على خريطة المنزل، وخاصة الموجودة في طوابق مرتفعة، كوضع وارتفاع البوابات والنوافذ والسلالم والمخارج والممرات والطرقات وتغطية الفتحات الكهربائية، واستخدام الأقفال الآمنة من الأطفال على الخزائن، والمطابخ، وهي نفسها الإجراءات الوقائية الضرورية للأسر التي بها طفل سنواته الأولى، فنحن لا نضمن أن يفكر طفل التوحد في التسلق، أوالرمي، أوالكسر، والقفز، والقطع، والتهديم، ورمي الأدوات، والصحون، والأكواب، وجر الأشياء من الأسطح وإغراق السراويل والدبابيس والتسلق من الشبابيك وكسرها، ولا نعلم إلى أي حد يذهب به فضوله، ولا يمكن توقع تصرفاته، وما يمكن حدوثه، لذا يراعى أن نجنبه قدر الإمكان الوصول للأدوات والأشياء الحادة أو الخطرة، أو سوائل التنظيف، والمبيدات، والأدوية والمواد الصغيرة التي يمكن أن يمضغها الطفل، كذلك الأدوات الكهربائية، ولمس المشاعل، أوفتح النوافذ غير الآمنة، أو إدخال الأشياء في الفتحات الكهربائية، والاهتمام بمسار الأسلاك، وتجنيبها من مناطق زحفه أو حركته، كذلك أعواد الثقاب والولاعات والمواقد، فعلى الأسرة أن تضع في اعتبارها أنها تتعامل مع طفل كبير، ولا يمكن التنبؤ بما يسببه لنفسه وللغير من أضرار». احتياطات يضيف وجدي: «قد يكون مناسباً أن يوضع أقفال على الأبواب والخزائن أو وضع منبهات خارج غرفة نوم الطفل، وعلى الأسرة أن تفكر في السلوك الواجب تعديله وعلاقته بالبيئة المحيطة من خـلال تعزيزات إيجابية أوسلبية، فلا يترك مثلاً إمكانية تشغيل الماء الساخن متاحاً أمامه بســهولة، أو إذا كان ركض الطفل خارج البيت متوقعاً فيجب أن تبدأ التعديلات بتأمين الأبواب الخارجية، كذلك ترتيب الأثاث بشكل ملائم، واستخدام بوابات أو حواجز لتوفير الأمان من السقوط، واستعمال البلاستيك الشفاف بدلاً من الزجاج قدر الإمكان، والتأكد أيضاً من أن عملية التوزيع للعدد والإلكترونيات مخفية بطريقة تمنع الطفل من اللعب بالأسلاك، فغالباً ما يكون لدى الأطفال المصابين بالطيف التوحدي اهتمام فضولي حول عمل الأشياء، لكن يمكن أن يزاوج ذلك بعدم الوعي المعروف للأوضاع الخطيرة - كتجميع كهربائي محتمل للمواد الكهربائية، فكلما كان التنظيم والترتيب في البيئة كلما قل مستوى الإحباط عند مرضى التوحد وازدادت فرصة السلوك السوي. أما فيما يتعلَّق بالحماية من النار، فإنه من المهم الاحتفاظ بالولاعات وأعواد الثقاب بعيداً عن متناول يده، ووضع أغطية الحماية فوق مواقد الغاز، ومقابض الأفران للحيلولة دون تشغيلها من قبل الأطفال، ومراقبة الطفل عندما تكون النار مشتعلة في الموقد أو الشواية، لأن من الصعوبة تعليم مريض الطيف التوحدي مدى خطورة النار، كما يلاحظ أيضاً أنه عندما يصبح بمقدور الطفل المصاب باضطراب الطيف التوحدي التحرك، فقد يقرر الخروج للتمشي دون رقابة، وعندما يكون الطفل خارج البيت قد لا يستطيع العودة إلى البيت، لذا ينصح بألا يترك يتجول بمفرده». التعرض للإساءة أطفال التوحد قد يتعرضون للإهمال أو العنف أو الإساءة الجسدية والجنسية أكثر من نظرائهم من الأطفال الأسوياء، ولا سيما الذين يخضعون لإشراف المربيات والخدم، لأنهم غير قادرين على التعبير عن شكواهم وآلامهم، أو لأن المرضى وضعاف النفوس من الذين يمارسون مثل هذه الإساءات يثقون بعدم افتضاح أمرهم، مما يدفع الكثيرون منهم إلى استغلال الطفل التوحدي بشكل مشين. للحد من مثل هذه الإساءات، يوضح حسن بركات، أخصائي التقييم بمركز الخليج للتوحد في أبوظبي، ويقول: «من الأهمية أن يدرك الوالدان أن الطفل التوحدي معرض دائماً للإساءة أكثر من غيره، وأنه لا يعرف الكذب، وتعويده مبكراً أن يلجأ إليهم عند الحاجة، ويثق بهما، ومن الأهمية أن يكون لديهما الوعي الكافي بالتربية الجنسية، ومساعدة المؤسسات التعليمية الاجتماعية وتبنيها لهذا الجانب منذ سنوات الطفل الأولى في الروضة، وعلى أجهزة الإعلام مسؤولية كبيرة في توعية أفراد المجتمع بأهمية وتوفير كافة سبل الحماية لهذه الفئة، وتوفير القوانين التي تحميهم وتحمي العاملين في المؤسسات المعنية، ومجالات الإرشاد وحماية الأطفال». أما على صعيد الأسرة، فمن الأهمية أن تتحرى الأسرة جيداً حول الأصدقاء والمقربين الذين يصادقهم أو يتعامل معهم الطفل عن قرب، وأن يتعلم مبكراً كيف يعتمد الطفل على نفسه في استعمال دورة المياه والاستخدام الصحيح لها، وكيفية إتقان النظافة الشخصية، وغسل يديه بالماء والصابون، وكيفية الاستحمام، وارتداء الملابس، وتعلم أساسيات النظافة الشخصية والاهــتمام بالنفس، وتعويده على إغلاق باب الحمام أثناء وجوده فيه، وإغلاق باب غرفته أثناء تبديله لملابسه، ويتم ذلك بإعطاء نموذج لهذه العادات بأن نقوم جميعاً بإتباع هذه القاعدة حتى يســتوعبها الطفل، مثال: «عدم السماح له بدخول الحمام إذا كان أحد بالداخل»، كذلك لا نسمح لأنفسنا أو أي شخص بالدخول عليه أثناء تواجده بالحمام». قصور في الحواس يوضح حسن بركات، أخصائي التقييم بمركز الخليج للتوحد، أن من سمات الطفل التوحدي أنه يعاني من قصور في الحواس الخمس، وقصور في حساسيته للأشياء الملموسة المحسوسة، فقد نجده يميل إلى حب تلمس الأشياء الخشنة أو الناعمة عن غيرها، ولا يستشعر الأخطار قبل حدوثها، ولا الآلام عندما تحدث له، فقد تكتشف الأم أنه قد جرح في قدمه أثناء اللعب منذ يوم أو يومين دون أن يشكو، وعادة لا يبدي شعوره أو إحساسه بالألم، كما أنه لا يستشعر الخطر، فقد يجري في الشارع، أو يحاول أن يقفز من الشرفة، دون إدراك ما يمكن أن يحدث له من مخاطر، وأن لديه قصورا أيضاً في عملية التقليد، أما الاستثارة لديه فتأتي من داخله، ولا تأتي من حوله، ومصادرها غير معروفة لديه على وجه الدقة». التربية الجنسية لأطفال التوحد ينصح خبراء التربية الخاصة الأسرة التي يوجد بها طفل توحدي، أن تراقب جيداً أية تغيرات على سلوكيات وتصرفات الطفل، وألا يترك للخدم والمربيات والسائقين دون رقابة. كما يجب على الطفل أن يتعلم كيف يفرق بين اللمسات العادية كلمس شعره أو إمساك يده وبين اللمسات الخبيثة، كتحسس جسده أومناطق حساسة منه، وعدم لمس أي شخص غريب وتعليمه الهروب والصراخ إذا أمسكه شخص ما بطريقة مريبة، ومن الأهمية مراقبة الطفل وعلاقته مع أصحابه. وعدم تركه مع الخادمة أو السائق دون رقابة، وملاحظة أي تغير في سلوكياته وردود أفعاله، وأن يبذل الوالدان قصارى جهدهما خلال مرحلة نمو الطفل إلى ما قبل سن البلوغ نحو تنمية ميول إيجابية أخرى لديه، حتى تبعد اهتمامه عن التركيز على جسمه وأحاسيسه في البحث عن المتعة، وتشجيعه على إيجاد نشاطات ممتعة أخرى في العمل أو الدراسة أو الترفيه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©