الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحدود التونسية... وتداعيات الثورة الليبية!

الحدود التونسية... وتداعيات الثورة الليبية!
30 ابريل 2011 22:54
تسربت أجواء الحرب الأهلية الدائرة في ليبيا إلى داخل الحدود الجنوبية لتونس يوم الجمعة الماضي بعدما اقتحمت مجموعة من القوات الموالية للقذافي الحدود بين البلدين متوغلة داخل بلدة مجاورة، وجاء هذا الاختراق بعدما فشلت قوات القذافي في استعادة السيطرة على موقع حدودي تحول إلى شريان أساسي للإمدادات يستفيد منه الثوار، وهكذا سقطت قذيفتان على بلدة "ذهيبة" التونسية أطلقتهما كتائب القذافي، فيما قام أهالي المنطقة التونسية الغاضبون من وصول قوات القذافي إلى بلدتهم برشق سيارات تابعة لها بالحجارة ما تسبب في انقلاب إحداها ومقتل سائقها. وفي ظروف مغايرة كان لاقتحام قوات أجنبية لمعبر حدودي أن يتسبب في أزمة دولية، ولكن اليوم مع استمرار الصراع في ليبيا وعمليات الكر والفر بين القوات الحكومية والثوار، فضلاً عن اتساع الحدود الصحراوية بين البلدين لم يُترك مجال واسع لتدخل القوات التونسية ومنع اختراق حدودها، حيث فضل الجيش والشرطة التونسيان الانسحاب كلية من المواقع الحدودية يوم الخميس الماضي إثر المعارك الشرسة التي اندلعت بين الثوار وقوات القذافي. وفي المرحلة الأولى تمكنت تلك القوات من بسط سيطرتها على المعبر الحدودي وشوهد لأول مرة منذ فترة العلم الليبي الأخضر يرفرف فوق المنطقة صباح الجمعة بعدما شنت كتائب القذافي هجوماً على ثلاثة محاور طيلة مساء اليوم السابق. ولكن مع حلول الليل تواصلت المعارك بين الموالين للنظام في طرابلس والثوار لتنتهي بتطويق قوات القذافي وإجبارها على الفرار حيث توغل 162 فرداً داخل الحدود الليبية على متن 18 سيارة، وقام الجيش التونسي بنزع سلاح الموالين واصطحابهم إلى نقطة حدودية ليعودوا إلى ليبيا بعد استرجاع سلاحهم. وعن هذه المعارك الضارية التي نشبت حول بلدة "ذهيبة" يقول الطبيب التونسي "سمير عبد المؤمن" الذي عالج الجرحى من الطرفين في مستشفى المدينة "تكتسي منطقة ذهيبة الحدودية أهمية كبرى بالنسبة للثوار لأنها طريق الإمدادات بالنسبة لهم، وهو ما يفسر المعارك الطاحنة حولها". ويضيف الطبيب التونسي موضحاً "ولكن أهالي المنطقة يتعاطفون مع الثوار ويريدون مساعدتهم وهم في الوقت نفسه يشمئزون من قوات القذافي التي لو أمسكوا أفرادها لفتكوا بهم". وتفاديّاً لهذا المصير قام الجيش التونسي بحراسة المستشفى الذي أدخل إليه جرحى من قوات القذافي لأن الناس كما يؤكد الطبيب "يريدون الدخول وإنهاء حياتهم". وبسبب القتال العنيف الذي دار في منطقة ذهيبة تعرضت بعض بيوت السكان المدنيين إلى القصف، فيما أصابت رصاصة طائشة طفلاً ليبيّاً كان في أحد معسكرات استقبال اللاجئين. وأبدى الثوار الذين سبقوا إلى السيطرة على ذهيبة دهشتهم من الهجوم المضاد الذي شنته كتائب القذافي بعدما اعتقدوا أنها تراجعت بمسافة كافية، بل إن سكان المنطقة أعربوا هم أيضاً عن استغرابهم، إذ كيف يمكن لقوات القذافي معاودة الهجوم على المعبر الحدودي دون أن ترصدها عين حلف شمال الأطلسي؟ وهو تساؤل يجد صداه لدى "وجدي" الثائر الليبي الذي يعمل في الجانب التونسي من الحدود قائلاً "لقد تعلم الثوار شيئاً مهمّاً من الهجوم الأخير وهو ألا يتركوا أبداً موقعاً دون تحصين حتى بعد تأمينه والسيطرة عليه"، هذا بالإضافة إلى إدراكهم صعوبة الاعتماد الكلي على "الناتو" وحده. وفيما كان الثائر يتحدث إلى الصحيفة لاحت أعمدة الدخان متصاعدة من الجانب الليبي للحدود حيث قام الجنود التونسيون باصطحاب قوات القذافي إلى مناطق العبور، وأقدم الثوار على حرق ملابس ومتعلقات كتائب النظام. يُذكر أيضاً أنه لأكثر من شهرين ونصف الشهر انضم سكان الجبل الغربي في ليبيا الذي يقطنه البربر إلى الثوار، وهي منطقة عرفت بتحديها لحكم القذافي في السابق ومحاولاتها العديدة للتمرد ضده، ويرجع هذا الاهتمام الكبير بالمنطقة الحدودية مع تونس إلى ما تمثله من فرصة لتأمين الثوار لاحتياجاتهم ورص صفوفهم لمعاودة الهجوم على قوات القذافي، ولذا تصر كتائب النظام على استرجاعها. بل وأفاد حرس الحدود الوطني التونسي أنه ربما كان سبب عبور قوات القذافي للحدود استهداف معسكر اللاجئين الذين فروا من ليبيا ولجأوا إلى تونس. وفيما فشلت خطة قوات القذافي في السيطرة على بلدة ذهيبة الحدودية وقطع طريق الإمدادات على الثوار فوجئ أطباء المستشفى المحلي بصغر سن الموالين للقذافي الذين دخلوا لتلقي العلاج، وقد بدا عليهم الخوف الشديد من احتمال استهدافهم من الأهالي إلى درجة أن العديد منهم أرادوا الخروج من المستشفى وهم في حالات حرجة، وتجنباً لوقوع حوادث غير مرغوب فيها حرصت سلطات المستشفى على الفصل بين جرحى قوات القذافي ونظرائهم الثوار في جناحين مختلفين، تفاديّاً لوقوع أي احتكاك بين الطرفين وانتقال المعارك إلى عنابر المستشفى. سكوت بيترسون - تونس ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©