الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جَسر الفجوة الدينية

30 ابريل 2011 22:55
دُعيْت مؤخراً لإلقاء محاضرة في "ليدز" في ذكرى بطل حوار الأديان المحلي الدكتور بيتر بيل الذي عمل دون كلل أو ملل لإبراز صورة ما ينبغي أن يكون عليه حوار الأديان في تلك المدينة بمقاطعة يوركشاير. وقد سعى ذلك الرجل، كواعظ منهجي متدرب، لتحفيز أسباب التفاهم بين أتباع الديانات المختلفة، وكان أستاذاً ورائداً في مجال حوار الأديان. وقد بحثْت مختلف طرق تعزيز العمل في مجال حوار الأديان، عارضاً التوجهات المتداخلة التي تستخدم عادة لتشجيع جهود هذا الحوار في المدارس والكنائس والمساجد والسجون والحكومات وفي نسيج المجتمع على اتساعه. وآمل أن يفهم الناس من خلال هذه الجهود أنه على رغم قصص التمييز والعزل والرهاب من الإسلام ما زالت النوايا الحسنة ومساعي التفاهم بين المسلمين والمسيحيين هنا في المملكة المتحدة موجودة بالتأكيد. وتشكّل مبادرات حوار الأديان أسلوباً قويّاً لتجاوز سوء الفهم السائد في المجتمع وتشجيع التفاهم والتسامح. وقد أصبحت بعض الأساطير التي تُطرَح أحياناً في الإعلام متأصلة في النفسية البريطانية إلى درجة أنه إذا لم نتعامل معها الآن فقد يصبح لدينا مجتمع مستقطَب بشكل مقلق في المستقبل القريب. وتشمل بعض الأساطير واسعة الانتشار -والواهية طبعاً- التي يصدّقها بعض البريطانيين عن المسلمين مزاعم بأنهم يقتلون "الكفرة" وأنهم عنيفون بطبيعتهم، وأن جميع النساء المسلمات يلبسن الحجاب وأن الرجال المسلمين يعاملون نساءهم معاملة غير مناسبة. وهناك كذلك إشاعات أخرى مغرضة وخطيرة مفادها أن المسلمين البريطانيين ليسوا على ولاء لبريطانيا، وأنهم يشكلون ما يسمى بـ"الطابور الخامس" الذي يعمل بشكل سري لإفشال النظام السياسي والاجتماعي في المملكة المتحدة! وبطبيعة الحال لا يمكن إزالة أشكال سوء الفهم الخطيرة هذه إلا من خلال شراكة جادة من قبيل ما يحصل في مساعي حوار الأديان ولقاءاتها. وقد حدثني أحد المسلمين الأسبوع الماضي عن انزعاج ابنته البالغة من العمر سبع سنوات لأن زملاءها في المدرسة قالوا "نكرهكم أنتم المسلمون لأنكم دمرتم مركز التجارة العالمي". ويثير ذلك أسئلة عديدة من قبيل: من علّم هؤلاء الأطفال هذه الأشياء؟ ولماذا؟ وماذا كان الحافز من وراء ذلك؟ وللتذكير فإن المجتمع الإسلامي يشكل أقلية مهمة في المملكة المتحدة، حيث يبلغ عدده ثلاثة ملايين نسمة. ويتوقع مركز "بيو" أن يزيد هذا العدد ليصبح 5.6 مليون مسلم عام 2030، ما سيشكل حينها 10 في المئة من سكان البلاد. وإضافة إلى ذلك، يتكون معظم هذا المجتمع من صغار السن حيث إن 60 في المئة من أفراده دون سن الثلاثين. وقد أشار "هيو غودارد"، مدير "مركز الوليد بن طلال لدراسة الإسلام في العالم المعاصر" بجامعة أدنبرة بشكل صحيح إلى جوهر المشكلة في العلاقات بين المسيحيين والمسلمين في المملكة المتحدة، بقوله: "إن مستوى التفاهم المتبادل بين هاتين الطائفتين يكون أحياناً منخفضاً جدّاً... بل ويمكن القول إن الجهل المتبادل أوسع انتشاراً بكثير من التفاهم المتبادل". ولذا أود أن أُشجع على التحرك قدماً، من أجل أن يتخذ المسلمون الخطوات ليصبحوا على علم ومعرفة بجيرانهم المسيحيين، وأن يبذل المسيحيون أيضاً جهوداً مماثلة لفهم ثقافة المسلمين وخلفياتهم الدينية. وفي الواقع، ينخرط المسلمون والمسيحيون في بريطانيا، بحماسة كبيرة، في مشاريع مثيرة ضمن جهود حوار الأديان. وليست جميع هذه النشاطات سهلة، فهي تتطلب بالتأكيد، كما قال رئيس أساقفة كانتربري "علاقات قوية وملتزمة" وانفتاحاً لمجابهة لقاء المرء بأفكار جديدة وأناس جدد. ولكن في كل الأحوال، ومهما تكن التحديات والعراقيل على طريق جهود حوار الأديان، إلا أنها تعود دون شك بالفائدة على المجتمع البريطاني وتجعله أكثر تماسكاً وانسجاماً داخليّاً، مع نفسه ومع العالم، هذا فضلاً عن كونها تجعله أيضاً يتمتع بالمصداقية وبالثقة في النفس وفي المستقبل. مُشرّف حسين رئيس سابق للمنتدى المسيحي الإسلامي في المملكة المتحدة ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©