يواصل طلاب جامعات ومدارس الإمارات تدفقهم على معرض أبوظبي الدولي للكتاب منذ اليوم الأول لافتتاحه وبشكل يومي وبأعداد كبيرة، في إشارة إلى أن مثل هذه الفعاليات ليست مقصورة على جمهور نخبوي مثقف بطبيعته، بل أصبحت معارض الكتب نافذة حرة لفئة غضة تسعى لاكتساب المعرفة من منابعها الأصلية، وفي ظل الحضور الهائل لهؤلاء الطلاب الذين تنوعت اتجاهاتهم واختلفت مشاربهم، سعى كل واحد منهم إلى تحقيق هدف معين والسير في وجهة ما، بسبب اختلاف أعمارهم وخلفياتهم الثقافية والفكرية معاً.
أشرف جمعة (أبوظبي) - بدا واضحاً منذ الصباح الباكر الحضور الكثيف بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب، الذي تتواصل فعالياته من 24 إلى 29 أبريل الجاري، بالمركز الوطني للمعارض، حيث تدفقت مجموعات من الطلاب ارتدى بعضهم أزياء متقاربة في الشكل خصوصاً طلبة المدارس، أما طالبات الجامعة فقد اتشح معظمهن بالعباءات السوداء التي تبين هويتهن المحلية، وبالنسبة للشباب واليافعين فقد أضاؤوا المكان بكناديرهم العربية الخليجية الأصيلة، فضلاً عن وجود طلاب من جنسيات عربية وأجنبية، واللافت أن حركاتهم جميعاً كانت خفيفة وسريعة من أجل المشاركة في الأنشطة الثقافية والفكرية والندوات والورش المختلفة، فضلاً عن مسارعتهم اللاهثة لزيارة معظم دور النشر التي انتشرت في أرجاء المعرض وفي الوقت نفسه اكتظت بألوان شتى من الكتب.
أبوظبي تقرأ
في أحد أركان معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الثالثة والعشرين، نصبت حملة «أبوظبي تقرأ» خيمتها والتف حولها العديد من الأطفال فضلاً عن الذين اتخذوا أماكنهم للمشاركة في المسابقة التي أجرتها بلدية مدينة أبوظبي، بوساطة منسقة الفعاليات بالبلدية علياء الزعابي، حيث كانت تسأل الطلاب الذين جاؤوا من مدارس متنوعة أسئلة علمية تخص مناهجهم الدراسية، وأخرى تتعلق بالمعلومات العامة، والطالب الذي يجيب على الأسئلة بطريقة صحيحة، يحصل على جائزته على الفور فضلاً عن ركني القراءة باللغة العربية والإنجليزية، حيث تولى عدد من المشرفين قراءة قصص لها بعد تعليمي للأطفال، وعلى الرغم من تعدد أنشطة مبادرة أبوظبي تقرأ في المعرض إلا أن الإقبال عليها كان كبيراً للغاية، حيث إن الكثير من طلاب المدارس كانوا ينتظرون دورهم من أجل المشاركة في الفعاليات، وكذلك الحصول على بعض القصص من أجل قراءتها.
أنشطة عملية
وعلى بعد عشرة أمتار من حملة أبوظبي تقرأ، استقر ركن مركز للتدريب الفني الذي جاءت مشاركته في هذا الحدث الثقافي البارز على مستوى عال من حيث تقديم أنشطة عملية لطلاب المدارس والجامعات، وتقول روز يوسف مشرفة تدريب بالمركز: يكرس المركز جهوده للتعاون مع المؤسسات المحلية والعالمية المتميزة لتقديم أفضل الممارسات والحلول في مجال رعاية الموهوبين وخلق فرص مستقبلية لهم، ولكي يرتقي المركز إلى أعلى المستويات فقد تم استخدام أسلوب المواءمة مع المراكز الرائدة، مثل المؤسسات الأكاديمية ومركز الإبداع والابتكار والهيئات المحلية وهيئات المجتمع المدني.
وحول مشاركة المركز في المعرض هذا العام، تقول: إننا نهتم باكتشاف المواهب الموجودة بالدولة، ولذا كانت المشاركة في المعرض كبيرة نظراً للإقبال الكبير عليه من قبل طلاب المدارس والجامعات، وهي فئات لديها قدرات خاصة ومواهب حقيقية تحتاج إلى من يكتشفها ويقدمها للمجتمع، وتتابع: لدينا برامج إبداعية تنقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول العلوم والتكنولوجيا الذي يشمل العلوم والرياضيات والمجالات التكنولوجية كافة، والثاني الفنون الذي يتضمن الفنون المعمارية والمسرحية والأدبية بوجه عام وفن صناعة الأفلام، والثالث هو القيادة والريادة وصمم لرفع كفاءة وإبداعات الموهوبين في مجالات الرياضة والقيادة.
وتلفت إلى أنه حضر إلى جناح المركز طلاب من مختلف المدارس وشاركوا في الأنشطة الإلكترونية، وتعاملوا مع برنامج المهندس الماهر الذي يهيئ لهم صناعة سيارة تعمل بالطاقة الشمسية وكذلك تفاعلوا مع الروبوت، الذي يعمل عن طريق جهاز الحاسوب تحت إشراف مدربتين هما أروى نادر ومنى عدرا.
تجربة حقيقية
ومن بين الذين اندمجوا مع أنشطة مركز نويفا الطالب بالصف الحادي عشر بمدرسة أشبال القدس عمر تيلخ الذي حاول أن يؤدي تجربة عبر الأسلاك النحاسية واستطاع النجاح فيها في زمن قياسي، ويبين أنه تعرف على برامج المركز التي تهدف إلى تدريب أبناء الدولة والمقيمين بها على أداء تجارب إبداعية حقيقية، وكذلك تبني أفكارهم وإبراز إنجازاتهم بما يسهم في تعزيز ثقافة الإبداع بالمجتمع الإماراتي، فقرر المشاركة في تجربة يهيئها المركز لطلاب المدارس وتتمثل في تمرير دائرة عبر سلك حلزوني من دون أن تلمس الدائرة السلك، لأنه في حالة لمس الدائرة السلك تضيء «لمبة»، وهنا يخسر الطالب على الفور لكنني استطعت في زمن قياسي أن أمرر الدائرة من دون عقبات ونجحت في ذلك.
رغبة خاصة
وبالقرب من إحدى دور النشر تجمع عدد من الطلاب المواطنين يختارون كتبهم بعناية ويتناقشون في ما بينهم، حيث عبر محمد المزروعي الطالب بالصف العاشر عن رغبته في اقتناء بعض الكتب الخاصة بالقانون، حيث يتمنى حين يكبر أن يلتحق بكلية الحقوق، ومن ثم يكمل دراسته في الخارج ويشير إلى أنه طلب من إدارة مدرسته أن تضم اسمه قائمة أسماء الطلاب الذين سيذهبون إلى معرض أبوظبي الدولي للكتاب، ولحسن حظه وجد مجموعة من أصدقائه الذين يدرسون في مدارس أخرى موجودين في المعرض، فمضى معهم من أجل أن يتبادلوا الرأي حول طبيعة الكتب التي من الممكن أن يشتروها، ويوضح أنه في العادة يتبادل مع زملائه الكتب بعد قراءته لها من أجل تبادل المعرفة والاستفادة من أكبر عدد من المؤلفات.
حضور يومي
وفي جانب آخر من مشاركة الطالبات الإماراتيات في معرض أبوظبي الدولي في نسخته الثالثة والعشرين، أمسكت عائشة الجابري الطالبة بكلية الإمارات قسم التطوير التربوي سلة لتضع فيها الكتب التي اقتنتها من دور النشر وأوردت أنها مرت على أغلب دور النشر الموجودة في المعرض من أجل الحصول على مجموعة معينة من الكتب، لكنها لم تجد ضالتها إلا في مشروع «كلمة» للترجمة والنشر، وتبين أن المشروع به مجموعة من الروايات العالمية الشهيرة وحرصت على أن أقتنى عدداً منها، وتوضح أن دار نشر كتاب الوطنية تحتوي على كمية كبيرة من المؤلفات المتنوعة في فروع المعرفة كافة، وتشير إلى أنها تحضر بشكل يومي إلى المعرض من أجل المشاركة في الركن العلمي، حيث تفيد أطفال المدارس الصغار في شرح بعض دروس العلوم واللغة الإنجليزية والرياضيات، وعن سبب شغفها بالكتاب تقول: أمي تحب القراءة واكتسبت منها هذه العادة الجميلة ومنذ طفولتي وأنا أقرأ، وحالياً أطالع روايات عربية وأجنبية وأحاول أن أنمي حصيلتي اللغوية بشكل كبير فالكتاب هو وسيلة المعرفة الأولى ويجب أن يحبه كل إنسان.
ركن الحوار
في ركن الحوار بالمعرض جلست مجموعة من الطلاب إلى جون داناليس كاتب ورسام وقاص مقيم في أستراليا، الذي يمتد عمله في مجال النشر على مدى اثني عشر عاماً ويقضي معظم أوقات السنة في إقامة ورش عمل عن البيئات البدوية في مدارس أستراليا، والذي جذب هؤلاء الطلاب إليه في ركن الحوار حديثه الشيق عن البدو الذين يعيشون في أستراليا ويشير الطالب سلطان المرزوقي إلى أن جون كان في يده فراء يرجع إلى تاريخ طويل، حيث أهداه أحد البدو في أستراليا إلى عائلته منذ سنوات طويلة وهذا الفراء يلازم جون داناليس في كل مكان، ويلفت المرزوقي إلى أنه كان يتجول في المعرض مع زملائه أنس الحارثي ومحمد الزين وأحمد البلوشي وعبدالله المرزوقي، ووجدوا جون يجلس وفي يده هذا الفراء النادر وتبادلوا الحديث معه، خصوصاً أنه يجيد الرواية حول البدو الذين سكنوا في أستراليا والذين أهدوا أيضاً إلى جده جمجمة نادرة ترجع إلى عصور قديمة وانتقلت إلى والده، لكنهم أرادوا أن يجعلوها في مكان آمن فوضعوها في إطار زجاجي ويؤكد أنه استمتع مع زملائه بحديث هذا الكاتب الأسترالي الذي زودهم بمعلومات جديدة لم يكونوا يعرفونها من قبل.
علياء تنشر البهجة بين زوار المهرجان
في مشهد آخر اتسم بالدهشة، حيث التف عدد من الأطفال حول شخصية تقدمها مجلة «أطفال 999»، وهي علياء التي كانت تتجول في المعرض وتتحدث إلى الأطفال وتروي لهم قصصاً طريفة، تتناسب مع فئاتهم العمرية المختلفة والجميل في هذه اللقطة التي تعبر عن البراءة الحقيقية تجمع الأطفال الذين راحوا يسلمون على الشخصية الكرتونية علياء، وفي تصورهم أن هذه الشخصية التي يقرؤون قصصها في مجلة «أطفال 999»، هي بالفعل حقيقية وقد جاءت معرض أبوظبي الدولي للكتاب من أجل التفاعل مع الأطفال والالتقاء بهم، وبالنسبة للمجلة نفسها فهي تخص الطفل العربي بوجه عام في الإمارات وتصدر عن وزارة الداخلية تحت مظلة «999» الثقافية والاجتماعية والأمنية في الدولة، وتقدم «أطفال 999» تجربة ترفيهية وتعليمية وتثقيفية للأطفال عن طريق القصص القصيرة والاختبارات الخفيفة والمعلومات المفيدة والنشاطات البناءة والعديد من الموضوعات التي تساعد على نمو ثقافة الطفل.
عدد اليوم
