الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السجاد التركي ضيف دائم في المزادات العالمية

السجاد التركي ضيف دائم في المزادات العالمية
27 ابريل 2013 20:42
لا تخلو صالة مزادات لبيع التحف الفنية في أوروبا وأميركا من قطع متميزة من السجاد التركي، ونظرا للإقبال الكبير على اقتناء هذه القطع الفنية من الصناعة اليدوية، فإن السجاد التركي يعد ضيفا عابرا لا يلبث أن يغادر بصحبة مشتر بعد أيام معدودات من عرض قطعه للبيع، حتى أن مبيعاته الآن لا تتوقف عند السجاجيد الأثرية بل تتخطى ذلك للسجاجيد التي صنعت في النصف الأول من القرن العشرين، وفقا للأساليب الصناعية والزخرفية القديمة. أحمد الصاوي (القاهرة) ـ ترجع الشهرة الواسعة للسجاد التركي لحقيقة أن أواسط آسيا وبالتحديد منطقة كازاخستان حيث عاشت القبائل التركية البدوية، كانت المهد الأول لابتكار السجاد في القرن الثالث قبل الميلاد. ويعد السجاد محاكاة بشرية لفراء الحيوانات الذي كان يفرش بأرضيات الخيام لتجنب برد الشتاء في تلك المناطق. تحتل سجاجيد الصلاة وهي التي أنتجت للاستخدام الفردي والمنزلي بالدرجة الأولى المرتبة الأولى في مبيعات السجاد التركي الأثري والتقليدي، نظرا لجمال ألوانها ولصغر حجمها، ويعنى من يقتنيها من الأوروبيين بوجه خاص بتعليقها على جدران القصور باعتبارها لوحات فنية. سر التميز تقوم فكرة صناعة السجاد على جز صوف الأغنام وأوبار الإبل أيضاً وإعدادها وصباغتها، ثم عقدها كخصلات وبرية تمسك بها خيوط منسوجة على النول على شكل خطوط غزل طولية وعرضية تشكل الرقعة التي تتسع بالمساحة التي يرغبها الإنسان لصوف حيوانات الرعي. وقد تميز السجاد التركي عبر التاريخ بثلاث سمات رئيسة؛ أولها اعتماد صناعته على العقدة الفارسية المعروفة باسم سيينا، وفيها يلف الصوف لفة كاملة على أحد خيوط السداة الطولية، ويمرر بلا عقد تحت خيط السداة التالي. كما اشتهر السجاد المصنوع في المناطق التركية بجودة أصواف الأغنام ولمعانها بسبب البرودة التي تتميز بها تلك المناطق في فصل الشتاء، وهو ما يحول دون تراكم مواد دهنية في أصواف حيوانات الرعي، فضلا عن المياه الجبلية العذبة التي كانت تستخدم لغسل الأصواف لتخليصها من أي شوائب دهنية. أما السمة الرئيسة الثالثة فهي اعتماد صناعة السجاد التركي منذ القدم وحتى اليوم على استخدام الأصباغ الطبيعية فقط، وتجنب استخدام الأصباغ الكيميائية، ولا يتم اللجوء للأصباغ المستمدة من عناصر معدنية إلا في أضيق الحدود وفي ألوان محددة لا تستخدم لتغطية مساحات كبيرة مثل اللون الأسود المستخرج من أوكسيد الحديد. وقد فقدت إيران بعض مكانتها في عالم تجارة السجاد بعد استخدام الأصباغ الكيماوية في الثلث الأخير من القرن 19 بينما سارعت تركيا لمقاومة تلك الأصباغ لتحافظ على تقليدية منتجاتها وهي تتبنى سياسة تحفيزية تعرف باسم مشروع «دوباغ» لحمل المناسج على استخدام الأصباغ الطبيعية. وتتميز الأصباغ النباتية بأن لونها يخفت تدريجيا بمرور السنوات ما يمنح زخارفها غموضا محببا لا يضر بنعومة ولمعان أصواف السجادة. استخرج الأتراك اللون الأصفر بدرجاته المختلفة من مصادر نباتية منها نبات الزعفران للون الأصفر الذهبي، وأوراق العنب للون الأصفر الزاهي، ثم قشر الرمان وأوراق التبغ للدرجات الداكنة من اللون الأصفر. وكان نبات النيلة هو المصدر للون الأزرق بدرجاته المختلفة، بينما جاء اللون الأحمر القاني أو القرمزي وهو الأشهر بين ألوان السجاد التركي من مصدر حيواني، وهو أنثى دودة القرمز التي كانت تجمع بأعداد كبيرة من باطن التربة في المناطق الجبلية الخصبة، وتغلى في أوان كبيرة لاستخراج اللون الأحمر القرمزي. وقد تعددت مدن ومناطق إنتاج سجاد الصلاة التركية التي تعرف بتلك التسمية لوجود رسوم محاريب في ساحاتها، وتميزت كل واحدة منها بطرز معينة صارت معها أسماء تلك المدن علما على هذه الأنواع من سجاجيد الصلاة بغض النظر عن مناطق الصناعة الفعلية لها في الفترات الزمنية المتأخرة. ومن أجمل سجاجيد الصلاة المنتجة في مدينة عشاق سجاجيد مزدوجة المحاريب بحيث تفرش للصلاة في أي من الاتجاهين وهي ذات حاشية عريضة نسبيا بها رسوم من وحدات هندسية تجريدية وزخارف نباتية بعيدة كل البعد عن الطبيعة أما الساحة الحمراء فتنتهي من طرفيها برسم محراب يحاكي المحاريب السلجوقية ذات المقرنصات المتدرجة وتلون كوشات العقود باللون الأزرق الداكن وتزخرف مثلها في ذلك مثل ساحة السجادة الحمراء اللون بعناصر نباتية تشمل زهور الزنبق والسوسن المألوفة في الفن العثماني ولكنها هنا ترسم بطريقة تجريدية. نوع خاص ثمة نوع خاص من إنتاج مدينة عشاق يتميز بغلبة اللون الأحمر، وتعدد الأشرطة بمحيط السجادة، بينما تزدان الساحة برسم محراب يرتكز عقده على زوجين من الأعمدة الرشيقة في كل جانب ما يعطي انطباعا بأن هناك محرابا ثلاثي العقود في كلا الاتجاهين، وهو ما يعني أنه بالإمكان استخدام السجادة على أي جانب من طولها. وتتميز السجاجيد من هذا النوع بزخارفها الهندسية والنباتية المجردة والدقيقة الحجم والتي نفذت باستخدام درجات مختلفة من اللون الأزرق النيلي. وتتفرد سجادة الصلاة التقليدية في جورديز بضيق مساحة المحراب الذي تأتي ساحته باللون الأزرق الداكن بينما تتدلى من حنية المحراب، التي تحاكي المقرنصات السلجوقية، ما يشبه شكل الثريات وتشغل بقية السجادة أشرطة مختلفة الاتساع عامرة بالزخارف النباتية والهندسية الدقيقة، والتي يغلب عليها اللونان الأحمر والأصفر الباهت. كما أنتجت جورديز أيضا السجاجيد ذات المحاريب المزدوجة والصالحة للاستخدام من الطرفين، ورغم أنها تعتمد على إطار زخرفي عريض يلي شريطا زخرفيا ضيقا يحيط بالسجادة كلها فإنها لم تغادر تقاليد المدينة في استخدام رسوم المحاريب ذات المقرنصات والثريات. ويتخذ الشريط العريض شكل مثلثات متبادلة موشاة برسوم ورديات مجردة على النقيض من الزهور القريبة من الطبيعة في الشريط الزخرفي الضيق، الذي يحيط بالسجادة كلها. وتتميز ألوان هذا النوع بالهدوء الناجم عن غلبة اللونين الكريمي والأخضر، مع لمسات رقيقة ومتناثرة من اللون الأحمر. وهناك أيضا سجاجيد الصلاة من مدن الأناضول الأخرى، وأهمها سجاجيد مدينة قولا وهي على عدة أنواع منها سجاجيد ذات ساحات محاريب متسعة أرضيتها باللون الأحمر، ولكنها حافلة بالزخارف الهندسية ومنها النوع المعروف باسم مزارلك، وهي تتميز برسوم محاريبها الضيقة التي تتدلى منها أشكال الثريات بينما تزدان جوانب المحراب برسوم نباتية دقيقة. أشهر مناطق الإنتاج من أشهر مناطق إنتاج سجاجيد الصلاة التركية مدينة «عشاق» القريبة من ميناء أزمير، وقد بدأت تصدير منتجاتها للأسواق الأوروبية منذ القرن العاشر الهجري «16م»، وذلك بالإضافة لأنواع أخرى من السجاد كانت تصدر لإقليم ترانسلفانيا بشرق رومانيا حتى اعتقد لبعض من الوقت أن هذا السجاد يصنع في ترانسلفانيا ذاتها، ثم أوضحت الدراسات أن التسمية كانت تجارية محضة، وأن هذه الأنواع كانت تصنع في عشاق. ومن مدن وسط الأناضول التي اشتهرت بإنتاج نوع مميز من سجاجيد الصلاة مدينة لاذيق القريبة من قونية ويعرف سجادها بغلبة اللون الأحمر القرمزي على ساحات المحاريب بها. وتعتبر مدينة جورديز، الواقعة في غرب الأناضول، من أعرق مناطق السجاد التركي. ويكفي أنها كانت موطن ظهور العقدة التركية المعروفة باسمها، والتي تستخدم للمفارقة في صناعة السجاد الإيراني وليس التركي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©