السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معارك الحرية الكروية

6 يوليو 2010 20:33
يحتدم الهوس بكرة القدم هذه الأيام مع احتدام منافسات مونديال كأس العالم، لدرجة أن يتوحد البشر ويتفقون على حب الساحرة المستديرة التي ألهمت العالم وألهته عن مشاكله، خصوصا أن هذه الملحمة الكروية العصرية تدور رحاها في بلاد نيلسون مانديلا رمز النضال من أجل الحرية، مما يجعل الشعوب العربية في المؤخرة كالعادة وكالمتفرج كالعادة. يخالج مشجعو كرة القدم شعورا بالبطولة وبالنشوة وبالحرية وبالنصر أحيانا أو بالهزيمة، حسب حالة الفرق التي يشجعونها، ترى ذلك في تصرفاتهم بعد المباراة، فالمنتصر له نشوته والمهزوم لا تقف في طريقه. وبطبيعة الحال لا أحد يجرؤ على الانتقاد، فهذه المعارك الكروية تعتبر معارك مقدسة، معارك من أجل النصر والحرية، معارك وطنية تحدد الولاء والانتماءات، المنتقدين يصبحون منبوذين ملعونين ويوصفون بالحمقى والمجانين، غير أن المسألة فاقت كل التصورات، فقد التهى الناس بهوس اللعبة والكأس عن أي شيء آخر، حتى أصبحت كرة القدم أفيون الشعوب الجديد. ترى اليوم في الشوارع وكأن الجاليات الأجنبية من أميركا الجنوبية زادت في البلاد، فترى الأعلام البرازيلية والأرجنتينية مرفوعة فوق السيارات والمنازل أو حتى على الصدور، ولا تعرف معنى لذلك، بل إنك قد ترى من يضع تلك الإشارات والشعارات كهوية في البريد الاليكتروني أو على الفيسبوك، وهذا لا شيء أمام التعصب الأعمى الذي يمارسه المشجعون لدول قد لا يعرفون لغتها ولا حتى موقعها على الخريطة. واجزم بأن هذا الهوس وهذا الحب الكروي لدرجة الجنون لا يظهر بهذه الصورة إلا في المنطقة العربية فقط التي كانت مشاركتها في المونديال على مر السنين دائما ضعيفة، وبرغم ذلك فهوس الجماهير العربية لم يشفع لهم عند منتخباتهم أو لاعبيهم ولم ينعكس ما ينفق عليهم من أموال طائلة تفوق بأضعاف ما ينفق على التعليم وعلى البحث العلمي بل وحتى على النظام الصحي، وبعد تسع عشرة دورة من المونديال لم نر الكرة العربية تصل إلى أبعد من المشاركة الخجولة. في أوروبا، ترى هوس الجمهور مرتبط بمنتخبات بلدانهم وكذلك الحال في أميركا وآسيا إلا الشباب العربي هوسهم مرتبط بالبرازيل والأرجنتين وألمانيا. ترى هل هو بحث عن بطولات في زمن الهزائم المتلاحقة، أم أنه مجرد هوس كروي بمنتخبات قوية في ظل خيبة الأمل العربية الدائمة، هل هو ردة فعل شعبية جراء الاحباطات المتتالية من كل شيء، أم أنه مجرد حب للرياضة وللساحرة المستديرة ولا علاقة له بالانتماءات الوطنية ولا بالسياسة؟ rahaluae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©