الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دارفور السودانية تحتفي بحفظة القرآن الكريم وتمنحهم درجة البكالوريوس

دارفور السودانية تحتفي بحفظة القرآن الكريم وتمنحهم درجة البكالوريوس
22 ديسمبر 2009 22:12
رغم الصراعات التي دارت في دارفور إلا أنها ظلت تحتفظ بنكهتها الدينية المميزة، ويشاهد العابر للمدن والقرى في دارفور كثرة المآذن و”الخلاوي” (مؤسسات تعليم شعبية) التي تقوم بتحفيظ القرآن بعد ما عرفت دارفور بأرض “الشرافة” والتي تعني حفظ آيات القرآن الكريم عبر الألواح الخشبية، وهذه الشرافة تعني بمفهوم الخلاوي “حفظ ربع القرآن الكريم”. وعادة يذهب الطفل للخلوة ويقضي فيها فترة تتراوح بين عامين وأكثر بحسب رغبة الأسرة في تحفيظ الطفل ويتم حفظ القرآن بالقراءات السبع برواياتها المختلفة ومن ثم تدرس اللغة العربية وخاصة النحو والبلاغة، وكان لهذه الخلاوي أثرها الاجتماعي الكبير حيث كانت مصدرا للعون والترابط الأسري. وآخر الإحصائيات تشير إلى أن نسبة المسلمين في دارفور تبلغ 99% من جملة السكان فيما يبلغ عدد حفظة القرآن الكريم مايقارب 30% من جملة السكان، إلى ذلك، يقول الطيب الأمين وهو باحث في شؤون دارفور إن الإسلام دخل إلى دارفور منذ قديم الزمان وكانت اللغة العربية الجسر الذي يجمع القبائل المختلفة لاسيما أن منطقة دارفور تزواجت فيها أثنيات زنجية وعربية، لافتا إلى أن قبيلة الفور هم الذين اهتموا بتشييد المساجد، وكانت الحياة الاجتماعية ترتبط بالعقيدة الإسلامية، حيث ظلت المساجد ملتقى للعلم وفي ذات الوقت تقام فيها المصاهرات والاحتفالات الدينية المختلفة. ويشير الأمين إلى أن السلطان علي دينار آخر سلاطين الفور قام بكسوة الكعبة لمواسم عدة وقام بحفر (أبيار علي) المعروفة في السعودية، وهذا يقف دليلا حيا على مدى ارتباط دارفور بقضايا العالم الإسلامي. والجدير بالذكر أن المشير البشير رئيس الجمهورية أعلن في وقت سابق عن منح حفظة القرآن الكريم شهادة تعادل البكالوريوس وأن يعامل الحفظة معاملات خريجي الجامعات وكان لهذا التكريم أثره الكبير في إنعاش المؤسسات الدينية الأهلية في أنحاء السودان ومن ضمنها بالتأكيد ولايات دارفور المختلفة. ومن الملاحظ أن مدينة الفاشر حاضرة إقليم دارفور ومقر حكم دولة الفور في الماضي لاتزال تحتفظ بملامحها الدينية رغم قساوة ظروف الحرب ولاتزال الخلاوي تحتضن في كل عام مئات الصبية وتجد الدعم من سكان المدينة، ومن المألوف أن تشاهد الأطفال يتجولون في سوق المدينة الكبير يفاخرون بما حفظوه من القرآن الكريم من أجل نيل “الكرامة” وهي عبارة عن تحفيز من أفراد المجتمع لما بذلوه من جهد لحفظ القرآن، وهذه المسألة لفتت نظر إحدى المنظمات الاجنبية التي تقدم الخدمات الإنسانية في المنطقة، واعتبرتها ظاهرة تسول وربطتها بإفرازات الحرب، وهذا ما لم يوافق رأي المجتمع المحلي الذي يرى أن ما يفعله هؤلاء الأطفال جزء من ثقافة المجتمع، وهو نوع من التكافل المجتمعي من أجل تشجيع الأطفال على حفظ القرآن الكريم. دارفور في التاريخ ارتبط إقليم دارفور بذاكرة العالم بمآسي النزوح وجحيم الحرب المستعرة منذ مطلع عام 2003 وسرعان ما تحولت قضية دارفور من نزاع داخلي يحدث دائما بين المزارعين والرعاة في الإقليم الغربي من السودان، إلى قضية دولية معقدة احتلت موقعها على طاولة الأمم المتحدة قبل أن تحال إلى مجلس الأمن الدولي ومحكمة لاهاي الجنائية. ولعب موقع إقليم دارفور الجغرافي الذي يجاور دولة تشاد من الناحية الغربية والجماهيرية الليبية من ناحية الشمال والشمال الشرقي ودولة أفريقيا الوسطى والكنغو من الناحية الجنوبية دورا كبيرا في الصراع هناك فضلا عن تعدد الإثنيات العرقية. وإقليم دارفور سمي باسم قبيلة الفور بعد هجرة قبائل عربية وأفريقية للمنطقة. ويقول المؤرخ أحمد أرباب في كتابه “دارفور عبر العصور” إن للهجرات أثرها الواضح في التيارات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، وكانت دارفور في مراحلها المتقدمة تاريخيا تنقسم إلى ممالك ودويلات صغيرة قبل أن تتوحد على يد قبيلة الفور عام 1445 بعد أن إخضاع ما يقارب 37 زعامة وممالك صغيرة، وحكم الفور المنطقة لمدة 430 عاما قبل أن تسقط المملكة في يد بريطانيا في عهد السلطان علي دينار آخر سلاطين الفور”.
المصدر: دارفور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©