"القعقاع".. مسلسل جديد يرصد أسطورة الشجاعة العربية

بدأت عمليات المونتاج مبكراً للمسلسل التاريخي السوري الضخم (القعقاع)، بينما تستمر أعمال التصوير في المغرب بمشاركة نجوم سوريين ومغاربة وعشرات من الممثلين الآخرين. وبهذا العمل تعود الدراما التلفزيونية السورية إلى صدارة الأعمال التاريخية، ولاسيما أن القائد العربي الإسلامي (القعقاع بن عمرو التميمي) يعتبر أسطورة في الشجاعة وثبات القلب، ورائداً في براعة الحربي، ونموذجاً للفروسية بأروع وأنبل صورها. وإذا كان الصحابي (القعقاع) هو عنوان المسلسل، فإنه يتناول مرحلة الخلافة الراشدية منذ وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وحروب الردة ثم الفتوحات التي حققها المسلمون في العراق وبلاد الشام، وفتح دمشق، وسيعيش المشاهد لحظات خطيرة من التاريخ الإسلامي مع حكمة الخلفاء، وشجاعة القادة الكبار كخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص وسواهم من القادة الذين اندفعوا من الجزيرة العربية ليكتبوا تاريخاً جديداً في منطقتنا العربية. قائد وسيرة يقول كاتب العمل محمود الجعفوري: رأى الخليفة أبو بكر الصديق أن يستجيب لطلب خالد بن الوليد بفتح العراق وتحريرها من الفرس وطلب خالد المدد من الخليفة فاستنفر الناس فجاءه القعقاع بن عمرو بعدته وفرسه وسلاحه، فأرسله من المدينة إلى اليمامة وحيداً مدداً على خالد، فتعجب أهل المدينة وأصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) وقالوا له مدد برجل واحد، فقال أبا بكر: (لا يهزم جيش فيه مثل هذا). فالقعقاع بنظر الخليفة النافذ البصيرة يساوي جيشاً، فقد خبره وعاين شجاعته العجيبة وذكاءه النادر في التكتيك الحربي، وكان محقاً في أن القعقاع مدد عظيم لخالد يضمن له النصر. ولم يخيب القعقاع أمل الخليفة والمسلمين فأبلى أحسن البلاء في فتوح العراق ومعاركها حتى كانت معركة ذات السلاسل، حيث اشتبك خالد في مبارزة رهيبة مع القائد الفارسي والمحارب الجبار هرمز الذي كان قد أعد كميناً لاغتيال خالد، فقد اختطف هرمز خالد وأسرع الفرس لأسره، فاندفع القعقاع كالسهم الخاطف وخلصه من بين أيديهم، وكان له في ذلك فضل عظيم بإنقاذ حياة أعظم قائد عرفته العسكرية العربية في كل تاريخها، فهو لم يهزم في معركة قط حتى صار اسم خالد يعني النصر، وكان القعقاع من قادته المظفرين إلى جانب قادة أفذاذ آخرين كضرار بن الأزور، فلما فتح خالد الحيرة خلف عليها القعقاع بن عمرو، ولما دعي إلى حرب الروم في معركة اليرموك سار مع خالد من العراق إلى الشام، فهزم الروم وكان مثال البطولة في حصار دمشق يوم دك سورها مع خالد وفتح بابها الشرقي عنوة. ضيف الجعفوري: بعد اليرموك سيّر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيش الشام لنجدة جيش القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص، وفي هذه المعركة برزت عبقرية القعقاع الحربية الرائعة وجرأته بأبهى صورها حتى أن كثيراً من المؤرخين العسكريين يعيدون النصر إلى خطته البارعة، حيث كان على رأس ستة آلاف محارب يقودهم هشام بن عتبة بن أبي وقاص، وكان القعقاع على المقدمة فأدرك أن المسلمين في مأزق وأن الحرب أنهكتهم فخطط لمسألتين غاية في الخطورة والبراعة. الأولى أن يرفع معنويات المقاتلين العرب، والثانية أن يفت في عضد الفرس، فراح يسرح فرسانه عشرة على خط الأفق، ثم مائة مائة، بحيث بدوا من بعيد وكأنهم جيش جرار من الفرسان، فاستبشر العرب واهتز الفرس، وهو لم يرسل مقاتليه إلى الراحة، بل اندفع كالسهم إلى قلب المعركة يتبعه الفرسان تلو الفرسان حتى ذعر الفرس. ويبدو الجعفوري غارقاً في مسيرة القعقاع البطولية، فيسرد مآثر من بطولاته وخططه في مقارعة جيوش الفرس ليقول: لم يكن القعقاع أمثولة في الشجاعة وحسب، بل كان قائداً تكتيكياً واستراتيجياً ماهراً، مهد لانتصار جيش العرب المسلمين. ولا شك أن استعادة سيرته الحافلة سيعيد إلى الأذهان العهد الراشدي الذي تميز بالفتوحات ونكران الذات واكتمال سمات الفروسية العربية الإسلامية بأبهى صورها. مخرج وممثلون يخرج مسلسل (القعقاع) المثنى صبح الذي أطلقت شركة سورية الدولية يده في اختيار الممثلين وتحديد أماكن التصوير وبناء ديكورات ضخمة، في وقت اعتبر هو أن هذا المسلسل يشكل تحدياً لأدواته الفنية، التي سيشحذها مستخدماً التقنيات الحديثة، وفرق المكياج العالمية، إذ عمد إلى بناء ديكورات خاصة لبعض أحداث المسلسل، بينما اختار مواقع التصوير في عدد من الأماكن في المغرب، ورغم أنه أوشك على الانتهاء من تصوير معظم مشاهد المسلسل، إلا أنه لا يزال يتوهج حماسة ليكون عمله الجديد موازياً للتحدي الذي يواجهه كمخرج.