السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تحديات أمام «الديمقراطيين»

22 ديسمبر 2009 22:23
ثمة تساؤل يجب أن يفكر فيه "الديمقراطيون": هل لهم أن يزدهروا اعتماداً على إرث بوش وغيابه عن دوائر السلطة واتخاذ القرار؟ فقد كانت رئاسته فتحاً لـ"الديمقراطيين" بما نتج عنه من تفتق للابتكار السياسي في "يسار الوسط" لم يشهدوا مثيلاً له منذ ثلاثينيات القرن الماضي. فليس ثمة برنامج أو تكتيك أو قائد استطاع أن يدعم الفعل السياسي لـ"الديمقراطيين" مثلما فعلت نيران الغضب الشعبي والدولي العام التي أشعلتها إدارة بوش. وقد لخص شعار الحزب "الديمقراطي" لعام 2006 ذلك الجهد أفضل ما يكون التلخيص "نحو اتجاه جديد لأميركا". وكان شعاراً معبراً وكافياً إلى درجة تغني عن تفسير ما إذا سيكون ذلك الاتجاه نحو الشرق أم الغرب أم الجنوب أم الشمال، أو ما إذا كان متجهاً لأعلى أم أسفل. فبالمقارنة إلى ما كانت عليه أميركا في ظل إدارة بوش، كان يبدو أي خيار آخر جاذباً ومغرياً. وبصفته رمزاً للتغيير والتجديد، فقد لمع نجم أوباما بصفته المرشد الأكثر جاذبية لأرض الميعاد المجهولة هذه. غير أنه تعين على "الديمقراطيين" تسلم مقاليد الحكم في إحدى أشد فترات التاريخ الأميركي صعوبة، جنباً إلى جنب الاستمرار في إدارة تحالفات واسعة وبنى سياسية آيلة للسقوط بسبب عجز مجلس الشيوخ وسيطرة نزعة الحزبية اللاديمقراطية عليه. وفيما لو أخذنا بسعة وتعدد المشكلات التي يواجهها "الديمقراطيون" في وقت واحد، فإننا ندرك حديثهم عن استحسان الجهود التي يبذلونها في مواجهة كل هذه التحديات معاً. فليس من السهل مثلاً إنقاذ الاقتصاد القومي من شفا الانهيار، كما ليس سهلاً التصدي لإدارة حربين تجريان في وقت واحد. غير أن ذلك الشعور بالرضا الذاتي لا يعني من الناحية السياسية أن "الديمقراطيين" ليسوا في مواجهة وضع داخلي مأزوم. فهم ينقسمون ويختصمون داخلياً بسبب مشروع إصلاح نظام الرعاية الصحية الذي يعد أكبر إنجازات حزبهم على الإطلاق. كما تقيد أيديهم وحريتهم نرجسية بعض حلفائهم السياسيين وضيق أفق بعضهم. فمتى ما أبرم "الديمقراطيون" صفقة ذات معنى وقيمة، اتهمهم خصومهم ومنتقدوهم بأنهم يروجون لحزبهم وبضاعتهم. أما إذا فشلوا في إبرام أي من تلك الصفقات، فيتهمون حينها بالانغلاق على أنفسهم. وفي الوقت نفسه ترتفع شكاوى المعتدلين من أن حزبهم قد انحرف يساراً أكثر مما ينبغي، بينما يشتد غضب التقدميين في صفوف الحزب الذين يتساءلون في دهشة قائلين: أي سياسات يسارية هذه التي تنقذ البنوك من الانهيار، وتحمي شركات الأدوية والعقاقير الطبية؟ وفي حين يصر معتدلو الولايات الريفية على تطبيق المزيد من الضبط والنظام الماليين، بحيث لا يؤثر ذلك سلباً على الفلاحين والمستشفيات الريفية الصغيرة، يشتد تساؤل التقدميين واستنكارهم لإعطاء الأولية في وضع السياسات المالية للديون، بينما لا يزال هناك الكثير مما يجب القيام به للتخفيف من وطأة البطالة؟ كما نرى، فهذه وصفة داخلية مكتملة للفشل السياسي. وفي حين يصعب على الحزب "الجمهوري" الذي يسيطر عليه الشعور بمرارة الهزيمة وتتحكم به النزعة السلبية، الفوز بالانتخابات التكميلية التي تجرى في العام المقبل، فإنه ليس مستبعداً أن يخسرها الحزب "الديمقراطي" أيضاً. فهذه الانقسامات الداخلية في صفوف الحزب الأخير يتآكل مؤيدوه وناخبوه. وقد وجه هذا الإنذار بالفعل، آخر الاستطلاعات التي أجرتها شبكة ABC News التي كشفت نتائجها تزايد عدد الأميركيين غير الراضين عن أداء أوباما الرئاسي 33 في المئة، مقابل 31 في المئة عبرت عن رضاها عن أدائه. ولكي ترتفع هذه النسب مجدداً فإن على "الديمقراطيين" الاتفاق على خطة لإصلاح الرعاية الصحية يستطيعون تسويقها معاً للآخرين. كما ينبغي عليهم تركيز جهودهم خلال العام المقبل على تحسين مستوى أداء الاقتصاد القومي، لا سيما الحد من معدلات البطالة وإنشاء المزيد من الوظائف، مع خفض معدلات العجز القومي. وعلى "الديمقراطيين" من أعضاء مجلس الشيوخ أن يدركوا أن وجودهم في المجلس مرتبط بقدرة حزبهم على الحكم والبقاء في وجه خصومه ومنافسيه. محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©