الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العراق: «انتفاضة» ضد انقطاع الكهرباء!

6 يوليو 2010 22:22
ما زالت الحكومة العراقية الانتقالية تعاني من تداعيات أعمال الشغب والمظاهرات التي اندلعت عبر البلاد احتجاجاً على النقص الحاد في الكهرباء، ولاسيما في وقت بدأت فيه درجات الحرارة الصيفية في الارتفاع. والغضب، الذي ظل يزداد ويتراكم على مدى أسابيع، اندلع أخيراً في التاسع عشر من يونيو الماضي في مدينة البصرة جنوب البلاد عندما فتحت قوات الأمن النار على محتجين غاضبين بسبب عدم توفر الكهرباء إلا لأقل من ساعتين في اليوم، ما أسفر عن مقتل اثنين من المحتجين. وبعد ثلاثة أيام على ذلك، جُرح 17 من أفراد الشرطة في مدينة الناصرية عندما اشتبكوا مع مئات المحتجين أمام مكاتب إدارات المحافظة. وخلال الأسابيع الأخيرة، بات اندلاع مظاهرات مماثلة مشهداً يوميّاً تقريباً في بعض الأحياء الفقيرة في العاصمة بغداد. وضمن تداعيات هذه الأزمة، استقال وزير الكهرباء كريم وحيد مؤخراً، ووضعت الأحداثُ الأخيرة جهودَ المالكي للحصول على ولاية ثانية في كف عفريت. وفي هذا السياق، يقول إبراهيم الصميدعي، وهو محام ومحلل سياسي في بغداد: "إن حقيقة أننا ما زلنا نتوفر على القليل من الكهرباء بعد كل هذه السنوات تجعل الناس يعتقدون أن الحكومة لم تنجز لهم شيئاً"، مضيفاً: "لقد كان المالكي يعتمد على إنجازاته الأمنية ليضمن لنفسه منصب رئيس الوزراء مرة أخرى، ولكن هذه المظاهرات تطلق رسالة تشير إلى أن الأمن وحده لا يكفي؛ لأنه عليك أن تهتم باحتياجات الناس الحياتية أيضاً". غير أن الحكومة تحاول تحويل اللوم عن نفسها. وفي هذا الإطار، يقول ثامر الغضبان، وهو أحد كبار مستشاري المالكي: "الحقيقة هي ألا أية وزارة في الحكومة، ولا الحكومة كلها، ارتكبت أي خطأ، فالكل يؤدون عملهم"، مضيفاً: "إن كل ما حدث هو تأخر في مخططاتنا لرفع وتعزيز إنتاج الكهرباء بسبب نقص الموارد المالية، وهذا يعزى إلى الأزمة المالية العالمية التي ضربت العالم أجمع، وليس العراق وحده". ومن جانبه، يرى علي الموسوي، وهو مستشار كبير آخر للمالكي، أن الحكومة تفعل كل ما تستطيع للتغلب على نقص الكهرباء وانقطاعات التيار الكهربائي التي جعلت البعض في العاصمة لا يستفيدون من الكهرباء إلا لمدة ساعة واحدة في اليوم، وعن ذلك يقول: "إن الحكومة تبذل قصارى جهدها لتوفير أكبر قدر ممكن من الكهرباء للمواطنين العراقيين. وقد قمنا الآن بقطع التيار الكهربائي عن منازل كل المسؤولين والمؤسسات الحكومية في المنطقة الخضراء (المنطقة التي تضم مجمع المباني الحكومية التي تستفيد من حراسة مشددة) وذلك حتى تذهب الكهرباء إلى عامة الشعب العراقي". ويستطرد الموسوي مشيراً إلى أفق أكثر تفاؤلاً: "إن الحكومة ستُكمل مشروعات إنتاج الكهرباء ومشاريع البنى التحتية التي بدأت، وهو ما سيُجنب البلاد مثل هذه المشكلة؛ ولكنها مشكلة لا يمكن أن تحل في شهر أو شهرين، بل ولا حتى في سنة، لأن مثل هذه المشاريع تتطلب عادة وقتاً مديداً". وفي هذه الأثناء، تقول الحكومة إنها تنفق سنويّاً 3.5 مليار دولار على توليد الكهرباء ومشاريع البنى التحتية. ولئن كانت الأشغال متواصلة لإنشاء محطات توليد الكهرباء وتحسين الشبكة الكهربائية للبلاد، فإن معظم المشاريع ما زال إتمامها بعيداً عن الاكتمال، ربما بفارق بسنوات. غير أن مسؤولين آخرين يقولون إن الحكومة لا تبذل ما يكفي من الجهود لتصحيح العجز في إمدادات الكهرباء. ويقول وكيل وزارة الكهرباء رعد الحارس: "إن الوزارة تحتاج إلى 5 مليارات دولار سنويّاً في حين أننا نحصل على حوالي ما بين مليار واحد إلى 1.2 مليار دولار فقط"، مضيفاً: "لقد كان من المفترض، وفق مخططاتنا، أن يتم توفير الكهرباء للمواطنين العراقيين بمعدل 12 ساعة يومياً في 2010، و24 ساعة يوميّاً في 2011، ولكن قلة الموارد المالية غيَّرت كل مشاريعنا، ولم نستطع إنشاء محطات جديدة لتوليد الكهرباء أو إصلاح المحطات القديمة. وبالتالي، فمن أجل تحسين وضع الكهرباء، علينا أن نزيد الميزانية". ومن جانبها تقول الولايات المتحدة إنها استثمرت 4.6 مليار دولار في إعادة بناء الشبكة الكهربائية في العراق، وتزعم أن البلد يُنتج من الكهرباء 50 في المئة أكثر مقارنة مع ما كان ينتجه في 2003، ولكن الطلب فاق الإنتاج، ويرى مسؤولو السفارة الأميركية أن الاحتجاجات الأخيرة تشير إلى الحاجة إلى تنصيب حكومة جديدة بسرعة حتى تستطيع التركيز على المشكلات المطروحة، حيث يقول المتحدث باسم السفارة الأميركية فيل فراين: "إن استياء بعض المواطنين من انقطاعات التيار الكهربائي يبرز الحاجة الملحة إلى تشكيل حكومة جديدة بسرعة حتى تستطيع تركيز اهتمامها على توفير الخدمات الأساسية للشعب العراقي". واللافت أن نقص التيار الكهربائي نجح في توحيد العراقيين وفق خطوط اجتماعية لا طائفية؛ كما شكل أهم موضوع نقاش في حملة الانتخابات البرلمانية هذا العام. ويقول خالد الأسدي، العضو البارز في ائتلاف "دولة القانون": "إن معظم المرشحين في الانتخابات البرلمانية شخصوا على نحو صحيح الوضع، ويدركون أن نقص الكهرباء هو المشكلة الرئيسية في العراق"، مضيفاً "إن كل الأحزاب والكتل السياسية قالت إن المشكلة تحتاج لحل جذري، وقد ركزت في حملاتها الانتخابية على تأكيد تصميمها على حلها، ولكن لا أحد شرح بالتفصيل كيف ينوي فعل هذا". وفي انتظار ذلك، يتآكل صبر العراقيين البسطاء. ففي منطقة "باب المعظم" وسط بغداد، تحاول ربة البيت "أم عبدالله"، 49 عاماً، ضمان احتياجات عائلتها في ظل ساعتي كهرباء فقط في اليوم. وتقول "أم عبدالله": "لقد سمعتُ كل وعود الحكومة بشأن توفير الكهرباء لنا. هم يقولون ذلك منذ أربع سنوات، ولكن على هذه الحكومة أن تستسلم وتعترف بأنها لا تستطيع أن توفر لنا ما نحتاجه من أجل ضمان متطلبات العيش الكريم". خالد وليد - بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©