الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

برج القاهرة يقود قاطرة السياحة المصرية بعد ثورة يناير

برج القاهرة يقود قاطرة السياحة المصرية بعد ثورة يناير
1 مايو 2011 20:45
استثمرت مصر مناسبة مرور خمسين عاماً على إنشاء برج القاهرة في محاولة لإعادة الحياة إلى السياحة المصرية التي تأثرت سلباً بأحداث ثورة 25 يناير. وأرادت الحكومة أن يكون البرج العملاق قاطرة لاستعادة ملايين السياح من جديد. حيث أقامت وزارة السياحة احتفالية كبيرة غلب عليها الطابع الفرعوني، بمناسبة اليوبيل الذهبي لبرج القاهرة الذي يعد أحد المعالم السياحية المهمة في العاصمة المصرية. شهدت الاحتفالية بمرور خمسين عاماً على إنشاء برج القاهرة إطلاق الشعار الخاص باليوبيل الذهبي لبرج القاهرة، وإطلاق الشعلة من أمام مبنى الجامعة العربية بميدان التحرير حتى استقرت في البرج وحملتها شيماء منصور أصغر حكم دولي في كرة القدم في العالم، كما شهدت الاحتفالية تدشين مبادرة المليون فيديو التي تتبناها مبادرة ينابيع الحياة لدعم وتنشيط السياحة الداخلية والخارجية. انتصار الإرادة قال وزير السياحة منير فخري عبد النور في الاحتفال إن برج القاهرة حمل اسم العاصمة المصرية ليمثل أكبر كلمة “لا” معلناً انتصار الإرادة الوطنية على الضغوط الأجنبية التي أرادت انحناء الشعب المصري لرغبات المحتلين مشيراً إلى أن البرج أنشئ بتمويل أميركي كي تغير مصر موقفها من دعم ثورة الجزائر، لكن مصر لم تخضع لهذه الضغوط وسيظل البرج رمزاً لرفض التمويل الأجنبي. وأوضح أن الاحتفال باليوبيل الذهبي لبناء برج القاهرة يكتسب معاني ودلالات جديدة في ظل الحالة الراهنة التي تعيشها مصر بعد ثورة 25 يناير، مؤكدا أن ثبات البرج وشموخه يعني تمسك الحركة الوطنية المصرية بثوابتها باعتبارها الطريق الوحيد الآمن لتحقيق الأهداف التي يسعى إليها أبناء الوطن. وخضع برج القاهرة الشهير ببرج الجزيرة، كما يقول مديره إيهاب حسن، لعملية تجديد واسعة شملت ترميم خرسانة البرج وإضافة أربعة طوابق جديدة، شيدت باستخدام الهياكل المعدنية اسفل المطعم الدوار ببدن البرج. ومنها طابق بأعلى المدخل الرئيسي مباشرة فضلا عن إنشاء سلم للطوارئ وتطوير مدخل البرج وواجهاته، وإضافة إضاءة خارجية جديدة. واستقر الأمر على استخدام الإضاءة التقليدية البيضاء التي توضح تصميم البرج على شكل زهرة اللوتس خلال الساعات الأولى من الليل بينما تستخدم الإضاءة الأحدث بألوانها الزاهية التي تتغير بوتيرة فنية سريعة بقية ساعات الليل. واستغرقت عمليات تطوير البرج 4 سنوات وتكلفت أكثر من 25 مليون جنيه، بينما لم تتجاوز تكلفة إنشاء البرج منذ نصف قرن ستة ملايين جنيه. وشملت عملية التطوير إضافة مساحة جديدة تمثل 4 أضعاف مساحة البرج الأصلية فبعد أن كانت المساحة 305 أمتار صارت 1145 متراً وبلغ ارتفاعه 187 متراً. وكان الرئيس جمال عبدالناصر قد افتتح البرج لأول مرة في الحادي عشر من أبريل 1961. كما شملت عملية التطوير إضافة قاعة اجتماعات وصالون لكبار الزوار ومصعدين جديدين، وكافتيريا وشبكة للإنذار من الحريق ،واستخدمت في هذه العملية مواد حديثة ذات قدرة فائقة على مقاومة الرياح والزلازل واستيعاب الأحمال. ويطل البرج على نيل القاهرة، وكأنه زهرة لوتس ارتوت منذ القدم من مياه النهر الخالد إلى أن أينعت وطاولت بهامتها عنان السماء، ولم يكن البرج من معالم القاهرة قبل عام 1961. والبرج الذي شيد بجزيرة الزمالك بوسط نيل القاهرة بناء فريد لا مثيل له وهو أيضاً من المشروعات النادرة التي شيدت لأغراض معنوية دون أن يمنع ذلك تحقيقه لأرباح مالية تبرر تكلفة تشييده. قصة البرج قصة البرج تمتد إلى عام 1956 وقتها كانت مصر التي دخلت حربا أعقبت تأميم قناة السويس لتمويل السد العالي تدعم بقوة ثورة المليون شهيد في الجزائر، وهو ما سبب غيظاً فرنسياً عبر عن مكنوناته بالمشاركة في العدوان الثلاثي الشهير على مصر في أكتوبر 1956 وفي الاستعانة بواشنطن التي كانت تتطلع لإرث الدور البريطاني الآفل في مصر. وفكر الرئيس الأميركي روزفلت في أن الكولونيل ناصر، كما اعتادت الصحف الأميركية تسمية الرئيس جمال عبدالناصر آنذاك ليس سوى رجل عسكري طموح. وقاده هذا التفكير إلى تقديم مبلغ مالي لعبدالناصر دون تغطية رسمية للمبلغ، أو اتفاقات قد تقنع الرجل باستثماره في دعم البنية الأساسية التي تفتقر لها مصر بشدة، أو تثير لديه شهوة الثروة فيأخذها حامداً شاكراً متفهماً أن الثمن المطلوب منه هو الكف عن إزعاج فرنسا في الجزائر. وفوجئ عبدالناصر بمستشاره حسن التهامي وقد عاد من رحلته للولايات المتحدة يدخل عليه وفي يده حقيبة سوداء محشوة دولارات تجاوزت آنذاك نحو ستة ملايين من الجنيهات المصرية. وكانت دهشة عبدالناصر أكبر عندما اخبره التهامي بأن المبلغ هدية من الرئيس روزفلت لمصر لكي تنفقها كيفما شاءت على البنية الأساسية بدلاًمن إثارة القلق في الجزائر. واعتبر عبدالناصر أن تقديم مثل هذا المبلغ بعيدا عن القنوات الدبلوماسية التقليدية وبشكل سري مشابه لعمليات تسليم الرشاوي إهانة شخصية له واستخفافاً غير مبرر بحكومة الثورة في مصر. وقرر أن يقول “لا” لروزفلت ليس عبر الخطب والتصريحات السياسية ولكن بشكل مادي، واختار أن يكون بناء البرج على نيل القاهرة ليصبح أطول “لا” ‘في التاريخ الحديث. ولم يكن دافع اختيار الموقع هو توفير إطلالة رائعة للبرج على كل زوار القاهرة وأهلها بل إضافة إلى ذلك إعطاء إشارة واضحة للنخب السياسية القديمة والدبلوماسيين الأجانب بمغزى هذه “اللا”، حيث يمكن لهم مشاهدتها وهم يجلسون على بعد أمتار قليلة بنادي الجزيرة الذي كان ومازال أهم نوادي النخبة في العاصمة المصرية. مرافق سياحية يوجد على قمة البرج مطعم سياحي على منصة دوارة تدور برواد المطعم ليروا معالم القاهرة من كل جوانب واجهاته الزجاجية، وتستغرق الرحلة داخل مصعد البرج للوصول إلى قمته 45 ثانية فقط حيث توجد الشرفة الشهيرة ومن هذه الشرفة يمكن بوضوح مشاهدة شوارع القاهرة المزدحمة دوما بأصناف المركبات والمارة وقلعة صلاح الدين حيث جامع محمد علي الشهير وجامع الأزهر ومبنى التليفزيون العتيد. ورسخت السينما المصرية صورة البرج في الذاكرة اليومية حيث جرى تصوير أفلام سينمائية بداخله منذ افتتاحه أبرزها “موعد في البرج” بطولة سعاد حسني وصلاح ذوالفقار و”آخر الرجال المحترمين” لبوسي ونور الشريف. شوكة عبدالناصر بين عامي 1956 و1961 تواصلت أعمال البناء في البرج وما أن كشف النقاب عن هامته حتى أصبحت الصحف الأميركية تصفه “بشوكة عبدالناصر”، فيما أطلق عليه المصريون “وقف روزفلت” وكأن الرئيس الأميركي أوقف مالًا لبناء برج القاهرة حتى يكون شاهداً على محاولة الرشوة التي أقدم عليها. وشارك في بناء البرج نحو خمسمائة عامل على مدار سنوات البناء. أما المهندس الذي تولى تصميمه والإشراف على تنفيذه فهو مصري من أصل لبناني هو المهندس نعوم شبيب، الذي اختار للبرج تصميماً فريداً يعتمد على محاكاة شكل زهرة اللوتس التي نراها باستمرار في رسوم المعابد الفرعونية، حيث تنبت بشكل طبيعي على شواطئ النيل، وشيد من الخرسانة المسلحة البرج الذي وصل ارتفاعه إلى 187 متراً وهو أعلى من الهرم الأكبر بنحو 43 متراً. ويعتبر البرج تحفة معمارية بطوابقه ال16 المشيدة فوق قاعدة ضخمة من أحجار الجرانيت الأسواني التي سبق أن استخدمها قدماء المصريين في بناء معابدهم ونحت تماثيل ملوكهم.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©