الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تراجع الولايات المتحدة.. وهمٌ فنزويلي!

10 مايو 2014 22:48
أندريس أوبنهايمر كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية عندما قرأت وثيقة حول «أزمة الرأسمالية» أصدرها الحزب الحاكم بفنزويلا الأسبوع الماضي، لم أتملك نفسي من الدهشة، وتساءلت ما إذا كان كتابها يعيشون على هذا الكوكب أم لا؟ وهل كانوا يشاهدون الأخبار في السنوات الأخيرة؟ لقد كانت الوثيقة في غاية الغرابة لدرجة أنك تسأل نفسك عما إذا كانت مشكلة القيادة الفنزويلية مشكلة سياسية أم نفسية؟! ليس هناك شك في أن الرأسمالية تحرز تقدماً، وأنها في حاجة إلى تعديل نفسها لحماية هؤلاء الذين يضيعون في متاهاتها. لكن أن تعتقد أن الرأسمالية ووجهها الأكثر وضوحاً -الولايات المتحدة الأميركية- تشهد تراجعاً عنيداً، كما يعتقد الحزب الحاكم في فنزويلا، وكذلك عدد مثير للدهشة من سكان فنزويلا والأرجنتين وبوليفيا وغيرها من شعوب أميركا اللاتينية.. فهذا يخالف الواقع تماماً. وقد افتتح الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو المؤتمر الثالث للحزب الاشتراكي الموحد بفنزويلا، والذي قام بإصدار هذه الوثيقة التي تتألف من 34 صحفة بعنوان «الوثيقة الأيديولوجية والواقعية: أزمة الرأسمالية وأبرز السمات المتصلة بها». ويبدو أن الرئيس مادورو إما أنه يتجاهل أو أنه يؤْثر أن يتجاهل العديد من الحقائق التي تشير إلى النهضة الاقتصادية الكبرى المتوقع أن تشهدها الولايات المتحدة خلال السنوات المقبلة. وأهم هذه الحقائق هي ثورة الطاقة في الولايات المتحدة. فبفضل التكنولوجيا الجديدة التي تعرف بتقنية التكسير أو الحفر الأفقي، فإن إنتاج الولايات المتحدة من الطاقة يشهد ازدهاراً كبيراً. والولايات المتحدة، التي كانت حتى عام 2008 مجرد مستورد خالص للنفط الخام، قد تتفوق على المملكة العربية السعودية وروسيا لتصبح أكبر منتج للنفط في العالم بنهاية العقد الحالي، وفقاً لتقارير لوكالة الطاقة الدولية. «إن الارتفاع الأخير في إنتاج الغاز الطبيعي بالولايات المتحدة كان مذهلا»، حسب ما ذكر إدوارد مورس، رئيس قسم أبحاث السلع بمجموعة «سيتي» في مقال نشر له في العدد الحالي من مجلة «الشؤون الخارجية». وأضاف مورس: «خلال السنوات الثلاث الماضية، كانت الولايات المتحدة المنتج الأسرع نمواً لمادة الهيدروكربون، وليس من المتوقع أن يتوقف هذا الاتجاه في أي وقت قريب». وبالإضافة إلى ثورة تقنية «التكسير»، فإن إنتاج الولايات المتحدة من الطاقة يستفيد من انخفاض استهلاك النفط، وذلك بفضل السيارات والمباني الأكثر كفاءة، إلى جانب الاستفادة من انخفاض تكاليف إنتاج النفط على نحو متزايد بفضل التكنولوجيات الحديثة. واستطرد مورس في مقاله قائلا: «هذه الاتجاهات سوف تقدم دفعة كبيرة للاقتصاد الأميركي». فالولايات المتحدة سوف تنتقل من عجز تجاري بقيمة 354 مليار دولار بسبب النفط في عام 2011 إلى فائض بقيمة 5 مليار دولار للنفط، وفائض بقيمة 14 مليار دولار للغاز بحلول عام 2020. وفي غضون ذلك، فإن كارتل منظمة الدول المنتجة للبترول (أوبك) سوف يصبح غير ذي صلة على نحو متزايد، بحسب ما ذكر مورس. والأمر المثير للاهتمام، أن ثورة تقنية التكسير هي ظاهرة أميركية، من الصعب تكرارها من قبل الصين أو روسيا أو أوروبا وفنزويلا أو نيجيريا، وفقاً لخبراء الاقتصاد. والسبب هو أن الولايات المتحدة هي واحدة من الدول القليلة التي تمنح ملاك الأراضي الحقوق القانونية على الموارد الواقعة في ممتلكاتهم، بما في ذلك النفط والغاز، مما يعني أن الولايات المتحدة لديها نظام فريد يتنافس فيه ملاك الأراضي لإنتاج المزيد من الطاقة الأرخص سعراً. وفي أجزاء أخرى من العالم، حيث تمتلك الحكومة احتياطيات الغاز والنفط، يعارض ملاك الأراضي استخدام تقنية التكسير، لأنهم يواجهون سلبيات هذه العملية بجانب القليل من فوائد التكنولوجيا الجديدة. وقد أوقفت فرنسا والمانيا وغيرهما من الدول الأوروبية عمليات التكسير لدواع بيئية من قبل ملاك الأراضي. ولكن ثورة الطاقة في الولايات المتحدة ما هي إلا سبب واحد فقط من الأسباب التي أثبتت خطأ مدعي «أزمة الرأسمالية». فهناك ثورة الابتكار -التي قدمت إلينا «جوجل» و«آبل»، وربما الطابعات ثلاثية الأبعاد للاستهلاك الكبير، وسيارات ذاتية القيادة وسبل خاصة للسفر إلى الفضاء- التي تزدهر في وادي السيليكون ومناطق أخرى عديدة بالولايات المتحدة. وفي العام الماضي، كانت الولايات المتحدة، مرة أخرى -وإلى حد بعيد- الدولة التي قامت بتسجيل معظم براءات الاختراع في جميع أنحاء العالم. وبينما قامت الولايات المتحدة بتسجيل 148 ألف براءة اختراع في عام 2013، تمكنت اليابان من تسجيل 54200، وألمانيا 16700، فيما سجلت الصين وهونج كونج مجتمعتان 7000 براءة اختراع، إلى جانب 16 براءة اختراع سجلتها فنزويلا، وفقاً لبيانات مكتب العلامات التجارية وبراءة الاختراع الأميركي. ومن وجهة نظري، فإن هذه النظرة النزيهة للحقيقة توضح أن الولايات المتحدة يجب أن تحرص على عدم السماح لهذه الطفرة في إنتاج الطاقة بأن تضر بالبيئة، فالبلاد تتجه نحو الأفضل. أما فنزويلا، من ناحية أخرى، فتعاني من نقص متزايد في الغذاء، ولديها أسوأ معدل للنمو الاقتصادي في المنطقة إضافة إلى واحد من أعلى معدلات التضخم في العالم، والمتوقع أن يصل إلى 75 بالمائة هذا العام. كل ذلك معروف للكثيرين منا، لكن من المدهش أن يواصل العديد من قادة دول أميركا اللاتينية وأحزابهم السياسية خداع شعوبهم بحكايات خرافية حول تراجع لا يرحم للرأسمالية في الولايات المتحدة. ففي كثير من الحالات، تكون بلدانهم هي التي تغرق في السقوط الحر. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي انترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©