الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جزيرة السعديات بين (سي. ان. ان) وبرمودا

جزيرة السعديات بين (سي. ان. ان) وبرمودا
24 ديسمبر 2009 00:22
حسنا فعل المجلس الوطني للإعلام بدعوة وفود إعلامية وصحفية من نحو 46 بلداً عربياً وأجنبياً لزيارة مشاريع المنطقة الثقافية لجزيرة السعديات بقصر الإمارات، لمناسبة الذكرى ال38 لليوم الوطني للدولة. فهذه حركة موفقة، جلبت الإعلام إلى موقع الحدث، بدل أن تسافر أنت إلى 46 بلداً لتقول بمقالتك، ويتعرف الضيوف إليك، ويذهب كل إلى سبيله بعد ذلك، فكأنك بذلك تعاملت مع موروثك الثقافي، ومع موروث البشرية في هذا الميدان، من مجلس الخبير المطلع الذي يحسب لكل أمر حساب. قد حدث أن جاءت عاصمة الدولة بأشهر شبكة إخبارية إلى أرضها، وجعلت الناس يطلعون على حزمة من المشاريع الثقافية والفنية تتجاوز تكلفتها مليارات الدولارات، ونقلت أكبر مجموعة من شركات الإعلام إلى أرجائها، قبل أن ينسحب الغمام وتمضي السحب، كما جاء في الأثر الصيني المعروف “فن الحرب ـ كيف تسد؟”. إن عالمنا ـ كما يبدو ـ صلب ومتماسك. وبالإمكان رؤية جوانبه من الجهات كلها، بالنسبة للحاكم والحكيم على حد سواء. وإذا ما ترافق الحاكم مع الحكيم، واستمع إليه كان في ذلك خيره وسعادة شعبه، لأن الذي يحدث هنا وفي مثل هذه الحالة هو قوة الحاكم وقوة منصبه. جاء في نص صيني قديم ما يلي: “الحية المتوثبة تنطلق في الغمام التنين المحلق ينطلق على متن السحب ولكن عندما تمضي السحب، وينزاح الغمام، فإنهما لا يختلفان عن ديدان الأرض!” وفي عالمنا اليوم، كما في عوالم أجدادنا، وعوالم غيرهم، بالأمس. حلق الباشق مع الغمام، وانطلق النسر على متن السحاب. وبعدما انزاح الغمام، ومضت السحب، لم يختلف الباشق والنسر عن عصافير الأرض. في عالمنا اليوم، يقاس النجاح بالعقل، ويحسب الفوز، منطق الصحيح. أما غير ذلك فمآله الخسران والخراب في الأنفس والثروات والسمعة الشخصية. ولا شك في أن ما تشهده أبوظبي، بالحسابات العقلية، كما في الاستناد إلى خبرة الآباء والأجداد، يجمع ما بين قوة الحاكم، وقوة منصبه أيضا، كما تقول الحكمة الصينية. أو يقرن ما بين نفسه وآبائه، كما قال سقراط: “السعيد من الملوك من اكتملت به رئاسة آبائه”. وقد كان حكيم العرب الراحل، الشيخ زايد طيب الله ثراه، يدعو إلى التحديث، كما ينادي بالتمسك بالأصالة وروحية العرب والمسلمين الأوائل من السلف الصالح. وعندما تشهد أبوظبي في أيامنا هذه، هذه الطفرة غير المسبوقة، في تاريخها وتاريخ المنطقة برمتها، فإن ذلك يشير إلى أن صقرها لا يزال محلقاً في كبد السماء، تماما كما هو في وكره على الأرض. إعلام عصري افتتحت شبكة (سي. ان. ان.) الإخبارية مكتباً إقليمياً لمنطقة الخليج في أبوظبي يبث على الهواء مباشرة، ويضم 24 صحفياً وفنياً، ويعد الأوسع في هذه المنطقة الحيوية، في خطوة “تعطينا قاعدة قوية من خلالها نستطيع التنسيق بين 6 مكاتب إقليمية، وكذلك إطلاق برنامج يومي جديد في الشرق الأوسط” كما قال المدير التنفيذي للشبكة الإخبارية توني مادوكس. ومن شأن هذا المكتب الجديد في أبوظبي، أن يضاعف الاهتمام بمنطقة الخليج التي تلعب الآن وفي المستقبل المنظور دوراً أساسياً في الشؤون الدولية. وأنه، أي المركز، “يتيح لنا الفرصة للوقوف عن قرب على القصص الغنية والمتنوعة، عبر الأطياف السياسية والتجارية والاجتماعية والثقافية بالمنطقة” كما يؤكد مادوكس. كما أن من شأن هذا المكتب، الذي سيطلق على الهواء مباشرة برنامجاً تبثه الشركة من منطقة الشرق الأوسط، أن يجعل أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة، والتاريخ العريق للمنطقة، حاضرا بقوة في المشهد الدولي، فضلا عن أن يكون مركزاً ومنطلقاً لتدريب أبناء دولة الإمارات من الإعلاميين على التطورات الحديثة في مجالات الإعلام والاتصال. وسيكون لقيام المكتب ببث برنامج “بريزم” وكذلك برنامج “داخل الشرق الأوسط”، فوائد متعددة للمنطقة، ما يعني أن الجمهور المستقبل لتلك المواد البرامجية، سوف يكون في إطار منظومة إعلامية لها مصداقيتها. وبهذا تدخل أبوظبي صناعة وتسويق نمط من الإعلام والاتصال يتماشى مع العصر ويتلاقح مع منجزاته. وهو ما يؤدي إلى أن يعرف الناس حقيقة ما يجري في عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة. عقل ثقافي لا يكاد يمر يوم من أيام الربع الأخير من هذا العام من دون الإشارة إلى قوة اقتصاد أبوظبي ومتانته، فضلا عن انطلاق مشروعات جديدة بأرقام فلكية، كما يتمثل ذلك ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ في الاستثمارات المخصصة لتطوير ضاحية مرسى ياس التي تضم حلبة سباق فورميلا -1. كما أنها ستستثمر في مشاريع متنوعة وبنى تحتية أخرى. إن المشروعات الثقافية والسياحية والسكنية والترفيهية التي ستكون في إطار ضاحية مرسى ياس، ستمتد على مسافة “5,55” كيلومتر، بينما حلبة سباق الفورميلا-1، مستوحاة من تراث وقيم إمارة أبوظبي، وسوف يتمتع قرابة 50 ألف مشاهد بمتابعة مجريات السباق على الحلبة من مقاعدهم المريحة في المدارج المغطاة، أو مرافق كبار الشخصيات. علماً بأن مدرجات الحلبة مغطاة كليا. وهذه ميزة جديدة لم يشهدها العالم مسبقا. ثمة “عقل” ثقافي واقتصادي واستثماري يقود عمليات التخطيط والتنفيذ لهذه الجنائن المنبسطة فوق أرض صنعت أسطورتها الخاصة التي قاومت التصحر، وأرسلت زحفاً أخضر إلى عمق الصحراء، كما شهد بذلك كبار الرحالة الأجانب، الذين عايشوا الطفرة الحضارية في هذه الإمارة الناهضة، والتي تجعل من المنبسطات الرملية، أو حافات البحار، مدخلات إلى اقتصاد قومي: كما في جزيرة السعديات، مثلا. صروح السعديات تبلغ مساحة جزيرة السعديات 8 كيلومترات مربعة فقط. أي أنها تمثل نصف مساحة جزيرة برمودا على البحر الكاريبي. غير أن مجمعاتها السياحية والثقافية والفنية التي سوف تكتمل بحلول سنة 2018، ستجعلها أكثر شهرة من تلك الجزيرة الكاريبية. لأنها قائمة على الأمان. وستكون مأهولة بنحو 150 ألف نسمة. وسيزورها قرابة 3 مليون زائر سنويا، مع نهاية الخطة الإنشائية. إن ما يميز جزيرة السعديات هو منطقتها الثقافية التي ستكون مرآة جزيرة أبوظبي. ففيها متحف اللوفر (أبوظبي) الذي صممه المعماري جان نوفيل، ومتحف جوجنهايم للفنون الحديثة المعاصرة الذي قام بوضع تصاميمه المعمارية فرانك جيري، ومتنزه البينالي الذي سيتكون منه 19 جناحا متوازية مع قناة مائية من تصميم عدد من المعماريين المشهورين. ما يعرض مشهداً فنياً متعدداً في المفاهيم والرؤى. أما دارا المسرح والفنون فستضم 5 صالات للحفلات الموسيقية، وأوبرا، وقاعة ثانية للموسيقا، ومسرحاً صممته المعمارية العالمية السيدة زهاء حديد. وسيكون متحف الشيخ زايد للتراث والثقافة، الشاهد العدل على عطاءات “حكيم العرب” الذي انطلق من “قصر الحصن” بأبوظبي، نحو الوحدة الأولى فصنع دولة الإمارات العربية المتحدة، ونحو الوحدة الكبرى بقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية. هنا ستكون مبالغ الاستثمار الضخمة بالمليارات من الدولارات. وسوف نطلق عليها منذ الآن مصطلح: “الاستثمارات الكوكبية”، لأنها غير مسبوقة على مستوى الإقليم. وهو ما سوف ينعكس على بناء الإنسان وتربية ذوقه وربط هويته الوطنية بقلب حركة العولمة. وهذا بدوره سيكون حديث كبار الأكاديميين والصحفيين في العالم. نوافذ الحوار كتب المؤرخ الفني العالمي إيرفينج لافين، الذي شارك “بندوة بيكاسو” في شهر يونيو لسنة 2008 ما يلي: “إن مشروعاً بحجم المنطقة الثقافية بجزيرة السعديات، سيفتح نوافذ جديدة للحوار مع الثقافات الأخرى، ويعرف العالم بمقومات الحضارة العربية والإسلامية، بينما يتزايد اهتمام الأكاديميين الأميركيين بدراسة الدين الإسلامي والثقافة الإسلامية، إدراكاً منهم لنقص معلوماتهم عن هذه الحضارة العريقة”. وفي سياق متصل كتب الصحفي البريطاني بول مكينز في جريدة الجارديان، “إن أبوظبي أثبتت بخبرة لا تضاهى، أنها قادرة على صناعة أشياء من لا شيء”. وكان حكيم العرب الراحل الشيخ زايد طيب الله ثراه، يقول ما معناه، قم بعملك أنت على أحسن الوجوه، ودع الآخرين يتحدثون عنه. وهذا ما يلمسه المراقب في أبوظبي هذه الأيام لمس اليد من خلال التوجيهات المركزية لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، والمتابعة الميدانية للفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©