الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الحرية.. فريضة وضرورة إسلامية

الحرية.. فريضة وضرورة إسلامية
14 يوليو 2017 01:14
 أحمد مراد (القاهرة) شدد علماء الدين أن الإسلام رفع قيمة الحرية من مستوى الحق إلى مستوى الفريضة والواجب والضرورة الحياتية، حيث ساوى الدين الحنيف بين الحرية والحياة، وجعل الحرية هي الحياة. وأكد العلماء أن الإسلام يفتح آفاق العالمية والعمومية أمام الحرية، حتى لا تكون حكراً على فئة أو جماعة، وإنما لتكون إنسانية بين كل أصحاب العقائد والديانات. العبودية لله المفكر الإسلامي د. محمد عمارة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، قال: «جاء الإسلام ليجعل مفتاح الدخول فيه الشعار الذي يحرر الإنسان من كل ألوان العبودية لغير الله سبحانه وتعالى، وهو يتمثل في جملة «أشهد أن لا إله إلا الله»، ولأول مرة في الشرائع والفلسفات، جاء الإسلام ليرفع قيمة الحرية من مستوى الحق إلى مستوى الفريضة والواجب والتكليف الإلهي والضرورة الحياتية، وجاء الإسلام ليساوي بين الحرية والحياة جاعلاً الحرية هي الحياة، ومن دونها يكون الموت والموات، ويذكر المفسرون للقرآن الكريم أن علة كون كفارة القتل الخطأ هي عتق رقبة أي تحريرها أن القاتل قد أخرج إنساناً من عداد الأحياء إلى عداد الأموات، لذلك فالكفارة هي أن يخرج إنساناً من عداد الأموات والأرقاء إلى عداد الأحياء الأحرار، لأن الرق موت، والحرية حياة». وأضاف د. عمارة: جاء الإسلام ليجعل الأسرة والأمة والدولة مؤسسات تدار بالشورى التي تنمى ملكات الحرية في الإنسان عن طريق ممارسة المشاركة في صنع القرار، ففي الأسرة قال القرآن «عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ»، (البقرة:233)، وفي الأمة قال القرآن «وَأَمْرُهُمْ شُورَى? بَيْنَهُمْ»، (الشوري:38)، وفي الدولة قال القرآن «وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ»، (آل عمران: 159). كما جاء الإسلام ليستنفر في الإنسان ملكات الحرية وطاقاتها، فبعد آية الكرسي التي أشارت إلى عظمة الذات الإلهية، يأتي الإعلان عن أنه مع ذلك «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»، (البقرة:256)، كذلك جاء الإسلام بمثابة ثورة تحطم القيود والأغلال التي كانت مفروضة على حريات الناس، جاء يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم». وتابع د. عمارة: الإسلام يفتح آفاق العالمية والعمومية أمام الحرية، حتى لا تكون حكراً على جماعة أو فئة، وإنما لتكون إنسانية بين كل أصحاب العقائد والديانات، وقد سأل قائد الفرس رستم الصحابي ربعي بن عامر: ما الذي جاء بكم؟ قال له ربعي: إن الله جاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام. حرية الفكر وفي السياق ذاته، توضح د. فوزية عبد الستار، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن حرية العقيدة دعامة أساسية من دعائم الدين الإسلامي&rlm، &rlm فالإيمان المتين وعمق اليقين يتطلبان أن يكون الإنسان قد أعمل فكره&rlm، &rlm وشحذ ذهنه وتأمل في خلق الكون&rlm، وفي دلائل القدرة الإلهية&rlm، وفي الآيات الدالة على وجود الله وطلاقة قدرته حتى يكون اعتناقه للإسلام عن قناعة، ومن هنا دعا الله سبحانه وتعالى الناس إلى التفكير والتدبر في خلق الله، وإعمال العقل، قال تعالى: «أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ   وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ  بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ» (الروم: 8).  ويلفت القرآن الكريم العقل البشري إلى مظاهر وآيات القدرة الإلهية التي تقود العقل إلى الإيمان الكامل واليقين الصادق فيقول الله تعالى: «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ  وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ  وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ   بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» (البقرة:164). وتقول: «يرفض الإسلام أن يلغي الإنسان فكره ويطمس بصيرته ليستسلم للدين الذي وجد آباءه عليه قال تعالى: «وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ» (البقرة: 170)، وقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم على ضرورة إعمال الفكر فيما يحقق العدالة وصالح المسلمين، عندما بعث معاذ بن جبل إلى اليمن قال: «كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال أقضي بكتاب الله، قال فإن لم تجد في كتاب الله، قال فبسنة رسول الله، قال فإن لم تجد في سنة رسول الله؟ قال أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب رسول الله صدره وقال: «الحمد لله الذي وفق رسول الله لما يرضي الله»». وقد كان من آثار استخدام حرية التفكير، فضلاً عن صدق وعمق الإيمان بدين الإسلام والفوز بخير الدنيا والآخرة، أن استخدم المسلمون هذا الفكر بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في مواجهة المشكلات التي نشبت بعد اتساع الدولة الإسلامية ولم يرد فيها نص في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة، فأعملوا فكرهم واجتهدوا في البحث واستنباط الأحكام، ووضع الأنظمة التي تحكم هذه المشكلات من دون أن تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.  حرية مسؤولة أكدت د. إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن الإسلام دين الحرية والمساواة والعدل والإنصاف، وقد جعل هذه المبادئ السامية حقوقاً ثابتة مكفولة لكل البشر وليس للمسلمين فقط، وهذا أمر أكدت عليها عشرات الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، حيث فتح الدين الحنيف أبواب الحرية والمساواة والعدل والإنصاف أمام الإنسان بشكل مطلق بغض النظر عن دينه وجنسه ولونه، والهدف من ذلك أن يعود الإنسان إلى الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ولتتحرر طاقاته فيعبد الله بما فرض عليه من فرائض وعبادات، وكذلك بتعمير الكون من خلال العمل والبناء والسعي في الأرض. وقالت د. إلهام: ولتكتمل الصورة المشرقة التي جاء بها الإسلام لمبادئ الحرية، شدد الدين الحنيف على ضرورة ألا تكون حرية الإنسان على حساب حرية الآخرين، فيجب على الإنسان أن يراعي حرية الآخرين، ولا يتعدى على حقوقهم، وبذلك تكون الحرية التي جاء بها الإسلام حرية مسؤولة، ويترتب عليها نشر التسامح والمحبة بين أفراد المجتمع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©