السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما وحصاد العام الرئاسي الأول

أوباما وحصاد العام الرئاسي الأول
24 ديسمبر 2009 02:38
مر ما يقارب العام منذ أداء أوباما القسم الرئاسي وتنصيبه بصفته الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة الأميركية. فما الذي يمكن أن يخبرنا به عامه الأول عن بقية الأعوام الثلاثة المقبلة من ولايته الرئاسية؟ حسب المؤرخين، غالباً ما يكون العام الأول للرئيس فرصة لصنع الفرص واقتناصها أو إهدارها فيما يتصل بقدرة الإدارة الجديدة على فرض سيطرتها على الكونجرس، وتحقيق أولوياتها التشريعية، فضلاً عن إبهار المواطنين بفعاليتها وحسن أدائها. وفيما يبدو فقد صدق كثير من مؤيدي أوباما هذه الفرضية. وهذا ما يدفع الكثيرين منهم إلى مقارنة ما أنجزه أوباما في عامه الرئاسي الأول بما حققه الرئيس الأسبق فرانكلين روزفلت في العام نفسه. بيد أن النظرة التاريخية الفاحصة تكشف عن حقائق مختلفة عن تلك الفرضية المطلقة عن إيجابية أداء الرئيس خلال العام الأول من ولايته. وهذا ما سننظر إليه من خلال تفنيدنا للأساطير الخمس التالية: - الكونجرس هو الخادم المطيع للرئيس: فإلى جانب النصر الانتخابي الساحق الذي حققه أوباما في السباق الرئاسي لعام 2008، تمكن "الديمقراطيون" من إحراز أغلبية كبيرة في مجلسي النواب والشيوخ، ما دفع الكثيرين للاعتقاد بدنو سن تشريعات ليبرالية تقدمية بعد سنوات من الإحباط والانتظار المستمر لسن مثل هذه التشريعات. صحيح أن الكونجرس أجاز عدداً من التشريعات الجديدة ذات الصلة بأجندة وأولويات إدارة أوباما: القانون الخاص بتوسيع تأمين الرعاية الصحية للأطفال، قانون تساوي الأجور، الذي يسهل على النساء مقاضاة أصحاب العمل في حال التمييز ضدهن على أساس الجنس، وصولاً إلى قانون ميزانية الحفز الاقتصادي، التي هي أكبر ميزانية للإنقاذ الاقتصادي في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية. غير أن التشريع الخاص بإصلاح نظام الرعاية الصحية، كشف عن خلاف كبير داخل الكونجرس نفسه، ثم بينه والرئيس أوباما. لا يقلل من هذه الحقيقة ترجيح إجازة هذا القانون الآن، رغم البطء والصعوبات والخلافات الكبيرة التي أثارها. يجدر الذكر أن الرئيسين السابقين لم تضمن لهما سيطرة حزبيهما على الكونجرس شيئاً لتمرير كل أجندتهما وأولوياتهما التشريعية. فقد فشل الرئيس الأسبق بيل كلينتون في تمرير قانون إصلاح الرعاية الصحية على رغم قيادة "الديمقراطيين" للكونجرس في عام 1993، بينما فشل الرئيس السابق بوش في سن تشريع إصلاح الضمان الاجتماعي في عام 2004، رغم سيطرة "الجمهوريين" على الكونجرس حينها. - العام الرئاسي الأول هو نهاية الإنجاز التشريعي: كثيراً ما نظر الرؤساء إلى عامهم الرئاسي الأول باعتباره الفرصة الأمثل لتحقيق أهم أولويات أجندتهم التشريعية. ذلك أن العام لا يزال يبعد كثيراً عن موعد إجراء الانتخابات النصفية التكميلية لأعضاء الكونجرس، إلى جانب بعده بثلاث سنوات من الانتخابات الرئاسية التالية. وهذا ما يمكن الرؤساء من تحقيق أولوياتهم التشريعية في عام يتسم بالهدوء ووحدة الصف السياسي. غير أن قانوني الرعاية الصحية وتحديد سقف الكربون وبيعه كشفا لأوباما نقيض ما كان يعتقد تماماً. وبالمقارنة لم يتمكن الرئيس الأسبق رونالد ريجان من تمرير قانونه الضريبي إلا بعد مضي ست سنوات على ولايته، مقارنة بتمكن الرئيس السابق بوش من التوقيع على قانون "ساربينز-أوكسيلي" في صيف عام 2002. - يهجر الرئيس من قبل قاعدته الانتخابية في عامه الأول: لا يهم القاعدة الانتخابية معرفة كيف تطهى السياسات في واشنطن، إنما هي ترغب في الوجبات والموائد الشهية المقنعة التي توضع أمامها في نهاية الأمر. فما أن أخفق أوباما في سحب قواته من العراق بأسرع ما يمكن، والوفاء بوعده الخاص بإصلاح نظام الرعاية الصحية، إضافة إلى عدم وفائه بعدد آخر من وعوده الانتخابية، بدأ التململ والتذمر في أوساط الكثير من مؤيديه من "الديمقراطيين". لكن الحقيقة أن مثل هذا التذمر قلما تحول إلى هجر تام للرئيس في أي حقبة من حقب التاريخ الرئاسي. فقد سبق أن تذمرت القواعد الانتخابية في وجه الرئيس الأسبق جيمي كارتر بعد إعادة انتخابه في عام 1976 إلى حد مكن السيناتور الراحل تيد كنيدي من منازلته في انتخابات عام 1980. وعلى رغم أن نهج "الطريق الثالث" الذي سار عليه كلينتون لم يرق للكثير من الديمقراطيين، إلا أنهم أعادوا انتخابه مرة أخرى في عام 1996. - ليست للمئة يوم الرئاسية الأولى أي أهمية تذكر: والحقيقة أن لتلك المئة أهمية كبيرة لسبب في غاية البساطة: لن تتاح للرئيس فرصة الحصول على مثلها لإعطاء الانطباعات الأولى عن رئاسته. ويظل الانتقال من مرحلة السباق الرئاسي إلى تولي المهام القيادية الرئاسية أمراً صعباً حتى على أشد الساسة حنكة وبراعة. وفي الوقت الذي تتجه فيه كل الأنظار إلى القائد الجديد في دفة البيت الأبيض، تصطدم الأفكار والآمال والوعود المتفائلة بصلابة الواقع العنيد التي تبعد بين واشنطن وقدرتها على تحقيق ما وعدت به. صحيح أن أوباما بدأ رئاسته بسلسلة من الإنجازات: إجازة ميزانية الحفز الاقتصادي البالغة قيمتها 787 مليار دولار، إضافة لإجازة ميزانية إنقاذ البنوك والمؤسسات المالية المنهارة بتكلفة 3.6 تريليون دولار. غير أن تلك البدايات نفسها ارتدت على أوباما بعواقب وتداعيات لم يحسب لها حساباً. فتلك الإنجازات نفسها ساعدت على استعادة اصطفاف القواعد "الجمهورية" الناخبة، مقابل تراجع الدعم الشعبي الواسع الذي حظي به أوباما قبل توليه المنصب الرئاسي. - السقوط من قمة التأييد الشعبي إلى السفح ثم الهاوية: وهنا ساد الاعتقاد عن بداية جميع الرؤساء الأميركيين بنسبة تأييد شعبي لا تقل عن 60 في المئة. ويتحدد ارتفاع أو انخفاض هذه النسبة بأداء الإدارة الجديدة منذ عامها الأول. لكن التاريخ الرئاسي يكشف عن وصول الرئيس رونالد ريجان إلى البيت الأبيض بنسبة 51 في المئة فحسب، وهي أدنى نسبة يصل بها رئيس أميركي في التاريخ الحديث. بيد أن السياسات التي اتبعها ريجان خلال سنواته الثمان التالية، سواء كانت في مجال السياسات الخارجية، أم خفض الضرائب، وغيرها رفعت أسهمه وسط الناخبين إلى حد جعل نسبة تأييده الشعبي عند مغادرته البيت الأبيض الأعلى تاريخياً، ولم تعل عليها إلا نسبة خلفه الأسبق الرئيس بيل كلينتون عند مغادرته لمنصبه الرئاسي. محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©