السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المهمات «غير الحركية»... جبهة جديدة في أفغانستان

24 ديسمبر 2009 02:40
ها هي الجندية كاثي تانسون، التي نشأت في مزرعة في "كورنينج" بشمال كاليفورنيا، تصارع الماعز والأغنام محاولة إخضاعها حتى يتم تطعيمها ضد الطفيليات والأنثراكس. هذا بينما يقف إلى جوارها الجندي خوسي لوبيز، الذي عمل في شركة الري التي يملكها عمه في مقاطعة تولير، محاولاً السيطرة على القطيع حتى يتم إعطاء رؤوس الماشية حقنتين، واحدة لتطعيمها ضد داء الكلَب، والأخرى لتقويتها بالفيتامينات من أجل مساعدتها على تحمل الشتاء القاسي في أفغانستان. لقد أُرسل تانسون ولوبيز وأعضاء آخرون من الفرقة الأربعين التابعة للحرس الوطني في كاليفورنيا إلى هذا الجزء الجبلي المعزول من أفغانستان للفوز بعقول وقلوب الأفغان الريفيين -المعروفين بتشككهم وارتيابهم عموماً في الأجانب- عبر مساعدتهم على تحسين أساليب الزراعة التي يتبعونها، ولتطوير أساليبهم في تربية الماشية. ويعد فريق التطوير الزراعي التابع للفرقة أولَ مجموعة من كاليفورنيا تشارك في برنامج البنتاجون الزراعي الذي بدأ قبل عامين. وتوجد في أفغانستان اليوم سبع وحدات من الحرس الوطني من ولايات زراعية تقوم بعمل مماثل، في ما يتوقع قدوم اثنتين أخريين بعد الأول من يناير المقبل. وحتى في الوقت الذي تعتزم فيه الولايات المتحدة إرسال 30 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان، فإن الجنرالات يشددون على أنه لا يمكن الفوز في الحرب عبر قتل عناصر "طالبان" فقط. فمفتاح النصر، كما يقول قائد لقوات الجنرال ستانلي ماكريستال، هو الفوز بدعم السكان عبر توفير الأمن ودعم الاقتصاد، الذي يقوم، في معظم أرجاء البلاد، على الزراعة المعيشية. ومن أجل الوصول إلى القرية التي نحن فيها الآن وتدعى "ناري، وهي تقع على الجبال المكسوة بالثلوج التي تفصل بين أفغانستان وباكستان، سار الجنود الـ64 بقافلتهم على طريق ضيقة وملتوية وغير معبدة في رحلة قطعوا خلالها 60 ميلا. وعلى رغم أن الرحلة من قاعدة "رايت"، التي تنتمي إليها الوحدة، إلى قاعدة "بوستيك" استغرقت ست ساعات، إلا أن الجنود كانوا مصممين على الوصول إلى هناك من أجل تقديم الرعاية للمئات من حيوانات المزرعة. فهذه منطقة يعتمد عيش العائلات فيها على الماشية؛ وارتفاع وفيات الحيوانات في الشتاء يمكن أن يتركها بدون مصدر دخل. وفي اللغة العسكرية، يتعلق الأمر هنا بمهمة "غير حركية"، ويعني ذلك أن الهدف الرئيسي ليس قتل العدو، وإنما هو خلق الروابط والوشائج بين سكان معينين وحكومتهم المحلية التي تساهم في عملية التطعيم. يذكر أن ربع جنود الوحدة لديهم خلفية زراعية، بينما الربع الآخر هم جنود دعم؛ أما النصف المتبقي، فهو من أجل توفير الأمن. ويقول المقدم ديف كيلي، 45 عاماً: "في مهمة حركية، إذا قتلت عضواً من طالبان، فإنك لا تقلص عدد المتمردين بواحد لأن 20 من أقاربه ربما سينضمون إلى التمرد"، مضيفاً "ولكنك إذا أنشأت نظام ري يمكنه سقي 20 مزرعة، فإنك ستضعف حجج المتمردين وتنسفها". وكان كيلي، وهو مهندس مدني أنشأ محطة لمعالجة الحمضيات في جنوب كاليفورنيا، قد وضع مخططات لتحسين أساليب السقي في وادي كونار؛ ذلك أن الكثير من القنوات دمرت من قبل القوات السوفييتية خلال احتلالها الذي دام عقداً من الزمن. ولكن جل العمل سيقوم به الأفغان أنفسهم. وفي هذا الإطار، يقول أحد أفراد الوحدة يدعى جريم: "إذا قمنا ببناء ذلك بأنفسنا، فإنه سيتطلب ربما شهرين"، مضيفاً "سيمنحنا ذلك شعوراً رائعاً، ولكن ماذا سيكون الأفغان قد تعلموا؟ لاشيء!". والواقع أن وحدة كاليفورنيا سبق لها أن نظمت عمليات بيطرية منذ قدومها في أكتوبر الماضي، ولكن برنامج "ناري" هو الأكثر طموحاً حتى الآن. وفي ناري، التي تفتقر إلى الماء والكهرباء وشبكة الهاتف المتحرك، كانت الحيوانات مرغمة على الاستغناء عن الرعاية البيطرية التي تعد ضرورية في مناطق أخرى. ونتيجة لذلك، فإن الطفيليات متفشية وعلف الماشية ليس مغذياً. وقياساً بالمعايير الأميركية، فإن الحيوانات هنا صغيرة وهزيلة. ويقول الرقيب سكوت فين، 43 عاماً، الذي نشأ في مزرعة لتربية الأبقار الحلوب والحاصل على شهادة في الزراعة من جامعة ولاية كاليفورنيا في شيكو وهو يعمل مع "مصلحة الغابات الأميركية" في غابة لاسن الوطنية: "أستطيع القول إن الحيوانات هنا في حالة مزرية!". وفي نهاية اليوم، كان الكاليفورنيون قد طعّموا 204 أبقار، و183 معزة، و54 خروفاً، و21 حماراً. وفي رد فعله، أومأ حاكم منطقة ناري، حاجي غل زمان، برأسه موافقاً واكتفى بالقول: "هذا جيد!". يذكر أن مسؤولي "ناري" ساعدوا على تنظيم عملية التطعيم، حيث ساهموا بخمسة فنيين بيطريين أفغان من جلال آباد، التي تعد مركزاً إقليمياً للحكومة والتجارة. ويقول المسؤولون إن مزيداً من العمليات المماثلة متوقعة قريباً هنا وفي قرى أخرى. والهدف، حسب جريم، قائد الفريق، هو تعزيز قدرة الحكومة المحلية ثم الانسحاب. وفي هذه الأثناء، يلفت لوبيز، 33 عاماً، إلى أن المنطقة تتوفر على مزارع صغيرة -شتان ما بينها وبين الشركات الزراعية الضخمة التي تهيمن على أجزاء كبيرة من الزراعة في كاليفورنيا. ويقول لوبيز: "إن الأمر شبيه بالقرن التاسع عشر هنا: مزارع صغيرة، أسرة من والد ووالدة وأطفال... إلخ. ويمكنني أن أتفاعل مع هذا الأمر، فهو يشبه حديث والدتي عن طفولتها ونشأتها في المكسيك". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
المصدر: أفغانستان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©