الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تربية دودة القز طوق نجاة لمصريين متعطلين عن العمل

تربية دودة القز طوق نجاة لمصريين متعطلين عن العمل
28 ابريل 2013 23:28
تنتشر تربية دودة القز في أوساط بعض الشباب المصري هذه الأيام لدوافع عديدة، منها عوامل مادية واجتماعية ونفسية، حيث هناك من يقتني هذه الديدان من أجل التسلية وشغل الوقت، وهناك من يجعلها مهنة تدر عليه أرباحا تقيه البطالة، ووفقا لتقديرات وزارة الزراعة المصرية فإن تربية ديدان القز محليا تسهم في توافر قرابة 4 أطنان من خيوط الحرير الطبيعي، الذي تستهلك منه مصر قرابة 200 طن سنويا. يعيش مصريون متعطلون عن العمل على عائدات تجارة دودة القز في مدن وقرى مصر من خلال تربيتها منذ الصغر، والاعتناء بها إلى أن تتحول إلى شرنقة وتنتج خيوط الحرير، فيتم بيعها بأثمان مرتفعة لضمان هامش جيد من الأرباح. وتشهد مدن مصرية مزادا دوريا مرة كل شهر يقام بإشراف وزارة الزراعة، وتتم دعوة مربي دودة القز والعاملين في الصناعات المرتبطة بالحرير الطبيعي لحضور المزاد حيث يجري من خلاله تحديد الأسعار وفقا لسياسة العرض والطلب. إذ زاد إقبال شبان مصريين هذه الأيام على تربية ديدان القز المنتج الطبيعي للحرير. مصدر دخل يسكن يوسف محمود (26 سنة) بحي عين شمس بالقاهرة، واتجه إلى مهنة تربية دودة القز بعد حصوله على ليسانس الآداب قسم تاريخ، مفضلا الاعتناء بدودة الحرير التي تدر عليه مالا يكفي لسد حاجياته الشخصية على المكوث عاطلا وذلك بعدما أضناه البحث عن عمل مناسب لشهادته العلمية. ويشير يوسف إلى أنه بدأ تربية دودة القز في زاوية صغيرة من غرفته وبالرغم من المعارضة الشديدة لأمه بدعوى أنها تخاف من رؤيتها فإنه نال مباركتها للمشروع، وبعد 3 أشهر توسع في التربية واشترى أعدادا كبيرة من ديدان القز، وقام بمعاونة والده بتخصيص غرفة كبيرة على سطح منزله. إلى ذلك يقول «تربية دودة القز قد تبدو مهنة غير ذات قيمة في نظر غير المهتمين بعالم الحرير الطبيعي، لكن الذي يحترفها ويحصل منها على أرباح جيدة يدرك أهميتها كمهنة أفضل من الاستسلام للبطالة، وسوف يجد أنها مشروع مربح مثل تربية العجول أو الخراف التي يحترفها البعض». ويشير إلى أن «حياة دودة القز تمر بعدة مراحل تبدأ بمجرد أن تفقس من البيضة فتصبح يرقه تنمو كل يوم إلى أن يصل طولها إلى نحو 7 سم، بعد 4 أسابيع وتنسج اليرقة حولها شرنقة من الحرير، وتعيش خاملة داخلها مدة أسبوعين، ثم تتحول إلى فراشة. وتخرج الفراشة من الشرنقة، فتعيش مدة قصيرة تضع خلالها من 300-400 بيضة ثم تموت». ويوضح أن «المربي يقوم وفقا لاحتياجاته بترك عدة شرانق إلى أن تصبح فراشة وتبيض لاستمرار دورة الإنتاج، بينما يقوم بقتل الفراشات في بقية الشرانق بغمسها في الماء المغلي ثم تجفيفها وذلك للاستفادة من خيوط الحرير، وبيعها لأن خروج الفراشة من الشرنقة يؤدي إلى تمزقها، وبالتالي إلى تقطع الخيط الحريري ما يفقده قيمته التجارية». مشروع مربح تعرف المهندس إبراهيم طه (31 سنة) على أهمية دودة القز كمشروع مربح أثناء عمله في السعودية من خلال عامل هندي كان يعمل معه، وكان يحكي له باستمرار عن مزارع إنتاج الحرير الطبيعي في بلاده، وكيف أن أسرته في بومباي تربي ديدان القز، وتحقق مردودا ماليا جيدا من ورائها، ولذا عندما عاد إبراهيم واستقر في مصر بنى غرفة من الخشب والمشمع على سطح منزله، وقام بتربية دودة القز ثم تطور معه فزرع خمس شجرات توت أمام منزله ليزيد حجم إنتاجه، مشيرا إلى أن عمله كمهندس معماري لا يتعارض مع اهتمامه بدودة القز. ويقول «هناك أناس يربون قططا وكلابا وآخرون يجدون متعة في تربية السلاحف والحمام والعصافير، وأنا أجد متعة وراحة نفسية واستفادة مالية في تربية دودة القز ومتابعة مراحل نموها يوما بعد يوم». ويشير إلى أن المشروع بسيط في تكلفته المالية كذلك في حجم الجهد والمتابعة اليومية. ويحتاج إلى عزيمة ورغبة في النجاح واتباع الإرشادات والتواصل مع من سبقوه في التربية لنقل الخبرات سواء بطريقة مباشرة أو عبر الهاتف أو الإنترنت». ويضيف «كل ما يحتاج إليه المشروع نحو 300 جنيه تشمل ثمن بيض دودة القز والأرفف والأدوات المستخدمة في الرعاية، وبعدها تخصيص مكان في أي مساحة فراغ في المنزل والحرص يوميا على تزويد الدود بعد أن يفقس بأوراق التوت إلى أن يكبر، وتقوم كل دودة بعمل شرنقة من خيوط الحرير حولها عندئذ يقوم بجمع الشرانق وبيعها». اعتماد على الذات حول الأوقات الأفضل لتربية دودة القز، يوضح إبراهيم إن تربية دودة القز تستغرق قرابة ستة أسابيع وبمقدور المربي أن يقوم بتربية الديدان على مدار العام، ولكن الفترة من شهر أبريل وحتى نهاية نوفمبر من كل عام هي الأفضل والأنسب للتربية وتحقيق مكاسب مالية كبيرة، لاسيما وأن تلك الفترة يتواجد خلالها ورق التوت بكثرة قبل أن يجف ويتساقط في فصلي الخريف والشتاء. ويشير إلى أن دودة القز تتغذى أيضا على ورق الخس أو ورق البرتقال. ولكن حجم إنتاجها من خيوط الحـرير لا يتجاوز 300 متر في الشرنقة الواحدة وهـي كمية أقل بكثير من تلـك التـي تعطيها في الفتـرة التي تتغذى خلالها على ورق التوت، والتي تعطي أطوال تصل إلى 900 متر، لافتا إلى أنه يقوم كمرب بتنظيف وتقطيع الورق قبل تقديمه لها على شكل شرائح يتم فرمها بالسكين كي يساعدها على تناول كافة الورقة وليس أجزاء منها. ويشدد على أهمية الرعاية الصحية للديدان لحمايتها من الإصابة بالأمراض التي تتسبب في موتها، وذلك بتطهير حجرات وأدوات التربية مرة كل أسبوع إما بدهن الحوائط بالجير، أو بحرق الكبريت داخل الحجرة، أو بالرش بمحلول الفورمالين أو محلول هيبوكلوريت الصوديوم. من جهته، يقول نائب رئيس رابطة اتحاد منتجي ومسوقي الحرير الطبيعي سامح فؤاد «تربية ديدان القز من المشروعات البسيطة الملائمة للشباب لاسيما أن تكاليفها بسيطة، ويمكن تربيتها في ركن بالمنزل أو على السطح، والتكلفة الحقيقية تكمن في فهم المشروع وإتقان مراحله الإنتاجية، والرعاية الجيدة، والوقاية من الأمراض، والتعرف على طرق التسويق من خلال المزادات والكيانات التجارية التي تتم عبر تحالف المربين فيما يسمى الرابطة أو الاتحاد والتي تخاطب الشركات التي تتخذ من الحرير الطبيعي مادة في صناعاتها سواء كانت منسوجات أو مستلزمات طبية، وبالتالي تحمي الرابطة حقوق أعضائها المالية، وتوفر لهم البيض والمطهرات اللازمة لعملية التربية»، مشيرا إلى أن أهم الصعوبات التي تواجه المربين في مصر أنهم لا يلقون أي دعم من وزارة الزراعة التي تكتفي فقط بعمل مزاد شهري تحت رعايتها في المديريات بعاصمة كل محافظة، ولذا فإن المربين يعتمدون على أنفسهم في تعلم أساليب التربية والرعاية الصحية للديدان وتسويق منتجاتهم. نصف ساعة تبدو تجربة سمير أحمد مع تربية دودة القز مختلفة فبالرغم من أنه طالب في معهد حاسب آلي بمحافظة الشرقية؛ فإن تربية دودة القز استهوته عندما قرأ عن عوائدها المالية في موقع رابطة اتحاد منتجي الحرير في مصر، فتواصل مع الأعضاء، وتمكن من حضور دورة تدريبه بالقاهرة، وعاد بعدها ليقيم مشروعه وتدرج في الإنتاج وحصد الأرباح وصار يجني قرابة 1500 جنية شهريا. ويشير إلى أنه يسكن شقة صغيرة المساحة، إلا أن هذا لم يقف عائقا أمام طموحه في التوسع بالتربية، فقام بتصميم عدة رفوف خشبية فوق بعضها من أرض الغرفة إلى السقف بفاصل نحو 25 سم، وقام بتثبيتها في الحائط، كما لو كانت أرفف مكتبة وبوساطة سلم صغير يتولى رعاية الديدان وتزويدها بأوراق التوت مرة كل يوم، لافتا إلى أن المشروع لا يحتاج منه إلى نصف ساعة يوميا، ولذا فهو لم ينشغل عن مواصلة دراسته، مشيرا إلى أنه ينفق من عائدات المشروع على دراسته، ويساعد أسرته، ويدخر بعض المال كي يحقق حلمه بعد أن يتخرج في شراء قطعة أرض وعمل مزرعة كبيرة لتربية دودة القز وإنتاج كميات كبيرة من الحرير.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©