الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمان والقلق وجودة المعلومات

28 ابريل 2013 20:30
سواء تعلّق الأمر بالمستجدات اليومية أو المعلومات المعرفية، الأساسية والموسوعية والجديدة، ثمة نقص هائل وحاجة ماسة لحضور مرجعي ناطق بالعربية على الإنترنت وفي الفضاء الرقمي، فالانفتاح الشاسع ومصادره المليونية بعيداً عن معايير الجودة يتطلب في الحد الأدنى وجود مصادر أخرى ذات طابع معرفي علمي وموثوق، تشيع جواً مما يمكن أن نسميه الأمان المعلوماتي والمعرفي. استناداً لآخر التقارير المتداولة وصل معدل إنتاج العالم من البيانات في 2012 نحو 2.5 كونتيليون «1 و18 صفراً» يومياً بينها قسم كبير يأتي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث بلغ عدد الرسائل الإلكترونية يومياً أكثر من 144 مليار رسالة يومياً وعدد التغريدات 340 مليونا يومياً بينما قدرت البيانات على فيسبوك بـ684 ألف بايت يومياً في حين كان محرك البحث الأشهر جوجل يتلقى مليوني طلب بحث كل دقيقة. وفي كل دقيقة ينضم 571 موقع انترنت إلى الشبكة. في 2012 زاد عدد المواقع في العالم 51 مليوناً ليصل إلى 634 مليوناً يضاف إليها بضعة مئات ملايين المدونات. ومن كل هذا هناك حصة للغة العربية، لقد بلغت نسبة المحتوى العربي على الشبكة نحو3 % «2011»، البعض يعتبر ذلك غير مناسب لمكانة لغتنا مقارنة مع تقدم اللغات اليابانية والبرتغالية والإسبانية والألمانية عليها، وقد يرى البعض الآخر أنه ليس سيئاً مقارنة بواقع الحال الحضاري طالما أن العربية من بين اللغات العشر الأوائل. لكن ما يتطلب اهتماما أكثر هو طبيعة ونوعية هذا المحتوى، خاصة وأن تأثيره يتعاظم يوماً بعد يوم، على اعتبار أن الأمر يتعلق بنحو 90 مليون مستخدم عربي «نحو 25% من الناطقين بالعربية»، ومعظم هؤلاء يتواجدون على مواقع تواصل الاجتماعي، أي أنهم في الغالب الأكثر نشاطاً وطموحاً في بيئتهم وفقاً لما بيّنته العديد من الدراسات المتخصصة. من الصعب طبعاً رصد اتجاه هذا التأثير الذي يتطلب دراسات نفسية وتحليلية متوسطة وبعيدة المدى، لكن من المؤكد أنه لا يدعو للاطمئنان تماماً في ظل طوفان المصادر والبيانات بينما تغيب في المقابل وبشكل كلّي المصادر المرجعية في المعلومات المدققة، ولاسيما في الشق المعرفي والمعلومات الموثقة (أو البحتة). من غير المطلوب طبعاً الحد من أي طفرة التواصل ومن أي حريات، لكن محتوى الانترنت مشبع بالأقاويل والتصاريح والآراء والمنافع الذاتية والشخصية والسياسية، ومن هنا الإجماع على وسم معظمه بعدم الدقة أحياناً وبالسطحية أحيانا أخرى. قد ينطبق هذا على الكثير من المحتويات في العالم، ولكن ما يمّيز محتوى لغة عن أخرى هو توافر أو عدم توافر مصادر تتمتّع بالجودة والمصداقية «العلمية» ومتاحة للجميع. هذا الغياب هو الذي يؤدي مثلاً إلى تردد معظم الجامعات العربية في قبول المقالات المنشورة على الانترنت كمصادر للأبحاث المحكمة، أو يؤدي إلى تمضية ساعات من الوقت فقط من أجل التدقيق الذاتي في المعلومات المنشورة على الشبكة قبل أن نصدقها أو نعتمدها. يؤدي هذا الغياب أيضاً وحتماً إلى هدر وقت وطاقات الملايين، وسوف يعزّز في حال استمراره حالة من عدم الشعور بالأمان المعلوماتي ويخلق بالتالي حالة عامة من عدم الثقة داخل المجتمع. وريثما يتم ملء هذا الفراغ، وباستثناء المحادثة ومنازلات الخلافات السياسية وتبعاتها، لن يكون بالوسع الاستفادة من عصر المعلومات. فمن يبادر؟ وهل من أمل بذلك؟ barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©