الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

كأس العالم تدفن ذكريات التمييز العنصري إلى الأبد

كأس العالم تدفن ذكريات التمييز العنصري إلى الأبد
7 يوليو 2010 22:51
تأتي كرة القدم في جنوب أفريقيا بالمرتبة الثالثة على أحسن تقدير بعد الرجبي والكريكيت، وهي لا تحظى بالكثير من الاهتمام الرسمي، ويعتبر الرجبي والكريكت الأكثر شعبية في الجمهورية التي تستضيف كأس العالم لكرة القدم هذه الأيام وعلى وشك أن تحتضن المباراة النهائية لهذه البطولة الأحد القادم في “السوكر سيتي”. وعندما نقول إن النهائي سيقام في “السوكر سيتي” أو مدينة كرة القدم، فنحن نتحدث عن ملعب بدأت أعماله الإنشائية قبل ثلاث سنوات وذلك بغرض تجهيزه لكأس العالم، بينما كانت كرة القدم في السابق تقام في ملاعب كانت مخصصة بالأساس للرجبي وهي منتشرة بكثرة في البلد، كما أن عدد من الملاعب التي تم تخصيصها لكأس العالم والتي انفقت الدولة عليها الملايين في تجديدها وتجهيزها لاستضافة الحدث هي في الأساس ملاعب للرجبي. ولكي نعرف الأسباب التي تجعل كرة القدم لا تحظى بالشعبية الكبيرة كما هو في مختلف دول العالم وفي القارة الأفريقية بشكل خاص، يعود بنا إلى الوراء إلى أكثر من 100 عام عندما بدأت سياسة التمييز العنصري في هذا البلد والذي شهد اضطهاد الأغلبية من السود الذين يشكلون أكثر من 75% من عدد السكان مقابل 13% للبيض و11% للهنود والملونين. ومثلما هو متعارف عليه في جنوب أفريقيا حيث تعتبر الرجبي والكريكيت هما لعبتا البيض، بينما كرة القدم هي اللعبة التي يمارسها ويعشقها الأغلبية من السود، وفيما كان الحكم في يد البيض طوال تلك السنوات، فقد كانت كل الإمكانيات والتسهيلات تقدم لرياضتي الرجبي والكريكيت، بينما لم يكن الاهتمام مماثلاً لكرة القدم على اعتبار أن أغلبية الذين يمارسونها هم من الأكثرية المضطهدة بالأساس. وبعد التحول إلى الديموقراطية عام 1994، بدأ الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا يحاول هدم الفجوة التي كانت موجودة في الأساس بين البيض والسود، ولم يجد طريقاً أسهل من الرياضة لكي يحقق نجاحاً لم تكن كل المفاوضات السياسية أو غرف الاجتماعات بقادرة على تحقيقه، حيث بدأ يحضر مباريات الرجبي والكريكيت، كما كان يشجع مواطني بلاده من السود على الحضور في هاتين اللعبتين، وكذلك فعل البيض حيث بدأوا يحضرون مباريات كرة القدم وهو الذي جعل الرياضة تنجح فيما عجزت عنه السياسة، وبات مواطنو جنوب أفريقيا بمختلف ألوانهم يعرفون المعنى الحقيقي للوحدة ونبذ التمييز القائم على اللون والعرق. شهدت كأس العالم الحالية تحولاً كبيراً في المفاهيم حيث بدأ البيض يتوافدون بشكل أكبر إلى الملاعب لمتابعة البطولة، كما أنهم كانوا خلف منتخب جنوب أفريقيا الذي لا يضم في صفوفه لاعباً أبيضاً واحداً، كما كان الجميع يقفون بمختلف أشكالهم وألوانهم جنباً إلى جنب لتتحقق الأغراض التي كان يسعى إليها مانديلا والذي لا شك أنه يتابع المشهد وهو في غاية الرضا والسعادة بعد أن دفنت كأس العالم الذكريات الباقية من التمييز العنصري إلى الأبد. وقبل أيام أقيمت ندوة صحفية حضرها اليكس جاك رئيس الرابطة الوطنية للرجبي، ومارك فيش لاعب منتخب جنوب أفريقيا لكرة القدم السابق، حيث تحدثا عن المعاني الحقيقية التي أضافتها الرياضة بشكل عام وكأس العالم على وجه الخصوص إلى حياة المواطنين في جنوب أفريقيا. بدأ اليكس الحديث، وقال إنه في 1995 فازت جنوب أفريقيا بكأس العالم للرجبي، وكان هذا الحدث قد وحد جنوب أفريقيا بكل أعراقها وذلك للمرة الأولى منذ التحول إلى الديموقراطية عام 1994 حيث كان الفريق يضم 14 لاعباً أبيضاً ولاعبا أسوداً واحداً، مبيناً أن الأكثرية من البيض كانوا يمارسون الرجبي بينما كانت كرة القدم هي رياضة السود، ولذا فعندما قام السود بتشجيع منتخب الرجبي الذي يضم غالبية لاعبيه من البيض فقد كان تحولاً حقيقياً على أرض الواقع، وهو الذي لم تسنه القوانين أو الاتفاقيات، وكان هذا النجاح الأول في ملعب الديموقراطية الجديدة. وأضاف اليكس أن هذا يعود لحكمة الرئيس التاريخي نيلسون مانديلا الذي ذهب إلى الملعب وارتدى قميص منتخب الرجبي في جنوب زفريقيا. وأكد اليكس أنه خلال كأس العالم الحالية شاهد آلاف المشجعين البيض يرتدون قميص “البافانا بافانا” ويذهبون إلى الملعب لكي يقفوا خلف المنتخب الذي يمثل جنوب أفريقيا على الرغم من أن هؤلاء البيض قد لا يجدون في كرة القدم اللعبة المفضلة لديهم، وأضاف أنه لم يكن يتوقع أن يذهب المشجعون البيض لمؤازرة الفريق على اعتبار أن هذه الرياضة لا تستهويهم كثيراً كما أنهم يعتبرونها رياضة السود. وأشار أنه عرف من خلال كأس العالم الحالية أن شعب جنوب أفريقيا قد تغيرت مفاهيمه ووصلوا إلى مرحلة حقيقية من الوحدة في هذه الدولة، كما أنه رأى عائلات من البيض يتحدثون مع عائلات من السود عن كرة القدم وعن المنتخب الوطني وكان هذا هو العامل المشترك الأهم خلال الأيام الماضية. وقال إن هذا نجاح مهم ويحسب لـ”الفيفا” التي منحت جنوب أفريقيا شرف الاستضافة والفرصة الحقيقية لتوحيد كل طوائف الشعب خلف هذه البطولة، وكذلك لحكومة جنوب أفريقيا التي قامت بجهود جبارة وأنفقت الكثير من الأموال، مؤكداً أن هذا الشيء عاد بالنفع ليس فقط على البطولة ولكن للبلاد بشكل عام، كما أن الشرطة قامت بدور هائل على الرغم من الوضع الأمني الذي لم يكن مثالياً من قبل ولكنهم نجحوا في المهمة بشكل كبير. وقال اليكس إنه قبل الديموقراطية كانت الرجبي والكريكيت هي رياضات البيض، وذلك لأنهم يذهبون إلى مدارسهم الخاصة ويحصلون على ملاعب جيدة ومدربين جيدين وإمكانيات كبيرة كما يحصلون على رعاية من بعض الشركات الخاصة. وأضاف أنه عند الذهاب إلى المناطق الخاصة بالسود كان من الصعب مشاهدة أي تسهيلات رياضية وكانت الأماكن المزروعة بالعشب قليلة جداً والمدربون قلة وكانت الفرص محدودة، مشدداً على أن الفرق بين الفئتين كان كبيراً وواضحاً. وذكر أنه منذ بداية التسعينات بدأت سياسة الوحدة حيث بدأ بعض اللاعبين السود ينضمون إلى لعبتي الكريكيت والرجبي وذلك بعد عقود امضتها البلاد لم يكن يوجد فيها اتحاد رياضي واحد لا يطبق سياسات التمييز العنصري سواء في الرجبي أو الكريكيت أو كرة القدم. وتحدث مارك فيش نجم البافانا بافانا السابق وأحد اللاعبين البيض القلائل الذين مثلوا المنتخب بعد التحول إلى الديموقراطية أنه كان محظوظاً عندما كان صغيراً حيث ذهب إلى المدرسة الابتدائية ومارس كرة القدم وكذلك الرجبي والكريكيت وهذا أفاده عندما تحول الى التعليم الثانوي حيث لم تكن كرة القدم موجودة فمارس الرجبي. وأضاف أن هذا دفعه للذهاب إلى أحد الأندية لممارسة كرة القدم التي يعشقها وكان الفريق يضم مجموعة من اللاعبين السود وكان أصدقائه من البيض يحذرونه من الأماكن التي يخوض فيها المباريات في المناطق الخاصة بالسود وكان يخبرهم أنه يذهب لكي يلعب كرة القدم والناس الذين يحذرونه منهم جاءوا لكي يستمتعوا باللعبة التي توحد بين الناس. وأكد مارك فيش أن الوضع في كأس العالم الحالية مشابه لما كان عليه في 1996 عندما استضافت جنوب أفريقيا كأس أمم أفريقيا وفاز “البافانا بافانا” بلقب الكأس حيث كان المشجعون البيض يحضرون إلى المباريات لتشجيع الفريق، وبعدما كانوا لا يعرفون سوى لاعبي الرجبي فقد تمكنوا بعد تلك البطولة أن يتعرفوا على دكتور كومالو ولوكاس راديبي، مضيفاً أن هذا الشيء جعله يشعر بالفخر أنه لاعب كرة قدم، حيث أن الوحدة التي حدثت بين أبناء الشعب كانت أهم من الفوز بكأس البطولة. وأشار مارك إلى أن المنتخب كان حينها يمتلك لاعبين جيدين كما كان يقدم كرة قدم رائعة ولكنه يعتقد أن ذلك التكاتف بين أبناء البلد كان السبب الأول في التتويج بذلك اللقب، وكان اللاعبون يشعرون بالحماس الشديد عندما يشاهدون مواطنيهم بمختلف ألوانهم يرتدون قميص المنتخب وأن الطريقة التي كانوا يشجعون فيها الفريق كانت ظاهرة، واعتبر نفسه محظوظاً أنه عاش تلك التجربة الرائعة. كما قال مارك إن كأس العالم الحالية جذبت الجماهير بطريقة سحرية حيث في البداية كان الفريق في البطولة وكانت الجماهير تقف خلفه بطريقة رائعة ومن ثم عندما خرج الفريق لم تتوقف الجماهير عن الذهاب إلى الملاعب وكانت فرصة رائعة لهم أنهم شاهدوا على الطبيعة نجوم اللعبة أمثال ديفيد فيا وميسي وكاكا ورونالدو، كما أنهم باتوا يتحدثون بشكل موسع عن كرة القدم، وأضاف أن التحدي الأكبر الآن يكمن في كيفية الحفاظ على هذا المستوى من المتابعة الجماهيرية للعبة وكيفية استثمار إقامة كأس العالم والتوحد الذي حدث بين مختلف فئات المجتمع، مطالباً الجميع أن يكونوا على قدر التحدي وأن يضعوا أيديهم سوية من أجل جنوب أفريقيا. ويقول اليكس إنه عندما كان في المدرسة خلال مرحلة الستينات كانت كل المدارس للبيض وفي الابتدائية كانت كرة القدم موجودة ولكنها تمارس في نطاق محدود، وعندما ذهب إلى الثانوية فاللعبة التي تمارس هناك منذ ذلك الوقت وحتى اليوم هي الرجبي، وأرجع السبب في ذلك لأنه في السابق كانت كرة القدم تعتبر اللعبة الشعبية للسود وأن هذا هو السبب في أن فريق “البافانا بافانا” حالياً كله من اللاعبين السود، وأضاف أنه يجب أن يتم تعميم كرة القدم على كل المدارس لكي يتم ممارستها على نطاق واسع، ولابد من البحث عن وسيلة جاذبة تجعل البيض يتحولون تدريجياً من الرجبي لينخرطوا أكثر في ممارسة كرة القدم، مؤكداً أن هذه العملية قد تحتاج ست أو سبع سنوات لتؤتي ثمارها، مضيفاً أن أحفاده كانوا يتابعون الرجبي فقط والآن أصبحوا يحبون كرة القدم. أما مارك فيش فقال إن العملية مرتبطة بالحكومة التي عليها أن تضع الخيارات أمام الأطفال في المدارس لكي يختاروا اللعبة التي يفضلونها سواء كانت الرجبي أو الكريكيت أو كرة القدم. مانديلا الحكيم جوهانسبرج (الاتحاد) - قال اليكس إنه يحمل الكثير من الحب والاحترام والتقدير لنيلسون مانديلا الذي يتمتع بالكثير من الحكمة والقدرة على التفكير ويعتبره من أعظم الشخصيات التي ظهرت في العالم، ولكي يعطي الرجل حقه وما لا يعرفه الكثير من الناس أنه في 1995 وخلال كأس العالم للرجبي التي استضافتها جنوب أفريقيا وفي منتصف البطولة جاء إلى الملعب مرتدياً الزي الرسمي للفريق الوطني للرجبي ومعتمراً قبعته الخضراء، وفي تلك الليلة وفي حديث تلفزيوني مع إحدى المحطات قال اليكس إنه سعيد بحضور مانديلا إلى الملعب وأنه أعطى حافزاً مهماً للفريق. وأضاف أنه في اليوم التالي تلقى اتصالاً هاتفياً من مانديلا يطلب منه الحضور وتناول الغداء معه وبالفعل فقد ذهب، وقال له مانديلا إنه شاهد الحديث التلفزيوني وأخبره عن السبب وراء حضوره للملعب وأنه كان يريد أن يوجه رسالة إلى الأفارقة أن رئيس جنوب أفريقيا الأسود جاء ليشجع فريق الرجبي الذي يتكون من اللاعبين البيض وذلك لأنه يمثل جنوب أفريقيا. ميركل تنتزع إعجاب شخصيات سياسية كيب تاون (د ب أ)- لفتت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنظار ملايين من متابعي كرة القدم حول العالم بسبب حماسها الواضح خلال مباراة ألمانيا والأرجنتين في بطولة كأس العالم لكرة القدم في جنوب أفريقيا والتي انتهت بفوز ألمانيا بأربعة أهداف نظيفة. ونجحت ميركل خلال زيارتها القصيرة لجنوب أفريقيا لحضور المباراة في انتزاع الإعجاب على المستوى السياسي أيضاً. وأشادت زعيمة المعارضة في جنوب أفريقيا هيلين تسيله والتي تشغل أيضاً منصب رئيسة حكومة إقليم ويسترن كيب، بالمستشارة الألمانية وقالت إنها تتسم بـ”خفة ظل وروح ساخرة” بالإضافة إلى كونها شخصية متحمسة وصلبة. وأضافت تسيله المنحدرة من أصول ألمانية “إنها ببساطة إنسانة رائعة”. فخور بـ «البافانا بافانا» جوهانسبرج (الاتحاد) - قال مارك فيش نجم البافانا السابق عن منتخب بلاده إنه كان يشعر بالفخر على الرغم من عدم قدرة الفريق على التأهل إلى الدور الثاني، ولكنه قدم مستويات رائعة ومن الممكن استثمار هذه المشاركة في إصلاح الكثير من الأمور في المستقبل. وأضاف أن هذه البطولة أضافت الكثير لجنوب أفريقيا ومن الضروري استغلالها خلال الأيام القادمة من أجل المزيد من التوحد بين أبناء الشعب، وأنه أصبحت لدى الناس الكثير من الأمور الإيجابية والتي يجب التركيز عليها، وأن تكون قاعدة تنطلق منها رؤية العمل خلال الفترة المقبلة. وأكد فيش أنه إذا تم ذلك ومثلما حدث في كأس العالم للرجبي 1995، وكأس الأمم الأفريقية 1996، وكأس العالم الحالية فمن الممكن أن تحقق جنوب أفريقيا المعجزات.
المصدر: جوهانسبرج
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©